الدولة تُفسح القاعدة تتقَدم

11 يونيو 2014
+ الخط -
تتخذ القاعدة من اليمن أرضًا خصبة، ومناسبة للبقاء والانتشار، كذلك للتوسع والاستقطاب الداخلي والخارجي، وذلك من نتائج الواقع العاطفي والديني الذي يعيشه الشعب اليمني؛ أيضاً، بسبب التراجع الأمني؛ ولأن أجهزتنا الأمنية والعسكرية تقليدية غير محدثة، وبعيدة عن تكنولوجيا المعلومات، لذا جعلت القاعدة من شعاراتها وسيلة لاستعطاف الناس، باستغلال الطابع الديني والشرعي الذي يغلب على خطابها.

القاعدة توجد في كل أنحاء اليمن، وتنتشر بكل حرية وسهولة، ولديها عملاء في كل مؤسسات الدولة، عسكرية أو مدنية، هذه حقيقة يجب أن نتعامل معها مهما كانت مؤلمة. الكلام عن أن القاعدة مجرد تابع لمخابرات أو شخوص معينين مجرد نسج خيال، لأن هناك قاعدة مخترقة ويستخدمها الطواغيت، لخدمة أغراضهم الذاتية والأنانية؛ ولكن، ليس بالقدر الذي يجعلنا نؤمن أنها بكليتها كذلك.

تتهرب الدولة اليمنية، دائماً، من القيام بواجبها تجاه خطر القاعدة، بالقول إنها، أي القاعدة، هينة وسهلة الاستهداف، إلى الحد الذي يجعل الدولة تتعامل مع إرهاب القاعدة بنوع من الاستخفاف والتهاون المتعمد. لكن لو أن الدولة تعاملت مع خطر القاعدة من منطلق مسؤول، لكانت، على الأقل، قد سخرت قدرتها الأمنية الحديثة لمحاربة القاعدة. لكنها في كل مرة، وفي كل عملية للقاعدة، تمنحها غطاء أوسع وحرية أشمل، لينطلق عناصرها، مزودين بكل المعلومات والوثائق السرية التي تُهدد أمن دولة بأكملها؛ وأيضًا تمنحهم التعاطف الشعبي بقبح تعاملها اللامسؤول.

لم تفشل القاعدة أبدًا في كل عملياتها، التي تستهدف الدولة عسكريًا، واقتصاديا، ولو واحدة، هي ذاتها القاعدة التي تتعامل معها الدولة بنوع من الانتهازية، وبشكل فج، يجعلان من جيشنا مجرد أهداف سهلة المنال، وضحية تقدمها الدولة على مذبح فشلها الواضح، الذي ندفع نحنُ الشعب ضريبته، حالنا حال عناصر الخط الأمني بكاملة في البلاد.

نلمس في اليمن انقسام الصحافة التقليدية بين رأيين، أحدهما ارتمى في حضن القاعدة، وأصبح ذراعاً أمنياً مهماً لديها، لا تثق إلا به، ليمدها بكل ما يخص الواقع الصحفي من معلومات عن أشخاص، أو جهات، أو جماعات. هؤلاء أخطر من القاعدة؛ لأنهم يتلبسون بشرف الصحافة زورًا وبهتانًا، لكنهم في حقيقة الأمر، أدوات صحفية متطرفة، تنتمي للكهف الذي تنطلق منه القاعدة، ومهمتهم التدليس والتبرير لجرائم القاعدة. بينما الاتجاه الآخر، يعبر عنه صحفي تحركه عاطفته وانتصاره لحماسة ذاته، فأكثر شيء يمكن أن يقوله، أو يحلله، هو وصف القاعدة أنها تابعة لهذه الجهة أو تلك، بما في ذلك تبعيتها للمخابرات العالمية، لينتهي به المطاف إلى نسيان كل ما يخص هذا الشأن، فلا هو انتصر لعاطفته اللحظية، ولا هو أنصف ذاته وشرف المهنة التي يدعيها. في حين أن قليلين من يوضحون للناس خطر القاعدة الحقيقي، وأصواتهم معدومة، أو مغيبة، بفعل فاعل، أو بفعل أيديهم، خوفًا على حياتهم من إرهاب القاعدة المُحتمل، أو تناسياً للأمانة المحملة في أعناقهم.

يمكن القول، إن وجود القاعدة، أو الإبقاء عليها بهذه الطرق المؤلمة، هو خطر مُحدق بنا وباليمن وطناً وإنساناً، إذ إن تركها والتهاون مع وجودها وانتشارها، يُهدد كل ما من شأنه أن ينقلنا وبلادنا إلى الأمام. هذا ما يُخيف هؤلاء الإرهابيين، الذين ينتهكون السياحة والاقتصاد، بذريعة البحث عن تطبيق شريعة الله، التي يسلخونها عن أصولها كل يوم بشكل مسيء. إن التهاون مع فكر كالقاعدة، لهو تهاون بأرواح جنودنا الضحايا، وجيشنا الأسير، الذي يقتلونه مرتين؛ مرة من قبل القاعدة، وأخرى بسكاكين استخفاف الدولة.

القضاء على القاعدة والتطرف الإرهابي واجب منوط بالجميع، والكل مسؤول عن محاربته وتجفيف منابعه، الدولة تتحمّل المسؤولية العُظمى في تجفيف منابعه، وملاحقته، ومطاردته في كل مكان. هذه رسالة صادقة لوزارة الداخلية والدفاع أن ارحموا يمننا، ولتكن مسؤوليتكم نابعة من ضمير يُحرككم، لتحدّثوا أجهزتكم الإلكترونية في تعقب هؤلاء المتطرفين، ولا تكفي أبدًا التشديدات الأمنية التي هي مطلوبة على كل حال.

 
avata
avata
إبراهيم عبد القادر (اليمن)
إبراهيم عبد القادر (اليمن)