استراتيجية أوباما المفقودة

22 اغسطس 2014

جنود أميركيون ينقلون جثمان زميل لهم وصل من العراق(12مايو/2009/Getty)

+ الخط -


لن يستطيع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أن يمنع تداول الصور التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي لجريمة إعدام الصحافي الأميركي، جيمس فولي، على الرغم من وقفها على "يوتيوب"، ولن يستطيع أن يمنع ردود الفعل، وخصوصاً لدى الرأي العام الأميركي بشأن تحميل المسؤولية والغضب والخوف الذي يرافق هذه الصور البربرية، بأفعالها الجرمية، إلا أن الكلمات المؤثرة وتعزيته عائلة فولي لن تمنع خصومه السياسيين من استعمالها في حرب تحميل المسؤوليات، خصوصاً في تأخير هذه الضربات شهرين منذ يونيو/حزيران الماضي. عشرات الغارات الجوية، حتى الآن، على مواقع الدولة الإسلامية، والتي استطاعت أن تعيد سد الموصل، والذي يؤمن الكهرباء لملايين العراقيين، إضافة إلى بعض المناطق على حدود أربيل، من دون تحديد استراتيجية واضحة الأهداف لهذه العملية، أو على الأقل، أن يحدد لها اسماً في حال تمت الإشارة إليها، كسابقاتها من العمليات التي تحمل اسماً وهدفاً محدداً، إضافة إلى الفترة الزمنية التي يمكن أن تستغرقها، مع تطور الأوضاع على الأرض.

في كلامه منذ أسبوع، حدد وزير الخارجية، جون كيري، ثلاثة أهداف لعملية العراق، الأول، حماية الأميركيين وحركتهم، الثاني، تقديم النصائح والمساعدة للقوات الأمنية العراقية لمحاربة داعش، والثالث الانضمام مع الشركاء الأوروبيين للمساعدة الإنسانية. هذه الأهداف البعيدة مبدئياً عن وجود جنود على الأرض، وهو الخط الأحمر الذي كان حدده أوباما في خطاباته المتكررة، عادت الخارجية الأميركية لتطلب من "البنتاغون" نشر 300 جندي إضافي في العراق، في إشارة إلى تزايد عدد الجنود على الأرض، مع تمديد فترة العمليات وتوسعها.

أظهر استطلاع رأي أجري للأميركيين، نشر الأسبوع الماضي، أن 44 % من المستطلعين يعتقدون أن على أميركا أن تتحرك، وهي نسبة تفوق سابقتها الشهر الماضي، والتي بلغت 39%، كما أظهر الاستطلاع أن 41 % يعتبرون أن على أميركا أن لا تتدخل، وهذه النسبة تراجعت، بعد أن كانت 55% مقارنة في الشهر الماضي. وتظهر هذه الأرقام، أيضاً، أي مدى يتغير المزاج الأميركي، مع بدء العملية، ونتائجها على الأرض، وهو ما يحاول أوباما أن يتحرك على إيقاعه، خوفاً من تداعياتٍ تنعكس سلباً على الانتخابات الأميركية لنواب الكونغرس في أكتوبر/تشرين الثاني المقبل، والتي يبدو أن أوباما يدرك معنى خسارتها لحزبه الديمقراطي، والتي بدأت الاستطلاعات تبشره بها.

لم يكن الهاجس الانتخابي، وحده، شاغل البيت الأبيض، فالإدارة تصارع، هذه الأيام، لكيلا تتحول الوحول العراقية مجدداً إلى حربٍ طويلةٍ، لا تزال صورتها في أذهان الأميركيين، لا سيما بعد تهديدات أطلقتها داعش للأميركيين، بعدما أظهرت صور الصحافي فولي، متوعدة بمزيد من عمليات القتل، في حال استمرار التدخل بالغارات الجوية.

مما لا شك فيه أن الأميركيين لا يريدون استعادة مشاهد قتل أبنائهم، وعودتهم في صناديق إلى ديارهم، ومما لا شك فيه أن خط أوباما الأحمر هو التورط مجدداً في حرب طويلة، استطاع، حتى الآن، عدم الانجرار إليها بسياسة عدم التدخل، إلا أن دخوله، ولو عبر عمليات محدودة، وبدعم من السنة في العراق والخليج، بعدما تسلم رئيس الحكومة الجديد، حيدر العبادي، مسؤولياته بمباركة سعودية وإيرانية، فتح النقاش أميركيا حول الاستراتيجية في هذه العملية، خصوصاً مع توسعها خارج إطار الأهداف المعلنة.