أصداف حنان أيوب تحكي

أصداف حنان أيوب تحكي

12 يوليو 2016
تهوى التمثيل والغناء أيضاً (محمد الحجار)
+ الخط -

كانت في الرابعة من عمرها حين لاحظت والدتها أنها موهوبة. بدأ ذلك من حجرتها الصغيرة في بيتها في منطقة الجسر في حي الشيخ رضوان في غزة. آمنت عائلتها بها، وقد اختارت في ذلك الوقت رسم الشخصيّات الكرتونية. كان ذلك في الماضي. أما اليوم، فصارت حنان إبراهيم أيوب (16 عاماً) تصنع أشكالاً من "مواد طبيعية" تحصل عليها من شاطئ غزة، المتنفس الوحيد لها ولسكان مدينتها المحاصرة.

إذاً، بدأت موهبتها في الرسم حين كانت في الرابعة من عمرها، وقد أصرّت والدتها على الاهتمام بهذا الجانب لدى طفلتها. كانت تدرك أن ابنتها تحبّ الرسم، وأنها موهوبة، ولاحظت اهتمامها برسم كل ما تراه أمامها، على غرار الرسوم المتحرّكة. كانت ترسم الفضاء أيضاً، وقد حثّتها والدتها على رسم أشجار الزيتون، وقطافه، والمرأة الفلسطينية بلباسها التراثي. تقول والدتها إنها كانت تستلقي على معدتها، على غرار أطفال كثيرين، وتبدأ الرسم لوقت طويل من دون أن تمل.

في مدرستها، تابعت الرسم. وفي الصفّ الثالث ابتدائي، التحقت بشركة "جحا تون" التي تملكها رسامة الكاريكاتير أميّة حجا لمدة عام، وتدربّت على يد الرسام فؤاد نظمي، وأصبح الرسم جزءاً أساسياً من حياتها. في المرحلة الإعدادية، درست في مدرسة بنات الشاطئ الإعدادية "أ" التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وقد ساهمت مدرّسة الرسم في تطوير موهبتها وتشجيعها على الرسم، بعدما آمنت في قدرتها على الابتكار. شاركت في مسابقة على مستوى مدارس القطاع من خلال لوحة تعبر عن حقوق الأسرى الضائعة في إطار مسابقة لحقوق الإنسان، وحصلت على المرتبة الثالثة على مستوى مدارس القطاع.

في المرحلة الثانوية، بدأت التركيز بشكل كبير على دراسة كلّ ما يتعلق بالفنون. وأثناء الإجازات، كانت تقرأ أكثر عن الرسم والأشكال الفنية، وتتعمّق في حياة الرسامين، وقد اهتمت بالفن المعاصر. ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي، نجحت في الاطلاع أكثر على تجارب فنانين آخرين. مع الوقت، عملت على تطوير رؤيتها الخاصة لجوانب فنية عدة، واختارت عملها الخاص، حتى لو أنها لا تملك خبرة كافية.




بدأت تصنع أشكالاً فنيّة من خلال الصدف. وجاءتها الفكرة حين قصدت البحر لدراسة القواعد العربية خلال فترة الامتحانات، برفقة والدها. لاحظت أنه كان يجمع الصدف للتسلية. إلا أنها راحت تفكّر في جمال الأصداف، وقرّرت العمل على تحويلها إلى أشكال فنية، بمجرد أن تجد وقتاً لذلك. مر عام كامل وانتهى العام الدراسي، لتبدأ في تطبيق فكرتها، وقد
نجحت في تصميم أشكال عدة، خصوصاً الحيوانات.

تقول حنان لـ "العربي الجديد" إن "الجلوس أمام البحر لبعض الوقت يحث المرء على الإبداع. ولدى ذهابي إلى الشاطئ للدراسة خلال فترة الامتحانات، ولدت لدي فكرة صناعة الأشكال من الأصداف". قبل البدء بأي عمل فني، ترسم الشخصية على الورق، ثم تجمع الأجزاء وتباشر العمل. تضيف أن فكرة صناعة أشكال من خلال الصدف تشبه "إعادة التدوير"، ومن الممكن استخدام عيدان خشبية بسيطة لصناعة الشكل الذي تريده، بالإضافة إلى عيون بلاستيكية.

عادة ما يساعدها شقيقها في جمع الصدف من على شاطئ البحر. لكنها في كثير من الأحيان، تجد صعوبة في الحصول على أصداف مناسبة لصناعة الأشكال التي تريد، خصوصاً الصدفة اللولبية. مع ذلك، تصرّ على صنع أشكال تريدها وقريبة من الناس، من خلال أدوات بسيطة. تلفت إلى أنها تلوّن الأصداف مرّات عدة. في المرحلة الأولى، تلوّنها ثم تجففها. وتعيد الأمر ثلاث مرات ليصبح اللون متماسكاً. خلال الأيّام المقبلة، تطمح أن تتمكن من تصميم أكبر عدد من الأشكال المميزة، والتي تحمل رؤى إيجابية، والتي قد يهوى الناس امتلاكها في يوم من الأيام.

بالإضافة إلى موهبتها في الرسم وصناعة الأشكال من خلال الصدف، تهوى التمثيل والغناء، وقد شاركت في مسرحيات عدة هادفة. اليوم، باتت تتحدّث اللغة الإنجليزية بطلاقة، وذلك بعد حصولها على منحة لدراسة اللغة في معهد "الأميديست" في غزة لمدة عامين.

موهبتها لم تمنعها من التفوّق في المدرسة، وقد حصلت على معدّل 95 في المائة في التخصص العلمي. بعد تخرّجها، تفكّر في دراسة الطب كونها تتحدّث اللغة الإنكليزية بطلاقة. وترى أنه على صعيد العمل في فلسطين، فإن فرصتها في الطب متاحة للحصول على وظيفة في ظل حاجة المجتمع الفلسطيني لأطباء بشكل كبير بشكل عام، في ظل تزايد عدد السكان.