"العالية"... مقبرة شهداء ورؤساء الجزائر

"العالية"... مقبرة شهداء ورؤساء الجزائر

25 ديسمبر 2019
مدخل مقبرة "العالية" في الجزائر (العربي الجديد)
+ الخط -

ليست مقبرة "العالية" مثل بقية المقابر في الجزائر، فهي تضمّ رفات شهداء ثورة التحرير ورموزها، ورفات رؤساء ومسؤولين كبار، واستقبلت اليوم الأربعاء جثمان رئيس الأركان نائب وزير الدفاع، أحمد قايد صالح.

وعلى مرّ سبعة عقود من الزمن، اعتبرت "العالية" أهمّ مقبرة في الجزائر، وبنيت في 1942، على قطعة أرض تفوق مساحتها 80 هكتاراً، بمنطقة باب الزوار شرق العاصمة الجزائرية. و"العالية" هو اسم السيدة التي تبرعت بالأرض لبناء المقبرة، وكانت من أثرياء المنطقة، وأوصت قبل موتها بأن تكون تلك الأرض مقبرة.
ويشرف مدخل المقبرة المهيب على الطريق الوطني رقم خمسة، وزين بمساحات خضراء على طرفيه، وباب كبير مفتوح على مصراعيه باللون البني الداكن، وعلى بعد 100 متر من الباب الرئيسي إلى داخل المقبرة، وزعت الأشجار في تناسق جميل.
وتضم المقبرة "مربع الشهداء" الذي دُفن فيه عشرات الشهداء ومقاومي الاستعمار الفرنسي، وضريح الأمير عبد القادر الجزائري، وقبور الرؤساء هواري بومدين، والشاذلي بن جديد، ومحمد بوضياف، وعلي كافي، وأحمد بن بلة.
وقال أستاذ التاريخ الجزائري، سليم بن حمودة، لـ"العربي الجديد"، إن "العالية" تضم رفات أشخاص لم يسمع عنهم الجزائريون كثيراً من مختلف الأجيال، رغم أنهم أسماء سجلت بحروف من ذهب في كتب التاريخ، و"أصبحت اليوم فضاءً مسيَّجاً بالهيبة والرهبة".
ويترك دخول المقبرة شعوراً بالرهبة والخشوع مثل كل المقابر، غير أن دخول "العالية" مختلف لدى غالبية الجزائريين، لأنها مقبرة شهداء الثورة، وقالت كريمة بن عمر لـ"العربي الجديد"، إن "هذا الفضاء يجمع من صنعوا ذاكرة الجزائر، الذين رسخوا أسماءهم في ذاكرة الوطن".


وتستقبل المقبرة كل يوم جمعة جموعاً من المواطنين الذين يأتون للترحم على أرواح الشهداء، ويعتبرها نور الدين ساحلي، الطالب في كلية التاريخ بجامعة العلوم الإنسانية بالبليدة، متحفاً يمكن الزائر أن يطلع على فترات تاريخية عدة، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "رموز ثورة التحرير يرقدون فيها، ولا بد للأجيال أن تستلهم من سيرتهم العبر".

ويروي زوار للمقبرة حكايات المدفونين فيها، وبينهم الأمير عبد القادر الجزائري، الملقب بـ"نابليون الصحراء"، الذي كتب على قبره: "لو جمعت فرنسا سائر أموالها، ثم خيرتني بين أن آخذها وأكون عبداً، وبين أن أكون حراً فقيراً معدماً، لاخترت أن أكون حراً فقيراً".
وفي "العالية" قبر المناضلة "لالا فاطمة نسومر"، التي توفيت في 1863، وتُعَدّ واحدة من نساء الجزائر الخالدات، وفيها مقابر للمسلمين، ومقابر للمسيحيين، ومقبرة الإنكليز الذين لقوا حتفهم خلال الحرب العالمية الثانية.