أوسلو... أو اتفاق البيع

أوسلو... أو اتفاق البيع

13 سبتمبر 2014
عرفات يصافح رابين وبينهما كلينتون عام 1993(باتريك باز/فرانس برس)
+ الخط -
يقول وزير الخارجية الأميركية الأسبق، جورج شولتز، في مذكراته، إن دفع الإدارة الأميركية منظمة التحرير الفلسطينية إلى الموافقة على مبدأ المفاوضات (في نهاية ثمانينيات القرن الماضي) وإعلانها القبول بحل الدولتين، كان الهدف منه "تأمين الحد الأقصى من الإذلال لمنظمة التحرير". هذه هي الفلسفة التي قامت عليها المفاوضات السرية والعلنية التي أفضت في نهاية المطاف إلى توقيع "إعلان المبادئ" الذي بات يُسمّى "اتفاق أوسلو" تيمناً بالوساطة النرويجية، أو "يوم الرهبة" نسبة إلى المصافحة الشهيرة بين إسحاق رابين وياسر عرفات في حديقة البيت الأبيض ذات سبتمبر/أيلول 1993.

يحتار المراقب من أين يبدأ في تقييم تلك الاتفاقات التي كانت لها ملاحق مكمّلة في العام 1995. وعندما تتم استعادة ظروف التوقيع على الاتفاق، يزول العجب طبعاً، ذلك أن منظمة التحرير في تلك الحقبة كانت تعيش "أسوأ حالاتها منذ تأسيسها"، بحسب لميس أندوني، وهو ما دفع بعرفات في حينها إلى البحث عن إنقاذ الشرعية الداخلية للمنظمة بخطوة خارجية. من هنا، لا يعود مستغرباً لماذا قرر الرجل ألا يتمثل في الوفد المفاوِض، طوال سنين، شخص واحد حتى من فلسطينيي الشتات، أو فلسطينيي اللجوء، مع أنهم كانوا ولا يزالون يشكلون النسبة الأكبر من أهل القضية. هكذا اقتصر الوفد على المقربين من عرفات، وعلى فلسطينيي الداخل المحتل من خلال حيدر عبد الشافي الذي لم تسمح له كرامته بالمشاركة في "احتفال" التوقيع الذي كرّسته تلك الصورة الفوتوغرافية التي جابت العالم لتشرح كيف يمكن أن يطبّع الخاضع للاحتلال مع المحتل، بابتسامة عريضة.

لا يزال أوسلو تاريخاً تأسيسياً للقضية الفلسطينية، تماماً كما كانت النكبة والنكسة من قبله، مع فارق جوهري: النكسة والنكبة صُنِّفتا، ولا تزالان، في خانة اللاشرعية حتى في قوانين "المجتمع الدولي". أما اتفاق أوسلو، فقد جاء ليسبغ الشرعية على ما هو غير شرعي. ولتجنب الثرثرة في هذا السياق، يكفي إيراد ما قاله صائب عريقات، ما غيره، عن الاتفاق، وهو من طباخيه طبعاً. قال الرجل: "اتفاق أوسلو يهدف إلى الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي، وليس إنهاءه تدريجياً". ومن كثرة ما كُتب تفنيداً لبنود أوسلو، يصبح ضرباً من التكرار الممل تعداد البنود التي تعطي كل شيء للاحتلال تحت شعار الحالات الاستثنائية. باختصار، هو اتفاق "احتياجات إسرائيل ومطالب الفلسطينيين"، بحسب ما يصفه نوام تشومسكي. هو اتفاق بيع فلسطين.

المساهمون