الجامع العمري الكبير... أقدم مساجد الجنوب

الجامع العمري الكبير... أقدم مساجد الجنوب

26 يناير 2017
ساحة المسجد التاريخي (عبد الباسط ترجمان)
+ الخط -

تنتشر في مدينة صيدا (جنوب لبنان) المساجد الأثريّة التي تم بناؤها منذ قرون عدّة وما زالت تحافظ على طابعها التراثيّ حتى يومنا هذا، وهي: المسجد العمري الكبير، مسجد قطيش، مسجد الكيخيا، مسجد أبي نخله، مسجد بطاح، مسجد باب السراي، مسجد البحر، مسجد البراني، مسجد القلعة البحرية.


ويعدّ المسجد العمري الكبير من أقدم مساجد المدينة حيث ذكرت بعض الكتب التاريخية، أنه كان معبداً وثنياً لعبادة الشمس، وتؤكد صحة ذلك النافذة دائرية الشكل في أعلى الحائط الشرقي من حرم المسجد، والتي تسمح لنور الشمس أن يغمر القاعة، وبعد أن فتح المسلمون مدينة صيدا في العام 15 للهجرة تم تحويل المعبد إلى مسجد، وسمّي الجامع العمري الكبير نسبة إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كان خليفة للمسلمين في ذلك الوقت.


وفي عام 1109م دخل الصليبيون إلى صيدا وقام فرسان "الاسبيتارية" بتحويل المسجد إلى حصن عسكري وأقاموا فيه غرفا للطعام، وصالة وكنيسة صغيرة وإسطبلاً للخيول، وزادوا على بنائه، إلى أن استرده المسلمون بعد تحرير صيدا على يد صلاح الدين الأيوبي عام 1291م وعاد مسجداً للمسلمين.


يتميز الجامع العمري الكبير بموقعه المطل على البحر حيث يقع على تلة مرتفعة في الجهة الغربية للمدينة، ومبني من قطع ضخمة من الحجر الرملي حيث تزيد سماكة جدرانه على المتر، لذلك فهو بارد صيفاً دافئ شتاءً.


تُزيّن جدران المسجد في أروقته وداخل حرمه وعلى أبواب مداخله لوحات رخاميّة تؤرخ المراحل المختلفة التي أعيد فيها ترميم المسجد عبر حقب التاريخ، أقدمها تلك التي تؤرّخ انتصار المسلمين وتحرير مدينة صيدا من الصليبيين عام 1291م، وقد تضمنّت شعاراً جاء فيه: "لا إله إلا الله الأحد القهّار" وتحت هذا الشعار الآية الكريمة من القرآن: "الله الرحمن الرحيم، إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله، فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين"، موضوعة في الرواق الغربي المطلّ على صحن المسجد.


كما توجد لوحة موضوعة فوق المحراب الواقع على يمين المنبر الرخامي نقش عليها اسم الجلالة "الله"، ولوحة أخرى موضوعة فوق المحراب الواقع على يسار المنبر نقشت عليها الآية الكريمة "كلما دخل عليها زكريا المحراب"، وهناك لوحات عدّة تظهر تواريخ ترميم وتوسعات المسجد، سيما أنه تعرض أكثر من مرة لخراب خلال الحروب التي شهدها لبنان، وخاصة خلال الاجتياح الاسرائيلي عام 1982 حيث قصفته الطائرات الحربية.


المساهمون