استيطان القدس في ذروته بذكرى النكسة

استيطان القدس في ذروته بذكرى النكسة

06 يونيو 2014
100 كنيس أسفل المسجد الأقصى وفي محيطه (زكي فازاليغلو/الأناضول/Getty)
+ الخط -

أحيا الفلسطينيون في القدس المحتلة، يوم الخميس، على نحو خجول، الذكرى الـ47 لنكسة يونيو/ حزيران 1967، التي كان من أبرز نتائجها سقوط مدينة القدس في أيدي الاحتلال.

وبدا المقدسيون أكثر إحباطاً، على الرغم من بعض النشاطات، لأنهم استيقظوا صباحاً على قرار للحكومة الاسرائيلية ببناء مئات الوحدات الاستيطانية الجديدة على ما تبقى من أراضيهم، يضاف الى واقع الاستيطان والقمع العسكري والتصعيد غير المسبوق ضد المسجد الاقصى.

وكان الاحتلال قد صادر أكثر من ٣٥ في المئة من المساحة الاجمالية لمدينة القدس، وحظر البناء على أكثر من ٨٦ في المئة ممّا تبقى من تلك الاراضي، في وقت قُيّدت على نحو كبير شروط الانتفاع بها، وفقاً لخبير الاستيطان الفلسطيني خليل تفكجي.

وأشار التفكجي إلى بناء نحو ١٨ مستوطنة يهودية على أراضٍ فلسطينية خاصة يقطنها حالياً نحو ٣٠٠ ألف مستوطن، فيما يتحدث الاسرائيليون عن عدد أكبر من المستوطنين داخل حدود القدس الشرقية، يصل إلى ٣٥٠ ألفاً، ما يمثل انقلاباً غير مسبوق في الميزان الديموغرافي بعدما كان حتى قبل عامين يميل لصالح الفلسطينيين.

من جهته، يرى مدير "مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية"، زياد الحموري، أن التطور الابرز خلال سنوات الانتفاضة الثانية عام 2000، كان بناء السلطات الاسرائيلية جدار الفصل العنصري حول مدينة القدس، والذي اقتطع مساحات مهمة من أراضي المقدسيين. وتسبب الجدار في إخراج نحو ١٢٥ ألف فلسطيني من داخل الحدود البلدية المصطنعة للقدس، إضافة إلى نحو ٣٠ ألف مقدسي فقدوا حقهم في الاقامة منذ العام 1967، ونصف هذا العدد أسقطت عنهم حقوق الاقامة في أواسط التسعينيات التي شهدت ذروة ما يسميه الفلسطينيون سياسة سحب الهويات، أو التطهير العرقي الصامت.

ويشير الحموري إلى سلسلة من القوانين والاجراءات التي شكلت عاملاً ضاغطاً على الفلسطينيين وطارداً لهم من القدس المحتلة، كان من أبرزها، تجميد طلبات جمع الشمل لآلاف الأسر الفلسطينية، في وقت تزداد أعداد الاطفال المقدسيين الذين ترفض وزارة الداخلية الاسرائيلية تسجيلهم في سجل النفوس، ويربو عدد هؤلاء عن ٢٠ ألفاً، ما يعني أنهم مهددون هم أيضاً بفقدان حق الاقامة.

في مقابل ذلك، وسّعت سلطات الاحتلال الاسرائيلي، خلال السنوات العشر الماضية، من سياسة الاستيطان في قلب الاحياء الفلسطينية داخل القدس، وتحديداً حول البلدة القديمة. وكان من أبرز ما قام به الاحتلال بناء مستوطنة جبل أبو غنيم التي باتت واحدة من كبريات المستوطنات اليهودية جنوب القدس المحتلة، وباتت تشكل فاصلاً جغرافياً وديموغرافياً عن مدينة بيت لحم، يضاف إليها بناء مستوطنة معاليه هزيتيم في رأس العمود شرق البلدة القديمة، والشروع ببناء مستوطنة كدمات تسيون على أراضي بلدة أبو ديس، جنوب شرق المدينة المقدسة، وإحكام السيطرة على حي الشيخ جراح، وتوسيع بؤرها الاستيطانية في جبل الزيتون.

لكن الأخطر في هذا النشاط الاستيطاني، الذي بات يأخذ طابعاً قومياً دينياً متطرفاً، هو ما يجري في البلدة القديمة من القدس، كما يقول الخبير في نشاطات الجمعية الاستيطانية في البلدة القديمة وسلوان، هايل صندوقة، إذ سيطرت هذه الجمعيات الاستيطانية حتى الآن على أكثر من ٧٠ عقاراً داخل أسوار المدينة المقدسة، ونحو ٤٠ عقاراً في بلدة سلوان، وجميعها تتاخم المسجد الاقصى الذي بات هدفاً يومياً لجماعات التطرف اليهودية، الساعية لبناء الهيكل.

وتشير معطيات جمعيات داخل فلسطين المحتلة، ومنها "مؤسسة الاقصى للوقف والتراث"، إلى أن سلطات الاحتلال نجحت على مدى سنوات احتلالها للقدس، في بناء نحو 100 كنيس يهودي أسفل المسجد الاقصى وفي محيطه، أشهرها كنيس الخراب، الذي تسبب افتتاحه قبل عدة سنوات في اندلاع مواجهات عنيفة ووقوع العديد من الجرحى، في حين صادقت سلطات الاحتلال على إعادة بناء ما تدّعي أنه كنيس يهودي آخر يقع على مسافة 200 متر غرب المسجد الاقصى ويحمل اسم "جوهرة إسرائيل".

ويقول مدير أوقاف القدس، الشيخ عزام الخطيب، إنه "ظهر واضحاً خلال الاسابيع الاخيرة تعاظم نفوذ الجماعات اليهودية المتطرفة وسطوتها على حكومة اليمين المتطرف بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في ما يتعلق بالمسجد الاقصى ومحاولة تقسيمه زمانياً مع المصلين، وهو ما تبدّى، أخيراً، في سلسلة القيود التي فرضت على دخول الفلسطينيين في ساعات الصباح المخصصة لاقتحامات المتطرفين اليهود وأعضاء الكنيست ورجال أمن.