"شماتة أرينج" بصالح مسلّم: تركيا الحامية الأولى لأكراد المنطقة

"شماتة أرينج" بصالح مسلّم: تركيا الحامية الأولى لأكراد المنطقة

06 أكتوبر 2014
داود أوغلو يتوسط أردوغان وأرينج (أدم ألتان/فرانس برس)
+ الخط -
انتقد نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرينج، أمس الأحد، في محاضرة ألقاها في مركز "أتاتورك الثقافي للمؤتمرات" في ولاية بورصة بمناسبة عيد الأضحى، حزب "الاتحاد الديمقراطي الكردي"(PYD)  في سورية، لوقوفه في صف النظام السوري برئاسة بشار الأسد، وتشكيله "كانتونات" في شمال سورية.

ولفت إلى أن "الاتحاد الديمقراطي" طلب من تركيا المساعدة، عندما هاجم تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مدينة عين العرب (كوباني).

وتساءل أرينج، "لماذا لم يحمكم النظام السوري، لماذا لم يحتم المدنيون في كوباني بكانتون الحسكة، بدلاً من لجوئهم إلى تركيا؟"، موضحاً أن "أنظار أكراد الشرق الأوسط، والعالم تتجه نحو تركيا، فإن كان هناك حامٍ للأكراد في سورية، فهي تركيا".

وأشار أرينج، إلى أن "بعض أكراد سورية ارتكبوا خطأً من خلال وقوفهم إلى جانب نظام الأسد، بعيداً عن صف المعارضة السورية". مضيفا أن "هؤلاء وقفوا مع من كان لا يعترف بهم، ولا ينظر إليهم كبشر، منتهزين فرصة إعطائهم النظام بعض الامتيازات".

ولم تخلُ كلمات أرينج، من الشماتة السياسية لكن كان أهم ما فيها هو تأكيده بشكل غير مسبوق على أنه "إن كان هناك حامٍ للأكراد في سورية، فهي تركيا"، بما يمكن اعتباره تغييراً في الموقف التركي، فلم تعد تركيا حامية لأكراد العراق، ولكن أيضاً لأكراد سورية لتمتد الحماية في حال نجاح عملية السلام لأكراد تركيا.

وحدث تحول جذري في العقل السياسي التركي على جميع المستويات بعد وصول حزب "العدالة والتنمية" إلى الحكم عام 2002، وبدا هذا التغيير واضحاً بشكل أساسي على مستوى القضايا الخارجية بشكل عام وعلى مستوى التعامل مع الأكراد سواء في تركيا أو في المنطقة بشكل خاص.

فعلى المستوى الداخلي بدأت الحكومة بكسر أكبر "التابوهات" (المحرمات) في تاريخ الجمهورية وباشرت عام 2012 بإجراء مفاوضات غير مباشرة مع "عدوها القومي" الأول حزب "العمال الكردستاني" عبر الحوار الذي أجراه جهاز الاستخبارات التركي بقيادة مديره حاقان فيدان، مع رئيس الحزب عبد الله أوجلان.

أما على المستوى الخارجي فبدأت تركيا بتغيير استراتيجيتها تماماً بالتعامل مع الأحزاب الكردية العراقية في إقليم كردستان العراق، فلم تعد تهديداً للأمن القومي كما كانت في عهد الوصاية العسكرية، بل أصبحت امتداداً للنفوذ التركي في العراق وحامي للحدود الجنوبية مستعيداً بذلك السياسات العثمانية القديمة التي كانت تعتمد على الأكراد كحائط دفاع أول في وجه الدولة الصفوية. ففتحت المعابر بين الطرفين وسهلت مرور البضائع وبدأ المستثمرون الإتراك بالعمل في الإقليم، وعندما اندلع الخلاف بين أربيل وبغداد في عهد رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، كانت تركيا من أكبر الداعمين للإقليم ووقعت معه اتفاقية لتصدير نفط الإقليم على الرغم من المعارضة الأميركية والإيرانية الحادة للأمر.

بقيت السياسة التركية منذ اندلاع الثورة السورية واضحة مع الأكراد. استمرت بالتفاوض مع "العمال الكردستاني"، رفض تام لجناحه في سورية حزب "الاتحاد الديمقراطي"، ودعم كبير لإقليم كردستان العراق. لكن دخول تركيا في الحلف الدولي الذي تقوده الإدارة الأميركية، ومن ثم إقرار المذكرة البرلمانية التي تسمح للجيش التركي بالقيام بعمليات عسكرية داخل الأراضي السورية والتركية، وذلك في ظل اشتداد هجمة "داعش" على مدينة عين العرب التي تتحصن فيها قوات الحماية الشعبية التابعة لـ "الاتحاد الديمقراطي".

كل هذا دفع رئيس الحزب الكردي السوري صالح مسلّم، مضطراً إلى أنقرة لطلب الدعم بعد أن استطاعت الدبلوماسية التركية أن تمنع عنه أي مساعدات عسكرية من الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة الأميركية.

وفي ظل انهيار تام للدولتين العربيتين على حدودها الجنوبية وحالة العداء الواضحة مع دول الخليج العربي باستثناء دولة قطر، تحاول الجمهورية التركية العودة إلى المنطقة، لكن هذه المرة بقوة عبر إعادة إحياء الحلف التركي الكردي الذي تم إنشاؤه بعد هزيمة الدول العثمانية للحرب العالمية الأولى لمواجهة الاحتلال الفرنسي والبريطاني لأراضي الدولة العثمانية، فقد دمر هذا التحالف حينها السياسات القومية المتشددة التي مارسها مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك.