"مجزرة قضائية" في مصر: إعدام جماعي لرافضي الانقلاب

"مجزرة قضائية" في مصر: إعدام جماعي لرافضي الانقلاب

24 مارس 2014
استعدادات للانقضاض على اعتصام أمام جماعة القاهرة (خالد دسوقي)
+ الخط -

تلقّت الثورة المصرية ضربةً استئثنائية مع إقدام السلطات المصرية، اليوم الاثنين، على خطوة يعتقد جزء كبير من المراقبين أنها الأخطر منذ انقلاب الثالث من يوليو/تموز الماضي، نظراً لما سيكون لها من تداعيات على طيف واسع من الشعب المصري. فبعد الانقلاب وما تلاه من اعتقال لنحو 22 ألفا من معارضي الانقلاب، بحسب مصادر جماعة "الأخوان"، وبعد حظر هذا التنظيم وإعلانه "إرهابياً" في ديسمبر/كانون الأول، أصدرت محكمة الجنايات في مدينة المنيا، اليوم الإثنين، أحكاماً جماعية بالإعدام لـ529 من رافضي الانقلاب العسكري، من بينهم 22 شخصا فقط من المنتمين لجماعة الأخوان بحسب محاميها محمد طوسون.
على أن تُستكمل "المجزرة القضائية" غداً الثلاثاء، بالتزامن مع بدء القمة العربية في الكويت، إذ يتوقع البعض أن يشهد صدور أحكام مماثلة بحق المئات من قواعد "الإخوان" وقادتهم، في مقدمتهم المرشد محمد بديع. وفي ظل هذه الأجواء، تكون السلطة العسكرية، التي تتخذ من المؤسسات الرسمية واجهةً لها، قد أقفلت الباب أمام أي مصالحة محتملة بين أطياف الشعب المصري، ممثلاً بأحزابه وهيئاته التي بات عدد كبير من رموزها، ممن حرّكوا الثورة المصرية قبل ثلاث سنوات، في معتقلات الجيش.

وأعلنت مصادر قضائية أن محكمة مصرية أحالت أوراق 529 متهماً من معارضي الانقلاب العسكري إلى المفتي، تمهيداً للحكم بإعدامهم، لإدانتهم بالهجوم على مركز شرطة وقتل ضابط، عقب أعمال القتل التي أودت بحياة المئات من أنصار مرسي، بعد فضّ اعتصام ميدان رابعة العدوية في شمال شرق القاهرة، في 14 أغسطس/آب الماضي. وقال مصدر قضائي إن الحكم صدر حضورياً على 147 متهما وغيابياً على الباقين، فيما برأت المحكمة 17 متهماً. ويسجّل هذا الحكم رقماً قد يكون قياسياً على الصعيد العالمي في سرعة صدوره، إذ لم يبدأ النظر في الدعوى إلا يوم أول من أمس السبت، ولم تُعقَد إلا جلستان قبل صدور القرار، في ظل عدم إتاحة المجال لمحامي الدفاع بعرض مرافعاتهم. ووجهت النيابة العامة للمحكوم عليهم تهم "الاعتداء على مركز الشرطة في مدينة مطاي بمحافظة المنيا، وإشعال النار في المركز وقتل أحد الضباط، والشروع في قتل ضابطين آخرين"، كما جاء في أوراق القضية. وقالت شاهدة إن صراخ أقارب المحكوم عليهم علا أمام مقر المحكمة، بعد علمهم بالحكم على أبنائهم. والمحكوم عليهم غيابياً هاربون أو مفرج عنهم بكفالة.

ونقلت وكالة "الأسوشييتد برس"، عن محامين، تأكيدهم احتمال "تخفيف هذه الأحكام في الاستئناف". وقال المحامي محمد زارع، الذي يرأس مركزاً حقوقياً في القاهرة، إن "هذه العقوبات مبالغ فيها وغير مقبولة. الحكم سابقة في تاريخ المحاكم المصرية، وربما في تاريخ العالم". وتابع أن "هذه الأحكام تحوّل القضاء المصري من وسيلة لتحقيق العدالة إلى وسيلة للانتقام".

وفي سياق المخالفات القانونية التي شابت الجلسة الختامية، اليوم الاثنين، أشار أحد المحامين، وهو ياسر زيدان، إلى أنه لدى تلاوة الحكم، منعت القوات الأمنية محامي الدفاع من الدخول إلى قاعة المحكمة، وذلك بعدما حرمتهم من الوقت الكافي ليعرضوا مداخلاتهم ولتحضير ملفاتهم المؤلفة من حوالي ثلاثة آلاف صفحة من "الأدلة" و"الوثائق"، وهو ما حاول المحامون القيام به من خلال الطلب إلى القاضي سعيد يوسف بتأجيل جلسة النطق بالحكم، لكن الأخير رفض حتى استقبال الطلب وتسجيله. ولدى إصرار فريق الدفاع على الطلب، صرخ القاضي في القاعة، وقال ما مفاده إنه لن يسمح لأحد بأن يُملي عليه قراراته، ما دفع بقوات الأمن إلى التدخل لقمع المحامين. وعلّق القيادي في "الأخوان"، إبراهيم منير، على القرار بالقول لفضائية "الجزيرة" إن "الانقلاب العسكري يرغب بتوجيه رسالة من خلال الأحكام القضائية، للقمة العربية التي تبدأ غداً الثلاثاء في الكويت، مفادها دعوة للدول العربية الأخرى إلى حظر جماعة الأخوان المسلمين واعتباره "تنظيماً إرهابياً" على غرار ما فعلته القاهرة والرياض".

من جهته، رأى جهاد الأنيس، الخبير في سياسات الشرق الأوسط في جامعة "نوتنهام" البريطانية، أن أحكام اليوم الإثنين، "بعيدة جداً عن الحد الأدنى من المعايير الدولية لأصول المحاكمات". واستبعد الأنيس أن تتنازل السلطات المصرية للانتقادات الدولية على خلفية أحكام الإعدام، وتوقع أن "تدفع بالأمور إلى المزيد من المحاكمات الجماعية".

ويبدو أن السلطات المصرية تنوي التصعيد أكثر في الملف، إذ سرّبت مصادر قضائية أيضاً، ما مفاده بأن محكمة جنايات المنيا ستبدأ، يوم غد الثلاثاء، النظر في قضية أحداث مماثلة وقعت في مدينة العدوة، ومتهم فيها المرشد العام لـ"الإخوان"، محمد بديع و682 من أنصار الجماعة.

 

المساهمون