الجرائم الإلكترونية بالأردن...تعديلات قانونية تثير جدلاً بسبب خطاب الكراهية

الجرائم الإلكترونية في الأردن...تعديلات قانونية تثير جدلا بسبب "خطاب الكراهية"

09 نوفمبر 2017
+ الخط -

تشعر وزيرة الثقافة السابقة والرئيسة التنفيذية لجمعية تضامن الحقوقية أسمى خضر، بالقلق جراء احتمالات إساءة استعمال مادة خطاب الكراهية التي جاءت ضمن نص مشروع قانون الجرائم الإلكترونية الأردني المعدل.

ويتضمن القانون إيجابيات مثل تعزيز الحماية للأطفال والنساء، إلى جانب تغليظ العقوبات في جرائم الابتزاز والاحتيال الإلكتروني، "إلا أن إضافة مادة جديدة تجرّم "خطاب الكراهية"، دون تفنيد وألفاظ واضحة ومحددة لما يمكن أن يندرج تحت تعريف ماهية خطاب الكراهية، بالإضافة إلى استخدام ألفاظ عامة لوصف خطاب الكراهية من دون توضيح للحالات التي يمكن أن تندرج تحته"، استدعى مخاوف حقوقية بحسب خضر.

ونشر مشروع القانون الذي قدّمته الحكومة ممثلة بوزارة العدل على موقع ديوان التشريع والرأي في الخامس والعشرين من سبتمبر/أيلول المنصرم، وانتهت فترة التعليق عليه، وجاءت إضافة خطاب الكراهية إلى القانون عقب إفصاح رئيس ديوان التشريع والرأي نوفان العجارمة عن اتجاه الحكومة إلى تقديم مشروع قانون يجرم خطاب الكراهية، خلال تصريحات صحافية في سبتمبر الماضي، على خلفية اغتيال الكاتب الأردني ناهض حتّر.

ويعرّف مشروع القانون خطاب الكراهية في البند الرابع من المادة الأولى، بأنه: "كل قول أو فعل من شأنه إثارة الفتنة أو النعرات الدينية أو الطائفية أو العرقية أو الإقليمية أو التمييز بين الأفراد والجماعات" ويعاقب مشروع القانون كلا من الناشر ومن أعاد النشر لما يندرج تحت خطاب الكراهية، بالحبس مُدّة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف دينار أردني (7051 دولارا أميركيا) ولا تزيد على عشرة آلاف دينار أردني (14102 دولار)، بموجب المادة (10) من مشروع القانون.


لماذا يخشى الحقوقيون تعديل القانون؟

في ظل عدم وجود أطر محددة لخطاب الكراهية واستخدام ألفاظ عامة في التعريف، يتخوف الحقوقيون من إساءة استخدام البند الذي يتعلق به، إذ اعتبرت المحامية أسمى خضر، أن استخدام ألفاظ فضفاضة في تعريف خطاب الكراهية قد يؤدي إلى إساءة استخدام هذا البند، داعية إلى ضبط المصطلحات في القوانين.

وتوضح خضر في حديثها لـ "العربي الجديد"، أن هناك خطاً رفيعاً بين حرية الرأي والتعبير وبين ما هو تحريضي ويحمل معنى الكراهية، مشيرة إلى أن كل ما يصبّ في إطار النقد الموضوعي وهدفه الصالح العام، دون أن يمسّ الحياة الشخصية أو الخصوصيات أو كرامة الإنسان فهو تعبير عن الرأي، ولا يندرج تحت خطاب الكراهية.

النشر وإعادة النشر..فعل مجرّم

يؤكد رئيس ديوان التشريع والرأي (هيئة حكومية تتبع رئاسة الوزراء) نوفان العجارمة، أن تنامي خطاب الكراهية مؤخرا استدعى من المشرّع وضع تشريع جديد وعقوبة.

وبحسب العجارمة فإن قانون الجرائم الإلكترونية لعام 2010 يحتوي على ثغرات عديدة، ما استلزم تعديله، ويركز مشروع القانون المعدّل على تغليظ العقوبات، لمعاقبة الفاعلين، وردع العامة، بالإضافة إلى تضمينه موادّ تجرّم الابتزاز والاحتيال والذمّ والقدح والتحقير، وفقاً لرئيس ديوان التشريع والرأي.

ويعتبر العجارمة أن القانون المعدل ينظم حق التعبير ولا يقيده، "إلا إذا حدث تطاول فيصبح جرماً لا بدّ من محاسبة مرتكبه في حال اشتكى المتضرر"، على حدّ قوله، مؤكداً أن حق المواطن باللجوء إلى القضاء هو حق دستوري، والقاضي من يقوم بتكييف القضية والفصل فيها.

ولا يفرق القانون المعدل بين الناشر الأصلي ومن أعاد النشر، على اعتبار أن إعادة النشر تعدّ نشراً، مما يضع من يقوم بإعادة نشر أو مشاركة مضمون ما في واجهة المساءلة.


مخاوف وتساؤلات

استناداً إلى قانون العقوبات الأردني، فإن إسقاط الحق الشخصي يُسقط الحق العام ويغلق ملف القضية، بينما لا يسقط الحق العام حتى وإن أقيم الصلح بين المشتكي والمشتكى عليه، ويمكن للقاضي السير بالدعوى، استناداً لمشروع القانون المعدل للجرائم الإلكترونية، مما يثير تساؤلات الحقوقيين حول مصير القضايا وآجالها.

وتبدي المحامية أمل العمري قلقها من التشجيع على التكسّب، وخاصة أن قيمة التعويضات المادية في قضايا الذم والقدح والتحقير ونشر محتوى تحريضي عالية، قائلة "قد يلجأ بعضهم إلى رفع قضية بهدف الحصول على تعويض".

وتعاملت وحدة الجرائم الإلكترونية التابعة لإدارة البحث الجنائي في الأمن العام الأردني مع 2313 قضية جريمة إلكترونية في عام 2015، بينما ارتفع عدد القضايا إلى 3800 قضية عام 2016.


خلق خطاب الكراهية

"خلال السنوات الخمس الأخيرة ازداد حضور المجتمعات العربية بشكل كبير على شبكات التواصل الاجتماعي، كما تضاعف المحتوى العربي المنشور عبر الإنترنت نحو سبعة أضعاف، وأصبح النشر والتدوين العربي متسارعا، وصاحب هذا التحول بروز مشاكل وعلل على المستوى الاجتماعي والسياسي بين الأفراد والجماعات"، كما جاء في البيان الختامي لمؤتمر "خطاب الكراهية ووسائل الإعلام العربية" الذي عقده معهد الإعلام الأردني العام الماضي.

ويرى الباحث وأستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت الدكتور محمد أبو الرب أن خطاب الكراهية في الإعلام الاجتماعي يتزايد بسبب اتساع مساحة الاستعراض على هذه الشبكات، إذ إن المساحة الممنوحة لكل مستخدم على الإنترنت دفعت الكثير من جمهور وسائل التواصل الاجتماعي لتجاوز الحدود الأخلاقية والقانونية، والخلط بين حرية التعبير والتعدي على الخصوصيات أو الحطّ من الكرامة الإنسانية دون وعي وإدراك كاف، بحسب أبو الرب، الذي يرى أن معايير الفصل بين حرية الرأي وخطاب الكراهية تتمثل في الابتعاد عن التجريح أو الشتم أو الذم أو القذف أو التحقير أو المسّ بالكرامة الإنسانية.