الأمازيغية وخطر التطبيع مع إسرائيل

الأمازيغية وخطر التطبيع مع إسرائيل

17 يونيو 2014
+ الخط -
على الرغم من الدسترة بشأن الأمازيغية في المغرب، فأن لا شيء استقر بعد؛ لأن غلاةً دخلوا على الخط، فأفسدوا الربيع الأمازيغي المغربي. لم تكن عين الملاحظ لتخطئ انقلاب هؤلاء على خطاب أغادير، المُؤَسس على اقتناع الدولة المغربية بضرورة الاستفادة من كل مكوناتها الثقافية. فحتى قبل أن يجفّ الحبر الذي كتب به الخطاب، ترجموه ترجمة غريبة، معتمدين على أبجدية متطرفة، ومعانٍ موغلة في العرقية. إذ لم يوفروا فرصةً للتشكيك في الانصهار التام بين أمازيغ شمال إفريقيا وعربها، وركزوا على التنكر لكل الجهود التي بذلها علماء الأمازيغ، قديما وحديثا، من فقهاء ومؤرخين ولغويين. بل حتى الدول الأمازيغية التي توالت لخدمة الحضارة الإسلامية واللغة العربية، إيماناً من الأمازيغ بأن اللغة العربية مؤهلة لاستيعاب الانصهار بين كل الأجناس المشكلة الدولة الإسلامية الكبرى. أما مراسلات البطل عبد الكريم الخطابي، وكفاحه من أجل مغرب عربي موحد، والتي لم يجد نفسه في حاجة للإشارة فيها إلى أنه أمازيغي أو عربي، فلا أهمية لها لدى هؤلاء الغلاة.
الفهم الضيق والمسيس للثقافة الأمازيغية يدفع إلى الاقتناع بإقصاء كل الروابط التاريخية والمعاصرة التي تربطها بالثقافة العربية الإسلامية للمغاربة. يتضح أننا أمام محاولة قصدية لاجتثاث هذه الثقافة من بيئتها، وللتعامل معها وكأنها جزيرة منغلقة. كذلك المحاولات المستمرة لنحت ألفاظ جديدة، وإحياء ألفاظ بائدة، على الرغم من أن ثراء اللغة العربية وأبجديتها ملك للأمازيغ أيضا؛ ما هي إلا استرسالات في التعقيد وخلق الأزمات.
واضح أن المدلول الحقيقي لدسترة الأمازيغية، وقيمته ثقافياً ووطنياً، غير واضحة لبعضهم. ولهذا، من الضروري عدم التهرب من مساءلة أسباب الدسترة، وفرص نجاح التثاقف وحمايته. فكيف نتثاقف، حتى فنياً، مع الصحراء التي نختزلها اليوم في مجرد رقصة الكدرة، هذه فعلاً ليست أسئلة تعكير سياسي، بقدر ما هي حاجات وضرورات تساعد في صياغة البدائل عن حالة العزلة والتشظي والتيه.
هناك من سعى، بعد إنهاك نفسه في التحريض واختراع التاريخ، على الشاكلة التي ترضي عنصريته، إلى الاستقواء على بني جلدته، ولو بالصهيونية، مجاهراً بمواقف معادية لقضية العرب الأولى، غير آبهٍ، ليس فقط بالدم الفلسطيني، بل حتى بدماء مغربية تدفقت لأجل فلسطين. فتوالت الاحتجاجات والتفسيرات المتخاذلة، لقانون تجريم التطبيع، وهو الذي تزداد الحاجة لصرامته، كما أنه في حاجة لأن يُرفد بفهم واعٍ ومضطلع لطبيعة الصراع العربي مع الصهيونية، خصوصاً مع تزايد التطبيع ظاهرة تستهدف المجتمعات العربية في غير مكان. ربما من يعترض على هذا القانون، يرى أن إسرائيل مظلومة مغربياً، ولا يرى في تجريم التطبيع سوى حرمان للمغرب من مليارات "الشواقل" الإسرائيلية. ربما نكون، هنا، أمام موقف شبيه ببيوتات مغربية غنية، احتمت بدول أجنبية مستهل القرن العشرين، ظناً منها أن الدولة المغربية هوت.
أما اليوم فمن يخاف من التغيرات الحاصلة والمقبلة في المنطقة بأسرها، ربما يرد إلى ذهنه الاحتماء بإسرائيل. ولا تمثل هذه الدعوات أمازيغ المغرب، فلا تقوِّلوهم ما لم يقولوه، وليس لكم أن تُحمِّلوهم ما لا طاقة لهم به، لقد فشل قبلكم الاستعمار المتعاقب على المغرب بأن يفتت شعبه، ولن تصبح إسرائيل صديقاً للمغاربة.
6996357D-3338-414E-930A-F84D47A65269
6996357D-3338-414E-930A-F84D47A65269
رمضان مصباح الإدريسي (المغرب)
رمضان مصباح الإدريسي (المغرب)