الديكتاتورية وكأس العالم(11): صرخة موندياليتو بداية النهاية في الأوروجواي

الديكتاتورية وكأس العالم(11): صرخة موندياليتو بداية النهاية في الأوروجواي

12 يونيو 2014
منتخب الأوروجواي في بطولة الكأس الذهبية(أرشيف/GETTY)
+ الخط -

قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، احتفالاً بمرور نصف قرن على انطلاق بطولة كأس العالم، تنظيم بطولة تحت مسمى "الكأس الذهبية" أو "المونديال المصغر" على أرض أوروجواي، أول بلد استضاف الحدث عام 1930، لكن الفكرة سرعان ما اختفت بعدما كانت بمثابة صرخة ضد الديكتاتورية في البلد اللاتيني.

وأقيم المونديال المصغر في الفترة بين ديسمبر/كانون الأول 1980 ويناير/ كانون الثاني 1981، في أوج الحكم القمعي في أوروجواي، حيث امتدت فترة الديكتاتورية بين عامي 1973 و1985. واشتركت بالبطولة ستة منتخبات، خمسة من أبطال العالم في النسخ السابقة من المونديال (أوروجواي - الأرجنتين - إيطاليا - البرازيل - ألمانيا)، بينما شاركت وصيفة آخر بطولتين هولندا على حساب إنجلترا التي اعتذرت عن الحضور.

ولم يكشف الموقع الالكتروني لـ"الفيفا" عن أي تفاصيل تتعلق بتلك البطولة، كما لو كان يتنصل عمداً من مسؤوليته، في المقابل لا تعترف أوروجواي بها رغم فوزها باللقب. افتتح البرازيلي جواو هافيلانج رئيس الفيفا آنذاك البطولة في حضور كبار المسؤولين العسكريين في أوروجواي، وعلى رأسهم رئيس البلاد المعين من قبل الجيش بعد الانقلاب أباريسيو مينديز.

لم تكن متعة كرة القدم هدف هافيلانج من تنظيم البطولة، بل كان الربح المادي في المقام الأول وجذب اعلانات واستثمارات، ففكرة تجميع أفضل ستة منتخبات في العالم في بطولة واحدة في عيد ميلاد المونديال الـ50 كانت مغرية اقتصادياً.

في المقابل، عقد رئيس "الفيفا" اتفاقاً مع المسؤولين العسكريين في أوروجواي، وأقنعهم بأن من شأن البطولة أن "تلمّع" صورة النظام في الخارج، وإعطاء صورة للأجواء الودية الطبيعية في أوروجواي على نقيض ما يشاع حول وجود انتهاكات لحقوق الانسان وقمع للمعارضة.

وحظي المونديال المصغر بدعم قادة الانقلابات العسكرية والديكتاتوريات في أميركا الجنوبية إبان حقبتي السبعينيات والثمانينيات، كما أيده وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق هنري كيسنجر الصديق الأوفى لطغاة القارة، والذي كان له دور خفي في فوز الأرجنتين بمونديال 1978 على أرضها في فترة الديكتاتور خورخي فيديلا أيضاً.

وجمع نهائي البطولة بين الأوروجواي والبرازيل في تكرار لنهائي "ماراكانا" 1950 ، حينها كان نجم "السيليساو" سقراطيس، المعروف بميوله الثورية وتشجيعه للديمقراطية، قد اجتمع مع زملائه وأخبرهم بضرورة التركيز في لعب الكرة فقط، وعدم قبول أي دعوة من المسؤولين العسكريين في الأوروجواي للمشاركة في أي فعاليات رسمية تهدف إلى تحسين سمعة النظام الحاكم.

وفيما فاز على ملعب "سينتيناريو"، "السيليستي" بهدفي باريوس وفيكتوريانو، مقابل هدف وحيد لمنتخب "السامبا" سجله سقراط، وبينما أظهر الديكتاتور مينديز ابتسامة ناصعة مبتهجاً بالانتصار، فوجئ بهتافات مرعبة هزت المدرجات "ستنتهي قريباً.. الديكتاتورية العسكرية".


وحاولت الفرقة الموسيقية العسكرية من خلال العزف التعتيم على أصوات الجماهير، لكن مينديز طلب ترك الهتافات تدوي وألا يستفز الموسيقيون الجماهير لكيلا يتطور الأمر إلى مظاهرات احتجاجية خارج إطار الملعب لتعم الشوارع.

لكن ما حدث هذا اليوم لم يكن نهاية للديكتاتورية في الأوروجواي، بل كان متنفساً عبر كرة القدم لكل من عانى أو عرف شخصاً آخر عانى من التعذيب والسجن أو تعرض للاختفاء القسري أو القتل، وكانت بادرة على انقضاء تلك المحنة بعد بضع سنوات.

المساهمون