"تقليل الإنجاب"... الواقع في غزة لمواجهة قسوة الحياة

"تقليل الإنجاب"... الواقع في غزة لمواجهة قسوة الحياة

25 فبراير 2015
تحديد عدد المواليد لصعوبات المعيشة (GETTY)
+ الخط -
تكشف إحصائيات رسمية، عن انخفاض في معدلات الولادة في قطاع غزة، وتوجه الجيل الحديث نحو "تحديد الإنجاب"، على عكس ما كانت عليه الحالة المجتمعية، خلال الأعوام الماضية، والمتمثلة في "كثرة المواليد".

ويعزو أرباب أسر هذا التوجه، إلى قسوة الحياة المعيشية والاقتصادية في قطاع غزة، وضيق الحال، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض منذ عام 2007.

ويرفض مؤنس ياسين (37 عاماً) الإصغاء لوالدته وإلحاحها المتكرر كي ينجب طفله الرابع، فقد قرر الاكتفاء بأسرته الصغيرة المكونة من ولدين وبنت. ويقول: "أمي أنجبت 8 أبناء (3 أولاد و5 بنات)، وتريد منا أن نكون مثل آبائنا وأجدادنا، في تكوين ما يصفونه بالعزوة والسند، ولكن الحال اختلف عن السابق، ولم يعد بمقدورنا التكيف مع الواقع الصعب".


ومتطلبات المولود الجديد تحتاج إلى مرتب كامل، كما يؤكد ياسين الذي لم يتلقَ راتباً كاملاً أسوة بنحو 40 ألف موظف آخرين يعملون في حكومة حماس السابقة، لخلافات سياسية بين حركتي حماس وفتح حول ملف الموظفين.

ويستدرك بالقول: "لا يوجد أمان وظيفي، أو معيشي، والأوضاع تتجه نحو الأسوأ، فمن الطبيعي أن تتغير عادات المجتمع".


وبحسب نتائج مسح الأسرة الفلسطينية للعام 2014 الذي كشف عنه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن هناك انخفاضاً في معدّل الولادات داخل الأراضي الفلسطينية بشكل مستمر، إضافة إلى انخفاض معدل الخصوبة الكلّية في فلسطين، حيث بلغ 4.4 أطفال لكلّ أمّ في الفترة الممتدّة بين أعوام (2008 و2010) مقابل 6.0 أطفال لكلّ أمّ في عام 1997. وبلغ هذا المعدل في قطاع غزة 5.2 أطفال لكلّ أمّ بين أعوام (2008 و2010) مقابل 6.9 أطفال في عام 1997.

وتشير بيانات عام 2014، إلى أنّه طرأ انخفاض في متوسط حجم الأسرة في قطاع غزة مقارنة بعام 1997، حيث انخفض إلى 5.2 أفراد عام 2014، مقارنة بـ6.9 أفراد عام 1997، وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

ولا تكترث سمية نعيم (36 عاماً) لرغبة أمها أو حماتها (والدة زوجها) في إنجاب طفل خامس، إذ ترى في تلك الخطوة أمراً نفسياً معقداً في ظل الوقت الحالي. وتضيف نعيم أنها قررت الاعتماد على وسائل تنظيم الأسرة، فزوجها الذي فقد عمله في أحد المصانع التي دمرتها الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، لم يعد قادراً على تلبية احتياجات الأسرة.

وتتابع "الواقع الصعب، وقسوة الظروف هي التي دفعتنا نحو تنظيم الأسرة، في كثير من الأيام لا نجد ما نأكله، فكيف سنوفر لأبنائنا الحياة الكريمة؟".

والتفكير في تحديد الإنجاب، بات يراود كافة الفئات في قطاع غزة، كما يقول المهندس رامز رجب (41 عاماً) وهو أب لأربعة أبناء، مشيراً إلى أن "الحياة باتت صعبة، وهناك مستقبل للأبناء من تعليم وصحة، وغيرها من الأمور التي تجعل من إنجاب طفل جديد للأسرة أمراً صعباً. الظروف في غزة تزداد تعقيداً يوما تلو آخر".


وقررت مروة اليازجي (33 عاماً) هي وزوجها الاكتفاء بأربعة أطفال، وقالت: "متطلبات الحياة باتت مكلفة، زوجي يعمل محاسباً في إحدى الشركات، راتبه في منتصف الشهر ينفد، وكل شيء بات غالي الثمن، لهذا من الأفضل لنا أن نحد من الإنجاب".

ويحتضن قطاع غزة، أكثر بقاع العالم اكتظاظا بالسكان، ما يزيد على 1.9 مليون شخص، على مساحة من الأرض تبلغ 360 كيلومترا مربعا فقط.

ويرى درداح الشاعر، أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى بغزة، أن ظروف الحياة هي التي فرضت على أهالي غزة التوجه نحو هذا التفكير. وقال: "في السابق كان أغلب الآباء مزارعين، ولهم الكثير من الأراضي، وهناك مهن أخرى توفر لهم الدخل، فكان الإنجاب أمراً عادياً، ولكن اليوم اختلف الوضع، ولم تعد حياة الأبناء تشبه حياة آبائهم وأجدادهم".


وتابع "هناك شباب لا يفكرون في الزواج أصلا، بسبب ارتفاع معدلات البطالة، والفقر، والظروف المعيشية القاسية، وبالتالي معظم الأسر اليوم معذورة في هذا التفكير والتوجه، فالأسر باتت تفكر في كيفية سبل توفير الحياة الكريمة لأبنائها".

اقرأ أيضاً: الدول الاسكندنافية تناشد مواطنيها الإنجاب 
اقرأ أيضاً: تعداد تونس ينذر بتقلص نمو السكان 
 

دلالات

المساهمون