كثيرة هي تلك الملاحظات التي تكشف حجم تدنّي القراءة - أو أي ممارسة ثقافية أخرى – في البلاد العربية، وليس نادراً أن يجري تداولها في وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي وقد تتحوّل إلى موضوع تنكيت وسخرية، وربما يحدث ذلك من نفس الشريحة التي لا تقرأ.
عن علاقة التونسيين بالثقافة، نشرت مؤسسة استطلاع الرأي "سيغما كونساي"، في منتصف الأسبوع الجاري، نتائج إحصاء أنجزته في الفترة الواقعة بين 3 و19 كانون الثاني/ يناير 2017، على عيّنة من 1000 مواطن تونسي من شرائح مختلفة ومن أعمار تتجاوز الـ 18 عاماً.
تفيد الأرقام بأن 61 % من التونسيين لا يقرؤون الكتب. قد ننظر إلى المسألة من زاوية نصف الكأس الممتلئ فنقول بأن نسبة 39 % المتبقية تعتبر جيّدة، غير أن الإحصائية تشير إلى أن أغلبية هؤلاء كان آخر كتاب قرؤوه قبل سنة أو أكثر. وعن أسباب هذا العزوف، فهي بحسب "سيغما كونساي" تصبّ في الغالب عند سببين: عدم وجود وقت للقراءة أو عدم وجود رغبة فيها.
قد يبدو الرقم المتعلّق بنسب القراءة كارثياً، غير أنه أفضل من ممارسات ثقافية أخرى إذ إن 72 % من المستجوبين لم يحضروا في حياتهم مسرحية، و66 % منهم لم يحضروا فيلماً في قاعة سينما.
كون مثل هذه الأرقام باتت متوقعة، فإنها فقدت أثرها المفزع. ولكن لا بد من الإشارة أنها أرقام تدل على أن كل الممارسة الثقافية تدور في مساحة ضيقة. هذا الواقع سيظل كما هو في حال بقيت ردّة الفعل الوحيدة تجاه هذه الأرقام هي السخرية منها وبالتالي إعادة إنتاج الإحباط وقلة الثقة في الثقافة.