"الغفران" يحاصر "الأضحى" في عكا

"الغفران" يحاصر "الأضحى" في عكا

21 سبتمبر 2014
تتذّرع البلدية بتفادي وقوع صدامات (ماركو لونغاري/فرانس برس)
+ الخط -


يمتد التمييز الذي يعيشه فلسطينيو 48 في الأراضي المحتلة إلى المناسبات الدينية، وخصوصاً هذا العام، الذي يتزامن فيه عيد الغفران اليهودي مع عيد الأضحى الإسلامي. تزامن قامت على إثره بلدية مدينة عكا المختلطة، بالتخطيط لسلسلة من الإجراءات للتضييق على الحركة الفلسطينية في المدينة، بذريعة تجنّب الاحتكاك مع اليهود.

يصيب هذا التضييق الفلسطينيين في مقتل اقتصادي، وخصوصاً أنّ عكا مقصد للعديد من الزوار المسلمين، الذين يأتون للتبضع في المدينة أو زيارة الأقارب، أو حتى السياحة داخلها، وهي الغنية بالآثار الإسلامية، ما أثار موجة من ردود الفعل الغاضبة. وسعت إدارة بلديّة عكا، عبر اتفاق مع رجال دين، إلى فرض صيغة على سكان المدينة الفلسطينيين، بإغلاق محالهم التجارية، وتقييد حركتهم وتنقلهم، خلال يوم "الغفران" اليهودي، وفق ما أكدته مصادر لـ"العربي الجديد". وعقدت بلدية عكا اجتماعاً قبل أسبوعين، دعت إليه رجال دين يهوداً ومسلمين، وممثلين عن جمعيات المجتمع المدني، عربيّة وأخرى يهودية من خارج عكا، مستثنية من دعوتها ممثلين منتخبين عن الفلسطينيين في عكا، انتخبوا أعضاء في المجلس البلدي للمدينة.


وأثار هذا الاجتماع تساؤلات كثيرة، وخصوصاً أنّ البلدية ترمي إلى وضع تنظيمات جديدة، تتعلّق بحركة السير في مختلف الأحياء، وشلّ الحركة التجارية في البلدة القديمة، خلال أيام عيد الأضحى. وغالباً ما تستقبل المحال التجارية الفلسطينية، في سوق المدينة القديم، آلاف الفلسطينيين في الداخل، والذين يأتون إلى المدينة، منذ ست سنوات، لعدم ترك عكا وأهلها وحيدين. ويقول عضو الكنيست السابق، إمام مسجد العمر في المدينة، الشيخ عباس زكور، الذي شارك في الاجتماع في مقر البلدية، لـ"العربي الجديد"، إنّه "يجب أن يكون الاحترام متبادلاً للجهتين، بدون إملاءات من قبل طرف على الآخر".

ويشير إلى أنّ "الحديث يدور عن أن تكون مسارات طرق مغلقة، وتحديداً تلك القريبة من الكُنُس، ومسالك مفتوحة، أي القريبة من الأحياء العربية وعكا القديمة". ويشدد زكور على عدم "القبول بمنع التحرك في البلدة القديمة. لا يوجد هناك قانون يمنع القيادة. ولكن لا نريد استفزازات وتحديات، وأي قرار يتخذ يأتي ضمن تفاهمات". وبرغم دفاع زكور عن التوجّه للتوصّل إلى تفاهمات مع البلدية، فإنّ مجرد عقد الاجتماع أثار حفيظة قطاعات مختلفة.

من جهتها، توضح عضو البلدية عن قائمة النهضة، مديحة رمّال، لـ"العربي الجديد"، أنّ "التخوّف هو من وقوع احتكاكات وعنف، كون عكا مدينة مختلطة، ونتيجة لأحداث العام 2008، لكن لا يوجد قانون يمنع قيادة السيارات، بل هذا عرف ديني لدى اليهود، وفق تقاليدهم وديانتهم". وتضيف: "لديّ امتعاض لعدم دعوتنا الى جلسة البلدية للتشاور بالموضوع. هذه الأمور يجب أن تُعرض أيضاً على ممثلي الجمهور، وليس فقط رجال الدين".

وتؤكد رمّال أن "الحلّ الذي تتحدّث عنه حتى الآن بلدية عكا، والذي يقضي بتقسيم أجزاء من شوارع المدينة يسمحون فيها بالقيادة، وأخرى سيغلقونها، هو حلّ جزئي، لأن هنالك أحياء مختلطة من العرب واليهود، ولكن ماذا عن أحياء الشيكون والشمال والكيرم؟".


ويشير الناشط جهاد أبو ريا، من حراك "مجموعة فلسطينيات" لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "أي حلّ يكون باحترام عيد الأضحى، هو حل صحيح، وليس بمنع الزائرين من القدوم إلى عكا، حيث تتحوّل في أيام العيد الى مزار لمحتفلين من بلدات الجليل".

في المقابل، يعرب سامي هواري، من جمعية "الياطر" في عكا، عن اعتقاده، لـ"العربي الجديد"، بوجوب إشراك المواطنين بالتفكير والتخطيط للحلّ المقترح في يوم الغفران. ويضيف: "يجب الأخذ بعين الاعتبار حقوق الدين الإسلامي والدين اليهودي واحترام العادات والتقاليد لكلّ سكان عكا. الموضوع يجب أن يُحلّ بطريقة مدنية، وليس من خلال فرض إجراءات بوليسيّة، قد تتسبّب بظلم وضائقة لمجموعات سكانيّة".
ويلفت إلى أن "آلاف العرب يقطنون خارج الأسوار، في الاحياء القريبة من أحياء يهوديّة، ويجب ضمان حقّهم في الخروج والدخول الى أحيائهم، وحقّهم في ممارسة احتفالهم بالعيد". ويعيش في مدينة عكا اليوم نحو عشرين ألف فلسطيني، يتركز قسم منهم في "عكا التاريخية"، بينما يعيش القسم الآخر في الأحياء المختلطة خارج الأسوار.