الثورة في مفهوم القدر

31 يناير 2017
+ الخط -
إذا ما عرضنا شريطاً بانورامياً للأحداث التي مرّت علينا، نحن السوريين، بفترةٍ شارفت على سبعٍ عجاف من قهر وظلم وانكسار بميزان عدلٍ غير متكافئ، اجتمعت إحدى كفتيه بقوى الشر، والأخرى قلَّ فيها فاعلو الخير، لرأينا في المدى البعيد أنّنا نعيش اليوم ضمن ثنائية الصراع الخير والشر، تماماً كما الحياة القائمة على القوانين الناظمة للوجود ضمن نظرية الثنائيات.
حجم المأساة التي أحاطت بنا، نحن السوريين، هي ذاتها تستحق منا أن نتخطاها، ولا نقف في منتصف الطريق، وإذا ما أردنا أن نصل إلى بر الأمان، علينا العبور على جسور معلّقة بحبال من الخوف، فمن يصل إلى النهاية، تصل معه معاناته إلى ذروتها النهائية، لتشرق شمس الحرية على الحاضرين الشاهدين على حجم تضحياتهم، وعلى من سيأتي لاحقاً من أجيال قد تترعرع على ماضٍ مشرفٍ، ينير لها خريطة الطريق.
اليوم، وقد بلغ منا الحزن والأسى ما بلغت القلوب الحناجر، آن لنا أن نقف وقفةً ضمير أمام ذواتنا، ونراجع الأخطاء التي تجاهلنا لسنيين مضت، فمن غير الممكن الوقوف في منتصف الطريق، أو القبول بالخروج بأقل الخسائر. ليس قدرنا أن نستسلم لليأس، فخيارنا نحن بين أيدينا أن نتوّج أفعالنا بقدر يليق بنا، فنحن قدّمنا الكثير ولم يبق إلا القليل، فبعد كلّ عسر يسر إلا لمن غرّته نفسه أو ضلّ الطريق، فما خرجنا بثورتنا لكي نقف ووقوفنا في المنتصف، نكون قد حكمنا على أنفسنا بموت بطيء.
علينا أن ننظر إلى الجانب الإيجابي من ثورتنا، فهو المحفّز على المُضي لرسم قدر يُشرف كلّ الأجيال اللاحقة، فالثورة السورية من أعظم الثورات على مر التاريخ، ومن نتائجها أنها عرّت العالم، وأظهرته على صورته المجرّدة، فأسقط أبناءها مجلس الأمن من أيّ معايير يتحلّى بها، وكم من دولٍ سقطت أخلاقياً، كالتي تدّعي أنّها محافظة لحقوق الإنسان! وكم من أخرى انهارت اقتصادياً، وهي لا تدري ما يُحاك لها، واكتفت بقذف النار إلى خارج دارها، خوفاً من نار تأكلها في عقر دارها، هي نفسها لا تأمن للقدر، وتحاول أن تصنع قدرها بنفسها، إلا أن القدر المبني على باطل لا يدوم، ولا بدًّ من أن يفاجأ صاحبه.
بعد ست سنوات من التضحيات، علينا أن ندرك حجم المخاض، فلم يعد يُخفى على أحد ما حلّ بنا، خصوصاُ بعد عسكرة الثورة ومذهبتها، وتغلّغل الأجندة بيننا، بان فشل معارضتنا السياسية، فنحن اليوم في أمس الحاجة لتغيير جذري ومراعاة لحجم المسؤولية التي كلّفت نفسها بها، فالصراع والاقتتال الداخلي لا يليق بأخوةٍ السلاح، وإن فُرض السلاح علينا، فيجب أن لا ننسى أنّه مخصّص للدفاع عن النفس، فعلينا أن لا نُحيد فوهةَ البندقية لغير الهدف المخصص لها.
لا مشروع لنا إلا أن نحيا سويةً، ونرمَّم أخطاء السنيين، فهذه الثورة لن تقف أبداً بنا أو بغيرنا، ستسير بأبناء تُطهر الأرض من الغازين، وتطرد كل محتلٍ غاشم اغتصب أرضنا بغير حق أو دين.
FB7E1B28-E9EF-474D-808F-467FC19B57EE
FB7E1B28-E9EF-474D-808F-467FC19B57EE
يمان دابقي (سورية)
يمان دابقي (سورية)