الردع الصهيوني مهدد: واشنطن تتراجع عن تزويد إسرائيل بالصواريخ

16 اغسطس 2014
تظاهرة تضامنية مع غزة في نيويورك (كينا باتنكور/Getty)
+ الخط -
حذّر ساسة ومعلقون إسرائيليون، من التداعيات الخطيرة لقرار الإدارة الأميركية، التراجع عن إرسال حمولة من صواريخ "جو ــ أرض" الى إسرائيل، بسبب استخدامها "قوة نار غير متناسبة وغير مبررة"، خلال العدوان على قطاع غزة.

وكانت صحيفة "هآرتس" كشفت في عددها الصادر، الجمعة، النقاب عن أن الإدارة الأميركية عطّلت إرسال شحنة من صواريخ "هيل فاير"، الى إسرائيل، عقب ما سمته الصحيفة بـ"يوم الجمعة الأسود"، الذي ارتكب فيه جيش الاحتلال، قبل أسبوعين، مجزرة في مدينة رفح.

وأشارت الصحيفة، إلى أن "المدفعية والدبابات والطائرات الإسرائيلية قصفت، في ذلك اليوم، بشكل مكثف الأحياء السكنية في رفح، عقب اختطاف الضابط هدار غولدين". وأشارت إلى أن "صور الدمار (المجزرة) أثارت حنقاً كبيراً في البيت الأبيض".

وبحسب الصحيفة، فإن ما فاقم الأمور سوءاً حقيقة أن جيش الاحتلال قام، بعد يومين، من المجزرة بقصف مدرسة تابعة لوكالة "الأونروا" الدولية، لجأ إليها آلاف الفلسطينيين الفارين من القصف، ما أدى إلى مقتل وجرح العشرات.

وقال النائب السابق لوزير الخارجية، وسفير إسرائيل في واشنطن، داني أيالون، إن "القرار الأميركي يعكس عمق توتر العلاقات بين القيادات السياسية في كل من واشنطن وتل أبيب". وشدّد على أن هذا التطور يشكل "خطراً استراتيجياً" على المصالح الإسرائيلية.

وفي مقال نشره موقع "واللا" الإخباري، أوضح أيالون، أن "بروز مظاهر تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة للعلن، يمس بقوة الردع الإسرائيلية، لأنه يمنح أعداءنا الانطباع بأن إسرائيل لم تعد تتمتع بالمظلة الأميركية".

وعلى الرغم من توجهاته اليمينية، إلا أن أيالون وجه حديثه الى دوائر صنع القرار في تل أبيب، "يتوجب على إسرائيل أن تدرك حجمها، وألا تتصرف كدولة عظمى في مواجهة الولايات المتحدة، حتى عندما تعتقد أن الإدارة الأميركية لا تدير سياساتها الشرق أوسطية بشكل حكيم، أو لا تفهم دوافع الأطراف الإقليمية الأخرى".

ولفت أيالون إلى أن "الشراكة الاستراتيجية مع واشنطن، تتضمن التعاون في المجال الأمني والاستخباري والتكنولوجي والاقتصادي". ونوّه الى أن "إسرائيل أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة في المنطقة، بعد السعودية".

واعتبر أنه "على الرغم من تعاظم مكانة إسرائيل لدى الولايات المتحدة، عقب ثورات الربيع العربي، وعلى الرغم من دور المنظمات اليهودية والجماعات المسيحية الأنغليكانية، في التأثير على السياسات الأميركية تجاه تل أبيب، إلا أن إسرائيل هي الطرف الأصغر، في العلاقة بين الطرفين".

وأشار إلى أن "الحلف مع الولايات المتحدة، يمثل مصلحة وجودية، بحيث أن فرص إسرائيل لمواصلة الوجود تتلاشى في حال انتهى هذا التحالف".

وأكد أن "الدعم السياسي الذي تمنحه واشنطن لإسرائيل في المحافل الدولية، لا سيما في الأمم المتحدة، هو الذي يحافظ على مكانة إسرائيل الدولية". وشدد على أن "حق النقض (الفيتو) الأميركي، يلعب دوراً مركزياً في تحقيق هذا الهدف".

وفي سياق متصل، حذر المعلق السياسي في صحيفة "هآرتس"، باراك رفيد، من أن "خطورة الخطوة التي أقدمت عليها الولايات المتحدة، قد تمثل نقطة تحول في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل، بحيث من المتوقع أن تتشدد واشنطن في فرض قيود على استخدام السلاح الذي تزوده لتل أبيب".

وفي مقال نشرته الصحيفة، أوضح رفيد، أن "القرار الأميركي يبرز الدور الذي لعبته الحرب على غزة، في تدهور مكانة إسرائيل الدولية وتعميق عزلتها الدولية، كما جاء القرار عقب قرار إسبانيا بوقف تزويد إسرائيل بالسلاح، وقرار بريطانيا تجميد 12 تصريحاً بتصدير السلاح لإسرائيل، علاوة على قرار الأخيرة إعادة دراسة سياسة تصدير السلاح الى إسرائيل".

ولفت إلى أن "ألمانيا أعلنت، قبل أشهر عدة، أنها لن تمنح تل أبيب ضمانات مالية لشراء سفن صواريخ متطورة، لحماية حقول الغاز المكتشفة حديثاً، بسبب انهيار جهود التسوية مع السلطة الفلسطينية وبسبب المستوطنات".

وذكر رفيد أن "الحرب على غزة أثبتت أن تصعيد الصراع مع الفلسطينيين يهدد الأمن القومي الإسرائيلي، في حال تزامن مع جمود في الجهود السياسية الهادفة الى حل الصراع". وشدّد على أن "هذا الواقع يفرض على الحكومة الإسرائيلية تحركاً سياسياً شاملاً لحل الصراع مع الفلسطينيين".

وعلى الرغم من أن كبير المعلقين في صحيفة "يسرائيل هيوم"، دان مرغليت، يحمل الإدارة الأميركية مسؤولية المس بمصالح إسرائيل الحيوية خلال الحرب على غزة، إلا أنه يجزم أنه ليس بوسع تل أبيب التضحية بالعلاقة مع واشنطن.

وأوضح مرغليت أن "إسرائيل بحاجة للولايات المتحدة، لا سيما في ظل اقتراب الحسم بشأن برنامج إيران النووي في محادثات جنيف".

وحمّل مرغليت الإدارة الأميركية المسؤولية عن تشجيع حركة "حماس" على إبداء ما سماه "مواقف متطرفة، عندما حاول وزير خارجيتها، جون كيري، دعم المبادرة القطرية ــ التركية".

ونوه مرغليت إلى أن هامش المناورة المتاح أمام إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما محدود بفعل الدعم القوي الذي تحظى به إسرائيل في الكونجرس، لا سيما في ظل الانتقادات الداخلية التي تواجه أوباما، بشأن نمط إدارة شؤون الحكم داخلياً وخارجياً.

المساهمون