وقالت منسقة الندوة، ليلى مطر، لـ"العربي الجديد" إن رسالة هذه الندوة المدعومة أيضاً من (آمنستي إنترناشيونال) و(الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان) وغيرهما ودورها هو تسليط الضوء على الأوضاع الإنسانية التعيسة للغاية في مصر، "والتي لا تحظى مع الأسف الشديد بالاهتمام الكافي من المجتمع الدولي، ولذا فقد رأينا أن دعوة اثنين من النشطاء الحقوقيين المصريين وخبيرتين في حقوق الإنسان يمكن أن يعطي صورة تفصيلية للأوضاع في مصر الآن، وحث المجتمع الدولي بما في ذلك أيضاً مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان للتحرك ضد هذه الانتهاكات والأوضاع المؤسفة".
وأضافت "أن دورنا هو ألا نصمت في مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، لا سيما وأن المجتمع الدولي، مع الأسف الشديد، حتى الآن، لم يتحرك كما ينبغي أن يكون لمجابهة تلك الانتهاكات الجسيمة، وهو شيء مُحبِط على الرغم من تحذيرات خبراء الأمم المتحدة المعنيين بأوضاع حقوق الإنسان، وأيضاً مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان عندما أشار إلى انتهاكات حقوق الإنسان في تحديث تقريره الدوري أمام المجلس، وعلى الرغم من ذلك، فلم يتخذ المجلس أيّ إجراءات للتعامل مع الموقف في مصر بما يتناسب مع حجم الانتهاكات المتصاعد".
ولم تستعن، "هيومان رايتس واتش"، بخبرائها المتخصصين في الشأن المصري، ولجأت المنظمة المخضرمة إلى أربعة نشطاء حقوقيين ليعبر كل عن وجهة نظره في الانتهاكات وأسبابها وتداعياتها، فجاءت توصيات الندوة غير متوافقة مع الحجم الهائل من الانتهاكات التي أضحت واقعاً يومياً في مصر، منذ الانقلاب، وفقاً لتعليق حقوقيين مصريين.
الناشط الحقوقي، عبدالرحمن منصور، قدم تسلسلاً للأحداث والانتهاكات التي وقعت في مصر منذ الثورة مركزاً على مذبحتي ماسبيرو، ومحمد محمود، بدون التطرق لأحداث رابعة العدوية والنهضة ورمسيس على الرغم من أن عدد ضحاياها أعلى بكثير مما حدث بعد الخامس والعشرين من يناير.
وقال المتحدث ذاته "خرج المصريون اعتراضاً على استئثار الإخوان بالحكم على أمل التغيير، ولكن اتضح في ما بعد أن عبدالفتاح السيسي كان يضمر شيئاً آخر في نفسه، فاستولى على السلطة وبدأت الانتهاكات تطاول الجميع بلا استثناء من جميع التيارات السياسية النشطة، ليقبع 41 ألفاً في السجون ويلقى الباحث الإيطالي جوليو روجيني مصرعه".
ولخص الناشط الحقوقي مطالبه في "أن يمارس المجتمع الدولي ضغوطاً على النظام العسكري القمعي في مصر لأن تداعيات استمرار الانتهاكات مثلما هو عليه الحال الآن سيكون كارثياً ليس في مصر فقط بل خارجها أيضاً".
إحدى الخبيرتين المشاركتين في الندوة استعرضت تطور الانتهاكات على يد جهاز الشرطة وكيف أسهم تغيير وزير الداخلية في تفاقم الموقف "إذ أعاد مجدي عبدالغفار المشهد إلى أبشع مما كان عليه الوضع في عهد مبارك بسجل حافل من الاختفاء القسري، والتعذيب، وإجبار المعتقلين على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها تحت وطأة التعذيب الذي يطاول أسراً بأكملها، مشيرة، في هذا السياق، إلى قضية إسلام خليل، صاحب الـ 27 عاماً، الذي اعتقلته قوات الأمن يوم 24 مايو 2015 من منزله، هو ووالده وأخوه، ثم تم الإفراج عن والده وأخيه بعد فترة من الاختفاء القسري، بينما ظل إسلام مختفياً قسرياً لمدة 122 يوماً ليظهر بعدها كمتهم في قضية ملفقة من الأمن الوطني للتستر على جريمة إخفائه.
لتطالب بدورها الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة وقف كل أنواع التعاون مع الانقلاب في المجالات الأمنية بالتحديد.
الناشط الحقوقي، شريف منصور، ركز في مداخلته على الانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون بشكل غير مسبوق في تاريخ مصر مع رقابة صارمة على ما يتم بثه عبر الأثير أو في الصحافة الإلكترونية أو المطبوعة ويخالف توجهات النظام مع تضييق الخناق على جميع الصحافيين الذين يبدون تعاطفاً مع الإسلاميين.
لكن اللافت للنظر في مداخلة منصور تركيزه على استعراض حالة إسلام البحيري وانتقاده قانون حظر ازدراء الأديان بشدة، معتبراً أن ما حدث للمدعو إسلام البحيري انتهاك لحرية التعبير عن الرأي على الرغم من دور البحيري في كشف الأفكار التكفيرية التي تؤدي إلى ظهور تيارات متطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، حسب رأيه.
وقالت المديرة التنفيذية لمعهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط في واشنطن، نانسي عقيل، "إن الانقلاب يبرر كل هذا القمع بزعم أنه يحارب التطرف الإسلامي ويصد التوجهات الإرهابية بل ويدعي أنه يدافع أيضاً عن القيم المصرية لمحاولة الوصول إلى استقرار لدعم النمو الاقتصادي".
وأضافت أن نتيجة نظام حكم عبدالفتاح السيسي هي أن عدد الهجمات الإرهابية قد زادت وظهرت تنظيمات لم تكن معروفة من قبل مثل ولاية سيناء، بل حاول الانقلاب ارتداء ثوب الدفاع عن الإسلام فزادت عدد القضايا المتعلقة بازدراء الأديان بصورة غير مسبوقة من قبل.
ووصفت الناشطة الحقوقية، التي حكم عليها الانقلاب بالسجن غيابياً لمدة خمس سنوات، المحصلة النهائية الآن، إنها مزيد من الانتهاكات المتواصلة من التعذيب إلى الاختفاء القسري إلى الأحكام القضائية الجائرة وحرمان المصريين من حقوقهم الأساسية بل وتجاوز أمناء الشرطة لمسؤولياتهم وظهور حالات متكررة من اعتداءاتهم على المواطنين بما في ذلك أيضاً القتل العمد، وعلى الرغم من هذا القمع فإن الاحتجاجات لم تتوقف بل متواصلة بأشكال مختلفة حتى بلغت، منذ مطلع هذا العام، حوالى 700 احتجاج أكثرها ضخامة كانت وقفة الصحافيين أخيراً. وانهار الاقتصاد بشكل كبير والأخطر هو أن سياسة الانقلاب قد جعلت كثيرين يصلون إلى قناعة أن الاحتجاجات السلمية تؤدي إلى السجن والقتل.