الحوثي وصالح واستخدام المدنيين

الحوثي وصالح واستخدام المدنيين

08 فبراير 2016
+ الخط -
ميليشيا الحوثي وعلي عبدالله صالح منذ اجتياحها صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، والتمدد إلى مناطق أخرى، مارست أبشع الجرائم في انتهاك القانون الإنساني الدولي، عبر سلسلة من جرائم الحرب، أبرزها استهداف المدنيين، واتخاذهم دروعاً بشرية، واحتلال المرافق العامة، ففي صنعاء، يتم استخدام المدنيين والمنشآت متارس ودروعاً بشرية للميليشيا، كما حدث في دار المكفوفين بصرياً. وفي تعز، تقصف ميليشيا الحوثي وصالح المستشفيات والمدارس.
من تقرير لمنظمة هيومن رايتس واتش، يتبين أن ميليشيا الحوثي في اليمن عرّضوا، بشكل غير شرعي، مدرسة للمكفوفين في صنعاء لخطر شديد، بوضع قواتهم فيها. وبالتمعن في التقرير، نجد حجم الإجرام الذي يمارس ضد المدنيين، خصوصاً ذوي الإعاقة، حيث يصعب عليهم، أكثر من غيرهم، الفرار من مناطق القتال المحتملة، وحصولهم على الغذاء والدواء، المتوفرين أصلاً بكميات قليلة. وبالاستماع إلى شهادة مدير المركز، يتبين أنه عندما بدأ النزاع مع التحالف، أنشأت جماعة الحوثيين مكتبا لها في الطابق الأرضي لمبنى روضة الأطفال، كما وضعت حرّاساً عند مدخل المجمع، وعُلقت الدراسة.
وبلغت انتهاكات الميليشيات بحق المختطفين حد استخدام بعضهم دروعاً بشرية، في أماكن تخزين السلاح، أبرزها في جبل هران في مدينة ذمار، والذي استهدفه طيران "التحالف العربي" في مايو/أيار الماضي، حيث تعمدت مليشيا الحوثي وصالح وضع عدد من المختطفين في الموقع العسكري في المدينة، من أجل منع طائرات التحالف من قصفه. وقد سجلت بعض منظمات حقوق الإنسان ثلاث حالات اختطاف، ارتكبت بحق مواطنين يمنيين، من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتعرّض أحدهم للتعذيب، ثم جرى استخدامه مع مختطفين آخرين دروعاً بشرية.
في تعز، مثلا، والتي تشهد حصاراً خانقاً منذ أكثر من أربعة أشهر، استخدمت الميليشيات المدارس والجامعات والمنشآت العامة والحكومية والمرافق الصحية مخازن أسلحة ومواقع عسكرية لميليشيات الحوثي وصالح، كما الحال في مستشفى اليمن الدولي وغيرها، كما نشرت الميليشيات المدفعية والدبابات في بعض المدارس وباحات الجامعات التي تقصف الأحياء السكنية في تعز، ما يدفع القوات الشرعية والمقاومة إلى الرد على مصدر النيران. وأقدمت الميليشيات، في مناطق عدة من اليمن، على تخزين الأسلحة في مرافق صحية وعامة والجامعات والمدارس ومؤسسات تربوية، واتخاذها تلك الأماكن لقصف المدنيين والقوات الشرعية.
يعتبر استخدام وجود المدنيين لحماية الميليشيات المسلحة أو جعل مناطقهم في مأمن من الهجوم جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، لا تسقط بالتقادم، كون هذه الأفعال تعد انتهاكاً صارخا لقواعد القانون الإنساني الدولي ومواثيق حقوق الإنسان. وللأسف، لا نجد أي استنكار واضح، وأستغرب من الصمت الدولي تجاه ما يتعرض له المدنيون في اليمن، وتعريض حياتهم للخطر، إذ يجب محاسبة الميليشيات، وتضاف هذه الجرائم إلى سجل الميليشيات الحوثية الحافل بجرائم الحرب.
ومن واجب قوات "التحالف العربي" أن تأخذ بالاعتبار المواقع التي تستخدمها ميليشيا الحوثي وصالح للمدنيين دروعاً بشرية، وعدم استهداف المناطق التي يعتقد وجود مدنيين فيها، حتى لو كانت عسكرية، طالما أنها ستؤدي إلى الإضرار بالمدنيين، حيث لا تميز القذائف بين أفراد الميليشيا والمدنيين الأبرياء.
مازالت المساعدات الإنسانية خارج مدينة تعز، وترفض ميليشيا الحوثي وصالح السماح للمساعدات الإنسانية من دخول المدينة، وعلى مرأى ومسمع الجميع، ولا نرى أي تحرك جاد من منظمات حقوق الإنسان العالمية، أو حتى من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حيث أنه وصل الحال بميليشيا الحوثي وصالح إلى استخدام الاختطافات والإخفاء القسري، أحياناً، وسيلة ابتزاز وجلب الأموال، حيث يُطلب من الأهالي دفع مبالغ مالية مقابل الإفراج عن أبنائهم المختطفين، أو معرفة مصيرهم.
كحقوقيين، ليس هدفنا فقط توثيق هذه الانتهاكات، بل نسعى إلى أن تكون على طاولة جلسات المحاكم الدولية التابعة للأمم المتحدة، والتي لا بد أن تعالج أوضاع المختطفين والمخفيين قسراً، لوقف العذاب المستمر والجرح النازف، ومحاسبة جماعة الحوثي وصالح عن كل الأفعال التي تعتبر "جريمة ضد الإنسانية" لا تسقط بالتقادم، وتقديمهم للعدالة.
4A6D47C4-4F60-486E-A508-2A21A43174C7
4A6D47C4-4F60-486E-A508-2A21A43174C7
باسم العبسي (اليمن)
باسم العبسي (اليمن)