"الزهرات الست" تراث فلسطين بقفازات نسائية

"الزهرات الست" تراث فلسطين بقفازات نسائية

06 ابريل 2014
الزهرات الست "العربي الجديد"
+ الخط -
 

الموهبة والهواية وحب العمل بروح الجماعة التي بدأت مع الشقيقات الست نور ونادرين وبدور وبسمة وآية وهبة شعشاعة، مبكرةً تحولت إلى مهنة، بعدما شكلن فريقاً يجمع تحت اسمه "أحلام الزهرات في حياة أفضل" بمنتجات تحتوي ملامح التراث الفلسطيني وملامح الآباء والأجداد.

البداية كما ترويها "بدور" متخرجة الخدمة الاجتماعية، كانت بتعلم التطريز الفلاحي أيام المدرسة، وكيف كانت الأخوات تقضين إجازتهن الصيفية في إنجاز بعض المطرزات لصالح الأقارب والأصدقاء، للاستفادة من الوقت ودعماً لدخل الأسرة المحدود.

دعم التراث وتمثيل الهوية الفلسطينية، هو أحد الأهداف التي تسعى الزهرات الست إلى تحقيقها، حسب بدور. تقول: لم يوقفنا التفكير طويلا في مشكلة البطالة المنتشرة في قطاع غزة، وكان قرار تحويل الهواية إلى مهنة هو الحل الأمثل. بعد تخرج أغلبنا في الجامعة وعدم حصولنا على وظيفة مناسبة، وزيادة أوقات الفراغ، توسعت لدينا فكرة التطريز الفلاحي، وفكرنا كيف يمكن أن نجعل من الفكرة مشروعاً مستقلاً يدر دخلاً ثابتاً، وحققنا ذلك من خلال تأسيس فريق يتولى كل الأعمال، واخترنا لأنفسنا شعاراً قريباً من شخصيتنا الأنثوية ويحمل عددنا فكان الاسم (THE 6 FLOWERS) أو "الزهرات الست".

وعن دورها في الفريق، تقول نادرين متخرجة التصميم الداخلي والديكور: كنت أول من تعلم التطريز، وتعلمته بعد ذلك سائر أخواتي، ودوري اليوم يبدأ بتصميم أي رسم على القماش وتحديد الألوان وتنسيقها ومن ثم يبدأن بالعمل الجماعي لإنجاز المطلوب.

وتشير إلى أنها استفادت من دراستها كمصممة ديكور في تصميم الشعارات والرسومات وتنسيق الألوان، وهذا أعطى عمل الفريق جانباً مميزاً في مطرزاته.

ورشة عمل دائمة الانعقاد كما تصفها نادرين، تعمل الأخوات الست كخلية نحل نشيطة، مما يعطيهن ميزة إضافية بإنجاز الأعمال بسرعة أكبر، لترسم رحلة الإبرة داخل القماش ناقلة الخيوط، لوحة تعكس رحلة كفاح الأخوات الست.

الأخت الكبرى نور متخرجة هندسة الحاسوب، تتولى تسويق منتجات الفريق عبر صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تقول: استخدام الانترنت كان نقلة في عملنا، مما سبّ إقبالاً كبيراً على منتجاتنا سواء من داخل القطاع أو خارجه، خصوصاً من قبل الفلسطينيين المقيمين بالخارج في دول الخليج وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية، ونسعى دائماً للوصول إلى مناطق أكثر وفتح أسواق جديدة.

وعما يميز أعمال الفريق، تقول الأخت الوسطى "آية" طالبة التحاليل الطبية بالسنة الثالثة: نتميز عن غيرنا بأننا أحببنا أن ندمج التراث الفلسطيني مع التكنولوجيا من خلال عمل أغطية لأجهزة اللاب توب وكل أنواع الجوالات، وانفردنا بتصميم وتنفيذ أطقم غرف النوم، وجهاز عروس كامل بكل تفاصيله للعرائس، وتطريز يناسب غرفة الضيوف والصالونات وغرف الطعام، وهذه القطع لم يسبقنا إليها أحد بهذه الحرفية.

وتؤكد آية أن الاهتمام الآن منصبّ على العمل مع المؤسسات المحلية لما لها من دور فعال في جذب الانتباه، من خلال تصميم الشعارات والبراويز.

أما أصغر أفراد الفريق "هبة" الطالبة بكلية الحقوق في جامعة الأزهر فرع غزة، فتنظر إلى عملها بكثير من التقدير، قائلة: أعمل لساعات وأساعد أخواتي رغم التزامي بدراستي، ولكن كي أكون عضواً في هذا المشروع كان عليّ العمل وأنا سعيدة بهذا.

تجاوز اسم "الزهرات الست" باب المنزل وانتقلن للمشاركة في عدة معارض محلية، وعن أول تجربة مشاركة في معارض تقول بسمة متخرجة الخدمة الاجتماعية: معرض قرية الفنون والحرف، قبل عامين كان أول مشاركة لنا من خلال قسم بالمعرض ضمن جناح المطرزات، كانت فرحتنا غامرة ونحن نرى الإقبال على أعمالنا التي كانت حتى ذلك الوقت حبيسة المنزل والجيران والأصدقاء.

وتضيف: بعد ذلك شاركنا بجناح خاص في معرض "تراث وهوية" في جامعة القدس المفتوحة في غزة، وكنا قد أخذنا فكرة جيدة عن السوق فقدمنا منتجاتنا بأسعار مناسبة للجميع، لأن هدفنا أكبر من الربح المادي البحت، حتى وصلنا إلى إقامة معرضنا الخاص الأول بعنوان "يتجدد الإبداع" والذي لقي نجاحاً كبيراً من خلال التفاعل الكبير، مما شجعنا على الاستمرار.

صعوبات الحصار تواجه الأخوات الست أيضاً، ابتداءً من توفير المواد الخام اللازمة لإنجاز أعمالهن، مما انعكس على أسعار المنتجات، حسبما تفيد نور، ولكن هذا يجعلهن أكثر إصراراً على مواصلة العمل فلا مجال أمامهن اليوم سوى مشروعهن هذا.

المشجع الأول للفريق كان الوالد والوالدة، وقد رأيا في بناتهما شعلة من نشاط وحيوية، وقدرة على تحويل الواقع السيئ إلى مشروع ناجح، والاستفادة من الهواية لتحقيق الذات، مما دفعهما إلى تقديم كل الدعم المعنوي والمادي بتوفير كل ما يتطلبه التطريز من خيوط وقماش.

أحلام الفتيات الست لا تنتهي ولا حدود لها، وفي هذا تقول نادرين: نتمنى أن نترك بصمة في كل بيت من خلال منتجاتنا، والتي بدورها ستعزز التراث الفلسطيني، وأن نشارك في معارض دولية ننقل فيها فلسطين إلى العالم من خلال أعمالنا.

وتزيد نور: نتمنى أن نفتتح مركزاً لتعليم التطريز للنساء، لتتمكن كل منهن من أن تحصل على عمل من خلال التطريز وهي في بيتها، توفر من خلاله حياة كريمة لها ولأسرتها.

ورسالة فريق "الزهرات الست" للفلسطينيين حول العالم "حافظوا على تراثنا الوطني فهو هويتنا التي نعتز بها وتمثلنا في كل مكان".