الأوكرانيون والهجرة إلى روسيا

17 مارس 2015
+ الخط -
يعاني المهجر الأوكراني صعوباتٍ لا يمكن حصرها في معسكرات الإقامة المؤقتة في روسيا. وعلى الرغم من الحملة الإعلامية والدبلوماسية التي تقوم بها روسيا، يبقى موضوع اللاجئين المعيار الحقيقي لتعاطي الدولة مع هذه الكتلة البشرية التي تعاني من الهجرة القسرية التي تسببت فيها ويلات الحرب على بلادها، ونتيجة تأييد بعض المدن روسيا، بالإضافة إلى البيروقراطية الروسية. وهذا يكشف عدم الجاهزية الروسية لعملية الهجرة الكبيرة التي سببتها الحرب في الدونباس، وغياب الخبرة لدى المؤسسات الروسية في التعامل مع هذه الكارثة الإنسانية، واستيعاب النازحين، ما يدفع هؤلاء إلى العودة من حيث أتوا، ليكونوا عرضة للجوع والحرب والضياع.
أضاءت صحيفة نيزافيسيمايا في افتتاحيتها "الأوكرانيون يعودون إلى بلادهم مرغمين" على وضع اللاجئين الأوكرانيين في المعسكرات الروسية ومعاملاتهم التعيسة من مفوضية حقوق اللاجئين. وبسبب غياب استراتيجية روسية واضحة وشفافة في التعامل مع معاناة ومأساة هؤلاء البشر الذين يدفعون أثمانا باهظة، نتيجة تعلقهم بروسيا ولغتها وسياستها، فإنهم يسرعون في مغادرة روسيا ومعسكراتها الاضطرارية، بسبب صعوبة الحصول على عمل لهم من دون الحاجة إلى معاملات عديدة تفرضها البيروقراطية الروسية.
مسؤولة لجنة المهجرين في منطقة روستوف الحدودية مع أوكرانيا "ليليا ارستوفا" تقول: "عدد النازحين من أوكرانيا بلغ 2.5 مليون شخص منذ اندلاع النزاع في أبريل/نيسان الماضي، وقد تمت تسوية أوضاع 300 ألف شخص، ولا تزال البقية في انتظار التسوية". ومع وصول وفد رفيع المستوى من هيئة الأمم المتحدة لزيارة معسكرات اللاجئين الأوكرانيين في مدينة روستوف الحدودية، تظهر حجم الكارثة الحقيقية للأزمة الأوكرانية والتعنت الروسي.
ووفقا لتصريحات الممثل الأعلى لشؤون حقوق الإنسان في روسيا، يفغيني بوبرق، فإن الأوكرانيين يعودون إلى بلادهم من حيث وصلوا، بسبب قسوة الحياة في المعسكرات، وغالباً ما يرجع هذا إلى حقيقة أن الحكومة الروسية لا توفر فرص عمل ومساعدة مالية، أو منح اللجوء المؤقت للأوكرانيين.
الأبرز في المسألة غياب دور الدولة الروسية ومؤسساتها عن تأمين هؤلاء المهجرين، برصد أموال ومساعدات مالية خاصة، والعمل على تأمين فرص عمل وبناء بيوت وأماكن تحتضن هؤلاء الذين ضحوا بكل شيء، ووقفوا مع روسيا، ما يدل على أن أزمة اللاجئين ستبقى مفتوحة مدة طويلة جدا، أمام شعب شُرد وضحى وتعذب من أجل الآخرين.
avata
avata
خالد ممدوح العزي (لبنان)
خالد ممدوح العزي (لبنان)