أربيل تطمح برئاسة البرلمان العراقي... وبرهم صالح يخطط للجمهورية

أربيل تطمح إلى رئاسة البرلمان العراقي وبرهم صالح يخطط لرئاسة الجمهورية

20 مارس 2018
هناك تقارب بين حيدر العبادي وبرهم صالح (الأناضول)
+ الخط -

كشف مسؤولون أكراد في أربيل والسليمانية عن حراك جديد، هو الأول من نوعه، داخل البيت الكردي، يتلخّص في طلب زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود البارزاني، من حزبه، المطالبة بمنصب رئيس البرلمان المقبل، بدلاً من منصب رئاسة الجمهورية، بسبب القوانين المهمة والحساسة التي ينتظر إقرارها، أو التي تمّ الاتفاق على ترحيلها، منذ أيام، إلى الدورة البرلمانية الجديدة، بسبب ضيق الوقت، مؤكدين في المقابل أنّ إيران رفعت الفيتو الذي كانت تفرضه على الزعيم الكردي البارز برهم صالح، بعد موقفه الرافض لاستفتاء انفصال كردستان، ومطالبته بحل حكومة الإقليم. كما أن الأخير بدأ اتصالات مع قيادات شيعية عراقية بعد انقطاع دام لأكثر من عامين، وتفسّر هذه الاتصالات على أنها مخطط لتولي صالح منصباً مهماً ضمن الحكومة الاتحادية في بغداد.

وهذه المعلومات التي حصلت عليها "العربي الجديد"، من مسؤول بارز في الحزب الديموقراطي الكردستاني، والذي كشف عن أن "اجتماعاً عُقد أخيراً في منتجع صلاح الدين في أربيل، ضمّ قيادات كردية بارزة بحضور مسعود البارزاني، ناقش ذلك وبشكل مستفيض"، أكّدها مسؤول آخر في بغداد، لكنه وصفها بـ"أفكار ومقترحات لم ترق إلى القرار أو الخطة النهائية للأكراد".

ودأبت الخارطة السياسية في العراق، منذ عام 2004، على أن تكون رئاسة الجمهورية للأكراد، وهو منصب فخري بلا صلاحيات تُذكر، بينما يكون البرلمان من حصة العرب السنة، ورئاسة الوزراء للعرب الشيعة، باستثناء تسمية غازي الياور، الشخصية العربية السنية المعروفة، لمنصب الرئيس (مجلس الحكم) لأشهر عدة أعقبت الغزو الأميركي للبلاد، وبطريقة التعيين لا الانتخاب.

ويتضمّن قرار مسعود البارزاني، وفقاً للتسريبات، "إبلاغ الكتل السياسية الكردية بالمطالبة بشغل منصب رئيس البرلمان، بدلاً عن رئيس الجمهورية في الدورة الانتخابية المقبلة"، مع العمل على وضع هذا الشرط في بازار التفاوض مع الطرف الفائز في الانتخابات لتمكينه من تولي رئاسة الحكومة، بحسب ما ستفرزه نتائج انتخابات مايو/أيار المقبل.

وأوضح المصدر الكردي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "القرار متأتٍ من أنّ جميع القرارات والقوانين المهمة والحساسة التي تتعلّق بالإقليم ستمرّر في البرلمان المقبل، واتضح أخيراً خلال الأزمة، أهمية منصب رئيس البرلمان وعدم فاعلية منصب رئيس الجمهورية، الذي فشل حتى في منع العقوبات أو تعديل الموازنة المالية أو التحرّك العسكري للحكومة صوب كركوك".

وتابع أنّ "القرار استراتيجي، فهناك قوانين ترسيم حدود الإقليم والمناطق المتنازع عليها والنفط والغاز ومجلس الاتحاد وقانون القضاء والبشمركة، وتفاصيل أخرى تتعلق بالإقليم، وكلّها تمر عبر البرلمان المقبل"، مشيراً إلى أنّ "القيادات العربية السنية والشيعية في بغداد تعي ذلك وتدرك سبب مطالبة الكرد بالمنصب، وهذا ما قد يعقّد الموضوع ويطيل في أمد تشكيل الحكومة المقبلة، خصوصاً إذا ما علمنا أنّ السنة يرفضون التخلّي عن منصب رئيس البرلمان".



في غضون ذلك، تؤكد مصادر أخرى في السليمانية عن "تحرّك واسع للسياسي الكردي البارز والقيادي السابق في الاتحاد الوطني الكردستاني، برهم صالح، بعد حصوله على تأييد إيراني كشخصية كردية مقبولة في معسكر السليمانية، بسبب موقفه من الاستفتاء ورفضه له، ومطالبته بحلّ حكومة أربيل، واعتباره أن إيران ساعدت كردستان في مواجهة تنظيم داعش، وإثنائه على ذلك".

وبحسب المصادر ذاتها، فإن إيران "كانت تفرض ما يشبه الفيتو على صالح منذ عام 2014، بسبب خلافات مع بغداد". وأجرى صالح اتصالات مع قيادات سياسية عراقية مختلفة في بغداد، مقدماً نفسه كممثّل شرعي عن الشارع الكردي، تمهيداً لحصوله على المنصب المناسب ضمن الحكومة الاتحادية العراقية في بغداد.

وحول ذلك، قال الخبير في الشأن الكردي العراقي، علي ناجي، إن "هناك رأيين في الساحة السياسية الكردية؛ الأول يتضمّن دعم صالح ليشغل منصب رئيس الجمهورية بدعم من "حركة التغيير" والجماعة الإسلامية وأيضاً أطراف في الاتحاد الوطني الكردستاني، خصوصاً أنه قد يحصل على ما لا يقل عن 8 مقاعد من مجموع مقاعد الأكراد في البرلمان المقبل. والرأي الثاني، وهو للحزب الديمقراطي بزعامة البارزاني وأطراف من الاتحاد الوطني، يذهب نحو تولي الأكراد رئاسة البرلمان، لكونه يتمتع بصلاحيات أكثر".

وأشار ناجي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى "مشاورات جمعت مقربين من العبادي وبرهم صالح، خلصت إلى أنه إن دعم الأخير، الأول، في رئاسة الوزراء، سيكون هناك دعم من العبادي لصالح في رئاسة الجمهورية".

إلى ذلك، أكّد مصدر مقرّب من رئيس الوزراء العراقي ويعمل بصفة مستشار له، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "تلك التسريبات صحيحة، وجار النقاش فيها منذ أيام، لكنها حتى الآن لم ترقَ لتكون خطة أو قرارا كرديا موحّدا، وهناك رأيان في البيت الكردي، والأقوى أنهم يريدون البرلمان". وأضاف المصدر، طالباً عدم ذكر اسمه، "أعتقد أنّ الكتل السنية أقوى انتخابياً، لذلك سيحصلون على المنصب باستحقاق، لكن إذا كان هناك توافق وصفقات، فهذا بحث آخر".

وتعليقاً على ذلك، قال النائب عن التحالف الكردستاني، ماجد رسول، لـ"العربي الجديد"، إن "البارزاني لم يرفض منصب رئاسة الجمهورية المقبل، ولم يطالب باستلام منصب مجلس النواب، ولكن يجب اليوم أن نصل إلى صيغة أخرى، ونسأل لماذا هذا العرف الجاري في المناصب؟"، مضيفاً "بحسب ما هو موجود، وحسب الاستطلاعات، السيد برهم صالح وقائمته لن تتمكّن من الحصول إلا على خمسة أو ستة مقاعد في إقليم كردستان، وهذا ليس بالعدد الكبير الذي يمكن أن يؤثّر في خارطة التحالف الكردستاني الداخلية"، واعترف رسول بوجود "تقارب بين العبادي وصالح"، لكنه اعتبر أن أي وعود في هذا الصدد تعتبر "كلاماً سابقاً لأوانه، ولا يمكن لأحد أن يعد بشيء إلا بعد ظهور نتائج الانتخابات".

من جانبه، قال القيادي في "ائتلاف النصر" الذي يتزعمه العبادي، النائب عباس البياتي، لـ"العربي الجديد"، إن "لقاءات العبادي مع أحزاب وكتل كردية مستمرة، ومن بينها لقاؤه مع صالح الذي يأتي في إطار انفتاحه على جميع القوائم والكتل"، مضيفاً أنه "من المبكر الآن التكهّن بخارطة التحالفات المقبلة، لأن الخارطة ستكون معقدة، نظراً للحراك والتغيير، وكذلك تعدد الساحات، سواء الساحات الشيعية أو الكردية أو السنية".

بدوره، اعتبر القيادي في كتلة "دولة القانون" التي يتزعمها نوري المالكي، النائب كامل الزيدي، أنّ "أي لقاءات أو تفاهمات يجب أن تكون واضحة وصريحة بما لا يمسّ روح الاستحقاقات الانتخابية"، موضحاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الحراك ما زال مستمراً، ولا يمكن الاستقرار على خارطة أو صيغة، وكل شيء قابل للتغيير، وما يجري أو يحصل من تسريبات كله يخضع في النهاية لنتائج الانتخابات التي لا يمكن أن يتنبّأ بها أحد".

وفي الإطار نفسه، قالت القيادية في تحالف "القوى العراقية"، ناهدة الدايني، لـ"العربي الجديد"، إن "منصب رئيس الجمهورية يجب أن يكون لعربي، على اعتبار أنّ العراق دولة عربية. كما أننا، في الوقت نفسه، كمكوّن سني، غير متمسكين بمنصب رئاسة البرلمان"، مضيفةً "لكننا نرفض تسلّم منصب رئيس جمهورية بلا صلاحيات تذكر، وسنقبل به في حال منح صلاحيات تنفيذية حقيقية، فالمنصب الرمزي غير مقبول بالمرة".