الزند يترشح للبرلمان ليتحصّن من اتهامات الفساد

الزند يترشح للبرلمان ليتحصّن من اتهامات الفساد

10 أكتوبر 2014
سيُعلن الزند رسمياً خلال أيام ترشحه (خالد الدسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

ينوي رئيس نادي القضاة، المستشار أحمد الزند، خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، وفقاً لما أكدته مصادر قضائية مقربّة منه، والتي أفادت أنه من المقرّر أن يعلن الزند ذلك بشكل رسمي وحاسم، خلال الأيام القليلة المقبلة، وأنه سيلتقي بعض المقربّين منه للتشاور بشأن الانتخابات وكيفية إدارتها.

وقد تزامن ذلك مع تدشين عدد من القضاة، ومن بينهم أعضاء بمجلس إدارة نادي القضاة، صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بعنوان "المستشار أحمد الزند رئيساً لمجلس النواب"، طالبوا خلالها الزند بالترشح للبرلمان، ليكون رئيساً لمجلس النواب.

ويهدف ترشح الزند للبرلمان إلى استمرار حصانته من المساءلة القانونية في العديد من القضايا ضده، والتي كانت بدايتها استيلاءه على أراضي الدولة منذ عام 2008، والتي كان يتولّى التحقيق فيها وزير العدل الحالي المستشار محفوظ صابر، خلال توليه رئاسة التفتيش القضائي وقتها، وكانت سبباً لخلاف بين الطرفين استمر حتى الآن.

فقد وجد الزند أن عمره في القضاء لن يتجاوز سنتين أو ثلاثا على أقصى تقدير، قبل بلوغه سن التقاعد، كما أن شعبيته انهارت تماماً في الآونة الأخيرة، وقد ظهر ذلك بوضوح في الجمعية العمومية الطارئة لنادي القضاة الأخيرة، التي عُقدت يوم الجمعة 12 سبتمبر/أيلول الماضي، والتي لم يحضر فيها سوى 50 قاضياً فقط.

ومن هنا فإن فرصه في الفوز في انتخابات نادي القضاة المقبلة والمقررة في مارس/آذار 2015، باتت ضعيفة، إذ وجد "الزند" نفسه أنه سيخسر كل شيء وسيواجه سلسلة الفساد التي تلاحقه، والتي كان آخرها تسهيل استيلاء أحد أقارب زوجته على أراضي الدولة عبر مخالفة القانون. فقرر خوض الانتخابات البرلمانية، بالتنسيق مع تحالفات سياسية ليضمن استمرار الحصانة لديه، أملاً في أن يجد دعماً من قبل الدولة، بعد أن عُرف بأنه "رأس حربة" قضاة الانقلاب العسكري، وهي الدورة التي تبلغ مدة ولايتها 5 سنوات، أي أكثر من عمره المتبقي في القضاء.

وتولّى الزند رئاسة نادي القضاة في بداية عام 2009، في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وكان يخرج دائماً ليؤكد أن النادي ما هو إلا نادٍ "خدمي" لأعضائه، ولا دخل له بالسياسة. علماً أنه لم يقل حرفاً واحداً تجاه الاعتداءات المتلاحقة من السلطة التنفيذية وقتها، على القضاة وأعضاء النادي، خصوصاً تيار "استقلال القضاة"، وتعرّضهم للاعتداء بالضرب والتربّص، على خلفية احتجاجهم على تزوير الانتخابات البرلمانية، تحديداً انتخابات 2010، التي شهد على تزويرها القاصي والداني من المراقبين والحقوقيين المحليين والدوليين، وكانت الشرارة في اندلاع ثورة 25 يناير 2011.

لم يتحدث الزند عن الاعتداءات ولا التزوير الذي مورس وقتها، ولا عمليات الإرهاب الممنجهة من الدولة بحق القضاة وإحالة عدد منهم للصلاحية، لمجرد اعتراضهم على تزوير الانتخابات، حتى قامت الثورة، وتحوّل الأمر، وأصبح الزند الرجل الأول في القضاء الذي يمارس السياسة بشكل علني.

وظهر اسم الزند بقوة في المشهد السياسي عقب ثورة 25 يناير، في واقعة تهريب المتهمين الأجانب إلى الخارج، في القضية التي عُرفت إعلامياً بـ"التمويل الأجنبي"، ونجح وقتها في التستّر على الواقعة، والإبقاء على المستشار عبد المعز إبراهيم رئيس محكمة استئناف القاهرة، والذي تورّط في القضية، وتدخل بشكل مباشر لتهريب المتهمين بتعليمات أمنية، وتقدم على إثرها بطلب للمجلس الأعلى للقضاء لإعفائه من منصبه بعد الفضيحة، إلا أن الزند أقنعه بالبقاء وسحب قراره بالتخلي عن منصبه، وحشد له أصدقاءه من القضاة ليكون ذلك حجة للإبقاء عليه.

وعقب ذلك دخل الزند في معارك ليس لها مبرر مع أعضاء مجلس الشعب السابق، وعقد مؤتمراً صحافياً أقسم فيه بأن القضاء لن ينفذ أي قرارات أو مشروعات بقوانين تصدر من مجلس الشعب، على الرغم من أنه في ذلك الوقت لم تكن المحكمة الدستورية العليا أصدرت حكمها بعدم دستورية مجلس الشعب.

ثم دخل الزند في صراع مباشر مع جماعة "الإخوان المسلمين" وتيار الإسلام السياسي، وقوى الثورة المدنية، وكان دائم الهجوم عليهم في كافة المحافل القضائية والتصريحات الصحافية والإعلامية، وكان دائم الترديد لعبارة "سنتصدى لأخونة الدولة وعملاء الخارج"، في إشارة منه للتصدي لقرارات الرئيس المعزول، محمد مرسي، وجماعة "الإخوان"، والتيار الإسلامي، والقوى الثورية في تطهير مؤسسات الدولة التي كانت مطلباً أساسياً لثورة 25 يناير.

فكان يحرّض على الدخول في إضراب مفتوح عن العمل ووقف العمل في مرفق القضاء بالكامل، عقب اتخاذ مرسي إعلانه الدستوري بإقالة النائب العام السابق المستشار عبد المجيد محمود، والذي كان مطلباً ثورياً أساسياً من مطالب ثورة 25 يناير، وكانت تُرفع اللافتات ضده في ميدان التحرير طوال الثورة. كما كان ينتقد أفعال الثوار بمطالبتهم بإقالة النائب العام وتطهير مؤسسات الدولة.
وكان الزند يقود التظاهرات على سلم دار القضاء العالي ضد النظام، بل وهدد بتعطيل جميع مرافق الدولة، ولجأ للاستقواء بالخارج من خلال عقد مؤتمر دولي بالتعاون مع الاتحاد الدولي للقضاء، للتدخل في الشأن المصري. كما دعا في عهد مرسي الرئيس الأميركي باراك أوباما، للتدخل في الشأن المصري، حيث قال وقتها في لقاء مسجل "أقول للرئيس أوباما إذا كنت لا تدري ما يحدث في مصر فتلك مصيبة، وإذا كنت تدري فالمصيبة أعظم، وأميركا التي رعت وترعى، عليها أن تتحمل مسؤوليتها في رفع هذا العبء عن كاهل الشعب المصري".

بل تطوّر الأمر إلى تحريض القضاة على اقتحام مكتب النائب العام وقتها، المستشار طلعت عبد الله، بالقوة في يوم 30 يونيو/حزيران 2013، ودعا إلى خروج القضاة لمشاركة المواطنين في التظاهرات ضد النظام الحاكم وقتها.

لم تتوقف تدخلات الزند في العمل السياسي ودعمه للثورة المضادة عند الانقلاب العسكري، بل كان "المهندس القانوني" لعملية مجزرة فض اعتصامي رابعة العدوية بمدينة نصر في القاهرة، والنهضة بالجيزة، إذ إنه التقى يوم الثلاثاء الموافق 13 أغسطس/آب 2013، ليلة فض الاعتصامين، بالنائب العام المستشار هشام بركات، وناقش معه الوضع القانوني لهذه العملية، وكيفية التحرك قضائيا عقب المذبحة ضد المجني عليهم.

واستمر "الزند" في مسلسل التدخل في العمل السياسي المناصر للانقلاب العسكري، وطالب قائد الانقلاب الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال فترة توليه وزارة الدفاع، بضرورة تشكيل مجلس حرب لمواجهة ما زعم أنه مخططات إرهابية، وأعمال عنف وتخريب، يرتكبها أنصار جماعة "الإخوان المسلمين"، بهدف تعطيل مرافق ومؤسسات الدولة.

كما توجّه الزند إلى قائد أركان حرب القوات المسلحة السابق الفريق سامي عنان، لإقناعه بالعدول عن فكرة الترشح للانتخابات الرئاسية ضد السيسي، وهي الواقعة التي اعترفت بها عدد من الصحف المؤيدة للانقلاب، وهو الأمر الذي تقدم على إثره قضاة ببلاغات عديدة ضد الزند بممارسة العمل السياسي، إلا أن وزير العدل الجديد محفوظ صابر عبد القادر لم يقم بالتحقيق في أي منها عندما كان يتولى منصب رئيس لجنة تأديب وصلاحية القضاة.

وأعلن الزند في الأيام الأخيرة تأييده الكامل للسيسي، بل والتدخل السافر للقضاء في العمل السياسي، حيث قال "السيسي دايس دايس. يا سيسي إدينا الإشارة نجبلك الإخوان على حمار"، دون أي تحرك من قبل المجلس الأعلى للقضاء أو رئيس لجنة التأديب والصلاحية الجديد.
وطالب بإسقاط الجنسية عن المصريين المؤيدين لمرسي، وباتخاذ إجراءات استثنائية في هذه الفترة، وأن تكون بديلاً عن القضاء العادي.

المساهمون