الخصخصة في العراق: محاصصة الموارد مذهبياً

08 فبراير 2016
احتجاجات في العراق ضد الفساد (أحمد الربيعي/ Getty)
+ الخط -
بدأ العراق خطواته الأولى في تنفيذ الخصخصة عبر بيع بعض مشاريع وزارة الكهرباء إلى شركات محلية وأجنبية، وسط تحذيرات أطلقها المختصون، كون البلاد غير مهيأة في الوقت الراهن لهذه المشاريع، على اعتبار أن مرافق الدولة المهمة ستباع بأسعار زهيدة للسياسيين المتنفذين.

إذ تبرر الحكومة العراقية مثلاً اللجوء إلى خصخصة قطاع الكهرباء، بالفشل الذريع في إدارة هذا القطاع، فبعد 12 عاماً، وصرف أكثر من 40 مليار دولار لايزال التقنين الكهربائي مستمراً. وقال المتحدث باسم وزارة الكهرباء، مصعب المدرس لـ"العربي الجديد"، "تعتبر الخصخصة إحدى الحلول لإنهاء أزمة الطاقة في ظل تخفيض التخصيصات المالية لوزارة الكهرباء، وعدم إطلاقها من قبل وزارة المالية، مما أدى إلى ضعف في تجهيز الطاقة الكهربائية"، مضيفاً أن "التوجه الحكومي حالياً يتمثل نحو الخصخصة والاستثمار".
كما أكد أن "وزارة الكهرباء اتجهت لخصخصة قطاع توزيع الطاقة الكهربائية، وتتمثل الشروط الخاصة بالخصخصة في الصيانة ودفع رواتب 80% من العاملين والحصول على أجور الجباية ونصب مقاييس ذكية".
في المقابل، حذر الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، من اللجوء إلى الخصخصة في الوقت الراهن. وقال لـ"العربي الجديد"، إن "السياسيين يعملون منذ عشرة أعوام على الخصخصة، لأنهم طامعون في الأراضي التي تقام عليها المصانع والمؤسسات الحكومية، وهدفهم ليس إنقاذ الصناعة أو الكهرباء"، مشيراً إلى أن "السياسيين أفشلوا مؤسسة الجلود التي كانت المنتج المتميز في دول المنطقة، بهدف السيطرة على أراضيها".
ولفت إلى أنه "لا يوجد أي أسس اقتصادية سليمة للتحول نحو اقتصاد السوق، خصوصاً أن السياسيين يريدون فرض هيمنتهم على القطاع العام، عبر الخصخصة في الظرف الحالي، بعدما شغلوا الناس بالحرب على داعش، والأزمة المالية وعدم وجود رواتب وتهديدات سد الموصل وغيرها حتى يتمكنوا من العمل بصمت".

وأوضح أن الانتقال إلى اقتصاد السوق ليس سوى عملية يريدها السياسيون من أجل تحقيق مآربهم الخاصة، خصوصاً أن الدستور حدد في المادة 25 أن الدولة تتكفل بإصلاح الاقتصاد العراقي وفق أسسٍ اقتصاديةٍ حديثة، وبما يضمن استثمار كامل موارده، وتنويع مصادره، من دون أن يذكر اقتصاد السوق، أو المشاركة مع القطاع الخاص.
وبين أن "استراتيجية القطاع الخاص التي أطلقتها الحكومة العام الماضي في مراحلها الثلاث والتي تستمر إلى 2030، تؤكد أن الحكومة مهيمنة عليها".
بدوره، أكد الخبير الاقتصادي العراقي سجاد عواد، أن الخصخصة في العراق تعتبر من أبرز الشروط المطلوب تنفيذها وفق قرارات صندوق النقد الدولي. وقال عواد لـ"العربي الجديد": "لا شك في أن الخصخصة في العراق اليوم ليست مطبقة بالشكل المطلوب، حيث يتم بيع شركات ومؤسسات القطاع العام للسياسيين الطفيلين لتحقيق مكاسب شخصية، الأمر الذي يؤدي إلى مصادرة القرار في البلد، بالإضافة إلى تقسيمها على أساس طائفي كما هو معتاد منذ عام 2003".
وأضاف عواد أن الحل يكمن في إصلاح القطاع العام والقضاء على الفساد المالي والإداري، لأن الخصخصة ستؤدي إلى الاحتكار وسيتضرر المواطن منها بشكل أساسي".

ولكن، بحسب عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، حسام العقابي، فإن القطاع العام أخفق في تحقيق التنمية الاقتصادية في السنوات الأخيرة، وذلك بسبب الفساد المالي والإداري المنتشر في المؤسسات، ولذا بدأت الدولة العراقية تفكر بخصخصة نحو 40% من مؤسساتها في القطاعات الزراعية والصناعية والخدمية.
وقال العقابي لـ "العربي الجديد": "تطلب الدولة العراقية بعض الشروط لتطبيق الخصخصة، منها أن يوفر القطاع الخاص الضمان ورواتب تقاعدية للعاملين"، مشيراً إلى أن "التوجه للخصخصة يؤدي إلى الحفاظ على العملة الصعبة داخل البلد بعد زيادة تهريبها في السنوات الأخيرة". وأكد أن "القطاع العام لا يزال مترهلا جداً، حيث يضم ما يقارب ثلاثة ملايين موظف، والإنتاجية ضعيفة، كون الموظف لا يؤدي مهامه بالصورة الصحيحة، وعند تحويله إلى القطاع الخاص سيحسن من إنتاجيته".

اقرأ أيضاً: اقتصاد المناطق العراقية المطوقة.. نحو البدائية
المساهمون