"أصول مجهولة": تشويق إسبانيّ عاديّ

"أصول مجهولة": تشويق إسبانيّ عاديّ

14 سبتمبر 2020
فيرونيكا أتْسيغي: قصص مُصوّرة وجرائم قتل متسلسلة (كارلوس أر. ألفاريز/وايرإيماج/ Getty)
+ الخط -

يمزج ديفيد غالان غاليندو، في "أصول مجهولة" (إنتاج إسباني أرجنتيني، 2020)، بين التشويق البوليسي والقصص المُصوّرة، بأصولها وشخصياتها ومناخاتها. محاولة سينمائية منبثقة من قصّة بالعنوان نفسه لغاليندو أيضاً، صادرة في مارس/ آذار 2020، يُراد لها سفر في عوالم أبطالٍ خارقين، وطبعات أصلية تبلغ أسعار بعضها ملايين الدولارات الأميركية. هوسٌ طفولي في تفاصيل شخصيات وأحداثٍ، يُقلِّل عدم المعرفة بها من متابعة أدقّ لمسارٍ بوليسيّ يبحث عن قاتلٍ متسلسل.

كتابة السيناريو معقودة على غاليندو وفرناندو نافارّو. "أصول مجهولة" (يُعرض على شاشة المنصّة الأميركية "نتفليكس" منذ 28 أغسطس/ آب 2020) تقليدٌ للنوع البوليسي في السينما الهوليوودية، الباحثة دائماً عن مفردات تشويقية، يختلط فيها الأسطوريّ بالغرائبيّ، والأوهام بالوقائع، مع شيءٍ من الرومانسية والجنس، مروراً بعلاقات (معطّلة أو مرتبكة أو مُقلِقة) داخل عائلة تبدو مُفكّكة، ثم يصطلح حالها قبيل النهاية لأسبابٍ شتّى. "أصول مجهولة" يلتزم معظم تلك المعايير، مبتعداً عن الجنس، ومُضيفاً إعجاب مسؤولة في قسم التحقيقات الجنائية بعميل شاب ووسيم، ومكتفياً بمرض ضابطٍ متقاعد، كفيل بترميم علاقته بابنه الثاني، المهووس بالقصص المُصوّرة وبأبطالها الخارقين.

جرائم قتل تترافق مع آخر مهمّة لكوزمي (أنتونيو ريسيناس)، المتقاعد باكراً من قسم التحقيقات الجنائية لإصابته بمرضٍ سرطانيّ، وبداية مشوار مهني جديد لديفيد فالنتان (خافيير راي)، الشاب الوسيم. للأول ابن شرطيّ يُقتل، في بداية الفيلم، أثناء إنقاذه عجوزاً من منزله المحترق. العلاقة بابنه الثاني خورخي إلِيّاس (برايس إيفي) غير سليمة، فالابن منفضّ عن الأب، لاهتمام الأب بالشقيق الأكبر، والقلق ينهش قلب الأب المريض بعد مقتل الشرطيّ أثناء تنفيذه واجباً إنسانياً. خورخي إلِيّاس غير عارفٍ بمرض الأب. ورغم ارتباك علاقته به، يوافق على اقتراح كوزمي بأنْ يُساعد فالنتان في بحثه عن قاتلٍ، يترك إشارات مستلّة من القصص المُصوّرة وأبطالها الخارقين.

 

 

رئيسة قسم التحقيقات الجنائية تُدعى نورما (فيرونيكا أتْسيغي). تُشارك في حفلات تنكرية لمهووسين بالقصص المُصوّرة، يرتدون خلالها أزياء أبطال خارقين يُحبّونهم. خورخي إلِيّاس يمتلك متجراً لبيع الكتب والأفلام والأشرطة الخاصة بهذا النمط الأدبي الفني. يتوازن كلّ كلامٍ بين النمط والتحقيقات البوليسية ولقطات خاصّة (وقليلة) بالعلاقة العائلية، فالمسار الحكائيّ مرتكز على خطّة درامية عادية للغاية: الإكثار من مشاهد القتل العنفيّ يحتاج إلى متنفّس، يتمثّل بحكايات جانبية عن القصص والأبطال والأحوال العائلية والانفعال.

اكتشاف القاتل، في نهاية المسار، لن يُثير صدمة، رغم عدم التنبّه إلى إمكانية أنْ يكون هو نفسه أحد المعروفين من قِبَل المحقّقين، من دون فضحه قبل ذلك، فهذا الفضح يُنهي الفيلم باكراً. التفاصيل المرافقة للمسار عادية. التمثيل أيضاً.

"أصول مجهولة" فيلمٌ عاديّ، يريد تماهياً بسينما هوليوودية، من دون بلوغ مُراده بالكامل. رغم هذا، يُنجز ديفيد غالان غاليندو فيلماً مُسلّياً، مع بعض الرعب المخفِّف والتشويق المبسّط.

المساهمون