"الليكود" الإسرائيلي يوثق علاقاته بـ"الجبهة الوطنية" الفرنسي

"الليكود" الإسرائيلي يوثق علاقاته بـ"الجبهة الوطنية" الفرنسي

29 يناير 2017
باي يقوم بزيارة لإسرائيل ويلتقي قياديا بـ"الليكود"(كوماس كويس/فرانس برس)
+ الخط -



فيما يشكل استباقاً للتحولات التي قد تطرأ على المشهد السياسي الأوروبي الداخلي، واصل حزب "الليكود" الحاكم في دولة الاحتلال الإسرائيلي تحركاته الهادفة للتواصل مع الأحزاب والحركات التي تمثل اليمين المتطرف في القارة العجوز، سيما في فرنسا. 

فعلى الرغم من ادعاء الحكومة الإسرائيلية مقاطعة حزب "الجبهة الوطنية"، بقيادة ماري لوبين، ومهاجمة "عنصرية" هذا الحزب، إلا أن حزب "الليكود"، الذي يقوده رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، عقد اجتماعا غير مسبوق مع قيادات هذا الحزب. 

وكشف موقع صحيفة "هارتس"، أمس، النقاب عن أن رئيس معسكر الشباب في "الليكود"، دفيد شاين، التقى بنيكولا باي، الأمين العام لـ"الجبهة الوطنية"، الذي يزور إسرائيل حاليا. 

وحسب "هآرتس"، فقد حاولت الحكومة الإسرائيلية خفض الاهتمام الإعلامي بزيارة باي، لدرجة أنها اجتهدت أن تكون الزيارة ذات طابع سري، وهو ما لم يتسن لها في النهاية. 


وأوضحت الصحيفة أن حكومة نتنياهو حاولت التكتم على زيارة باي لتقليص مستوى الحرج الناجم عن التناقض بين قرار المقاطعة الرسمية لحزب "الجبهة الوطنية"، الذي تتهمه أوساط يهودية بـ"معاداة السامية"، والسماح للرجل الثاني في الحزب بزيارة إسرائيل، ومبادرة قيادي بارز في الحزب الحاكم لعقد لقاء معه. 

وقد دافع القيادي الليكودي شاين، الذي تحدث إلى "هارتس"، عن لقائه بباي، مشددا على أنه ضد مقاطعة أي شخص معني بلقائه. 

من ناحيته، أبدى باي إعجابه بـ"التجربة الإسرائيلية"، قائلا إن "الجبهة الوطنية" يريد الحفاظ على "هوية فرنسا الوطنية تماما، كما عملت إسرائيل وتعهد الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب". 

وفي مقابلة منفصلة مع "هارتس"، نوه باي إلى أن "الجبهة الوطنية" مثل "إسرائيل تريد الحفاظ على أمن فرنسا وأمن مواطنيها، وحماية اقتصادها وحدودها وهويتها الثقافية"، مشيرا إلى أن "أحد أهداف الزيارة تتمثل في محاولة تحسين العلاقة مع إسرائيل، استعدادا لإمكانية أن تفوز لوبين في الانتخابات الرئاسية الفرنسية". 

وحرص باي على التأكيد على أن "الجبهة الوطنية" ملتزمة بالعمل على الحفاظ على أمن إسرائيل في حال وصلت للحكم. 

وأبرز المعلق السياسي لـ"هارتس"، براك رفيد، الذي أجرى المقابلة مع باي، أنه "على الرغم من اتهام لوبين باللاسامية، إلا أن استطلاعا أجري في فرنسا مؤخرا دلل على أنها تحظى بتأييد 10% -15% من المصوتين اليهود الفرنسيين، وذلك قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات الرئاسية، حيث من المتوقع أن تصل زعيمة اليمين المتطرف إلى الجولة الثانية من الانتخابات".

ولفت رافيد الأنظار إلى حقيقة أن باي يعد من أكثر قيادات "الجبهة" انتقادا لسياسة الهجرة التي اتبعتها الحكومات الفرنسية، حيث إنه اتهم إدارة الرئيس السابق، نيكولا ساركوزي، باتباع سياسة هجرة متساهلة، على الرغم من الأخير كان معروفا بتشدده. 

وذكر المعلق السياسي لـ"هارتس" أن الزيارة التي يقوم بها باي لإسرائيل، والزيارات المماثلة التي قام بها ممثلون لأحزاب أخرى تمثل اليمين المتطرف في أوروبا، مثل حزب "الحرية" النمساوي، توظف من قبل هذه الأحزاب لمراكمة الشرعية، على اعتبار أن التواصل مع إسرائيل ينزع مسوغات اتهامها باللاسامية. 

يشار إلى أن برامج اليمين المتطرف في أوروبا، القائمة على "الإسلامفوبيا" والعنصرية، تجد استحسانا لدى قطاعات واسعة من اليمين الإسرائيلي. وقد حرص النائب السابق في الكنيست عن حزب "الاتحاد الوطني"، الجنرال آرييه إلداد، على عقد لقاءات دورية مع زعيم اليمين المتطرف في هولندا، خيرت فيلدرز، سواء في إسرائيل وفي هولندا، حيث أكد، في أكثر من مناسبة، أن أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا هي "الحليف الطبيعي" لإسرائيل.

 وفي المقابل، فإن هناك ما يدلل على أن إسرائيل، التي تدعي مقاطعة هذه الأحزاب بسبب برامجها السياسية، معنية ببناء قنوات اتصال غير مباشرة تساعدها على حماية ما تدعي أنها "مصالحها" في حال وصلت هذه الأحزاب للحكم. 

وقد أشار معلق الشؤون الخارجية في القناة الإسرائيلية الثانية، عراد نير، في تعليق بث أخيرا، إلى أن "حكومة بنيامين نتنياهو تلعب "لعبة مزدوجة"، حيث إنها تتبع تكتيكا يقوم على مقاطعة رسمية لأحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، لكنها، في المقابل، تسمح لممثلي الأحزاب المشاركة فيها باستقبال ممثلين عن هذه الأحزاب، والقيام بزيارة عواصم الدول التي تعمل فيها وعقد لقاءات معها". 

وفي بعض الأحيان لم يتردد المسؤولون الإسرائيليون في عقد لقاءات مع قادة الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا عندما اعتقدوا أن هذه اللقاءات بعيدة عن كاميرات وسائل الإعلام. فقد عقد ممثل إسرائيل السابق في الأمم المتحدة، رون بروشاور، لقاء مع ماري لوبين قبل عامين عندما كانت موجودة في الجمعية العامة للأمم المتحدة.