أسرع من عبور طائر

28 سبتمبر 2018
رونالد بينروز/ بريطانيا
+ الخط -

جميع مدمني الكحول الثقيلة الذين قابلتهم في برشلونة كانوا أناساً جميلين، شيء لا تستطيع أن تقوله عن بعض الأفراد الأقرب إلى ذوقك الفني.

إن الكحول الثقيلة ـ تعترف ـ هي نوع من الخيال المائي، الذي يملؤك حتى الموت، بالنار. وعليه:

لديك مشاكل خطيرة لتمييز مجموعة عن أخرى من الزملاء. لكن المحب له محبوبون، كما يقال: النوع، والسذاجة، وتصرفات طفولية صغيرة، مع مدونة سلوك غير قابلة للعلاج وغير قادرة على إيذاء ذبابة.

ما زلت تتذكر أحدهم من جزر الكناري – قال: "سريعاً، فلنمضِ، أسرع من عبور طائر".

قالها بنفس الطريقة التي تحدُث بها عطسةُ كل ثديي.

في ما بعد: قلبك قسَمَ مجموعاتهم إلى مجموعتين كبيرتين: "الأصيلة" و "الكوكتيل".

يأخذ الكحولي الثقيل نفسه على غير محمل الجد، ويفتقر ـ أحياناً ـ  تماماً إلى أدنى روح الدعابة. لديه بعض الأصنام التي لا تجعل من السهل عليه الاهتمام بغيرها. يقول ولا يقول ما لا يزيد عن هراء!

 في عصره، يبدو غريباً عن عصره.

فطريق الكحول والمخدرات، انقلابيٌّ جذري بطبيعته. ومن شأنه أن يكون قاسياً، أو أن يأخذ مُرتاده إلى الذهان، ونوبات صراخ أو بكاء، متشنجة متقطعة.

دعك ـ الآن ـ من الاهتزازات الفيزيقية الأخرى.

 ومع كل ذلك، كان قلبك نهايةَ هذا الأسبوع، معلقاً بمجموعة إيطالية منهم: نابوليين بالأخصّ ونابوليّات، على الرغم من أن بقية الجسم لم تستيقظ بعد، مِن على مسطبة كنيسة سان جوست.

إنها الحادية عشرة تماماً من يوم أحدٍ في آب المدينة اللهاب.

 ولأنك تجد لهم التحبيب [هؤلاء الرجال، ممن هم في سنك، ويلوحون بيد العدم على المحافظة والتظاهر]، فها أنت ذا:

تمشي معهم، تتناول طعامهم، تأتي لهم بطاقم بيرة، تتعلم من فتاتهم النحيلة كعود، العزف على الغيتار، في محاولة للقبض على الباطن تحت الظاهر: على ما يفنى، قبل أن يفعل ـ على "الجوهري".

على الموسيقى المفضلة لديك، في حين أن غيرهم ـ كل الآخرين العقلانيين المندمجين كلحمة مفرومة بين أسنان الماكنة ـ يعطون دائماً أسلحة إلى عدوهم الطبقي: الظلام غير تام أيتها الدنيا.

سريالية كأنك خارجة من كاميرا لويس بونويل.

وعندما تجعلينهم يصبحون حساسين، فإنك تفعلين ذلك من خلال قصائد ممحوة لا يدركها ربُّ أولمبٍ عتيق.

العالمُ والعامُّ يتلاشيان، ويبقى التفصيل الخاص ـ وهو تفضيل ـ : أنت عاطفي! وهم الحنان الذي يلهمك.

صباح الخير أيها النابوليّون!

سعيدٌ أنا بكم، لأنني لا أصدق أي شيء، بعد الآن، يسمونه لي.

كل شيء مشبوه مهما قالوا: كله أو أقل قليلا.

لقد فعلوا ذلك معي: لقد خدعوني - كلهم ​​- معظم الوقت. لسنوات كان رأسي يدور ويدور، مثل كرة السقوط الحر.

أسمع الأكاذيب (نصف الحقائق؟) من اليمين إلى اليسار.

كلا، إن السروة انكسرت!

ولكن بين الذهاب والإياب، بين الدوخة والدوخة، لا يزال عندك الوقت لتذكّر ماتشادو: "حقيقتك؟ تعال معي للبحث عنها". 

أحدُكم طيبٌ أيتها النابُوليّات.

المساهمون