يعتبر الفساد آفة الاقتصاد، حيث يؤدي إلى سوء توزيع الموارد وإضعاف الإنتاجية والتنافسية. وبذلك، يتسبب الفساد في إضعاف الدولة وتضييع مقدراتها، ما يشلّ التنمية ويعيق التقدم الاقتصادي، بل يجعلها رهينة الظلم الاجتماعي بوجود جبال من الأموال محصورة عند قلة ثرية وحقول من الفقر عند الأغلبية الساحقة من الشعب.
وإذا كانت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات قد أحدثت ثورة عميقة في عالم المال والأعمال بتسهيل المعاملات عبر تقريب الأمكنة والأزمنة، فإسهاماتها كثيرة وبليغة في مكافحة الفساد. ويتجلى ذلك في تفكيك احتكار المعلومة وترسيخ الشفافية. فجدير بالذكر أن البيانات المفتوحة تساهم في إتاحة المعلومات للجميع بشكل مبسّط وواضح يطلع الرأي العام على آخر التطورات، ويعزز مشاركته في صناعة القرار من خلال إعطائه مساحة واسعة للتعبير عن الرأي وتقديم المقترحات.
وعلى هذا الأساس، تحد تكنولوجيا المعلومات من تحفظ الأجهزة الحكومية عبر إرساء التعامل الآلي والمناهج الرقمية، الأمر الذي يقلّل من التعامل المباشر بين الموظفين والمواطنين، ما يحدّ من الرشاوى، كما يساعد على تتبّع "المساطر" الإدارية والاحتفاظ بها في الذاكرة المعلوماتية للمؤسسات، كأدلة مثبتة لكل العمليات التي يتم إجراؤها.
إلى جانب ذلك، تسهم البيانات المفتوحة في إضفاء الشفافية عبر نشر القرارات والعمليات والنتائج الحكومية. علاوة على ذلك، تعزز تكنولوجيا المعلومات المساءلة الحكومية.
وفي سياق متصل، يلعب الإعلام الاجتماعي دوراً هاماً في مكافحة الفساد، فمواقع التواصل الاجتماعي، كـ"فيسبوك" و"تويتر"، تمكن المواطنين من نشر أفكارهم وإيصال أصواتهم للمعنيين بالشأن العام. بالإضافة إلى ذلك، تعطي وسائل الإعلام الاجتماعي فرصة الاستجابة لطلبات المواطنين، من خلال فتح قنوات التواصل المباشر مع القيادات الحكومية.
في المقابل، يواجه استخدام تكنولوجيا المعلومات تحديات مختلفة، ترتبط بمسألة الجهل باستعمالها، فعندما يكون الناس غير مؤهلين لفهم البيانات المعقدة، يجب الاستعانة بخبراء التكنولوجيا لتبسيط الاستخدام وتوضيح المخاطر المترتبة عن هذه التكنولوجيا. وعلى هذا النحو، تطرح قضية نطاق الشفافية في مواجهة سرية المعلومة، فالإفصاح عن بعض المعلومات الاستراتيجية للمؤسسات، قد يكون له وقع كبير على تنافسيتها عبر تقليد خدماتها ومنتجاتها وطرق عملها، والاحتيال عليها بتزوير البيانات وقرصنة المعلومات.
وفي السنوات الأخيرة، تسجل وجود تجربة رائدة في تكنولوجيا مكافحة الفساد أقرتها اليابان عبر مشروعين متكاملين وهما: استراتيجية البيانات الحكومية المفتوحة والحوكمة الإلكترونية. وبناءً على ذلك، أقدمت الحكومة اليابانية على إقامة مدونات رسمية للتفاعل مع الجمهور، منصات رقمية للإبلاغ عن عمليات الفساد الإداري والمالي، وكذلك تشجيع استخدام البيانات المفتوحة بهدف تسهيل التحليلات المستقلة في سبيل تعزيز الشفافية وبناء الثقة لدى الجمهور، ما حسّن من ترتيب اليابان في سلّم الدول المحاربة للفساد التابع لمنظمة الشفافية الدولية، وتحتل بذلك المرتبة الخامسة عشر من بين مئة وخمس وسبعين دولة.
وإجمالاً، فإن تكنولوجيا المعلومات تقوي سبل مواجهة الفساد بتكسير حواجز الاحتكار والتحفظ وبناء قواعد المساءلة والشفافية. فاليوم يمكن اعتبار الناشطين في مجال البيانات من مبرمجي التطبيقات الذكية بمثابة وكلاء للإصلاح والتغيير. وبالموازاة مع ذلك، تحتاج الحكومات إلى إعداد بيئة مناسبة لإطلاق قدرات التكنولوجيا وتسخيرها لتعزيز الثقة. ويتضمن ذلك دعم التقنيات على غرار الإنترنت فائق السرعة والاتصال اللاسلكي وإطار العمل الملائم لمعالجة مسائل الأمن والخصوصية والقدرة على الاتصال. كما يستلزم على القيادات الحكومية أن تعمل على تصميم نظام يسخّر التكنولوجيا لإعادة بناء الثقة. ففي ضوء طبيعة التكنولوجيا سريعة التغيُّر، ينبغي أن تتمتع البرامج والقوانين بالقدرة على التكيّف والاستجابة للمخاوف والإمكانات الجديدة، مع العمل على شراكات مؤسساتية قويمة لمكافحة الفساد.
(باحث و أكاديمي مغربي)
وعلى هذا الأساس، تحد تكنولوجيا المعلومات من تحفظ الأجهزة الحكومية عبر إرساء التعامل الآلي والمناهج الرقمية، الأمر الذي يقلّل من التعامل المباشر بين الموظفين والمواطنين، ما يحدّ من الرشاوى، كما يساعد على تتبّع "المساطر" الإدارية والاحتفاظ بها في الذاكرة المعلوماتية للمؤسسات، كأدلة مثبتة لكل العمليات التي يتم إجراؤها.
إلى جانب ذلك، تسهم البيانات المفتوحة في إضفاء الشفافية عبر نشر القرارات والعمليات والنتائج الحكومية. علاوة على ذلك، تعزز تكنولوجيا المعلومات المساءلة الحكومية.
وفي سياق متصل، يلعب الإعلام الاجتماعي دوراً هاماً في مكافحة الفساد، فمواقع التواصل الاجتماعي، كـ"فيسبوك" و"تويتر"، تمكن المواطنين من نشر أفكارهم وإيصال أصواتهم للمعنيين بالشأن العام. بالإضافة إلى ذلك، تعطي وسائل الإعلام الاجتماعي فرصة الاستجابة لطلبات المواطنين، من خلال فتح قنوات التواصل المباشر مع القيادات الحكومية.
في المقابل، يواجه استخدام تكنولوجيا المعلومات تحديات مختلفة، ترتبط بمسألة الجهل باستعمالها، فعندما يكون الناس غير مؤهلين لفهم البيانات المعقدة، يجب الاستعانة بخبراء التكنولوجيا لتبسيط الاستخدام وتوضيح المخاطر المترتبة عن هذه التكنولوجيا. وعلى هذا النحو، تطرح قضية نطاق الشفافية في مواجهة سرية المعلومة، فالإفصاح عن بعض المعلومات الاستراتيجية للمؤسسات، قد يكون له وقع كبير على تنافسيتها عبر تقليد خدماتها ومنتجاتها وطرق عملها، والاحتيال عليها بتزوير البيانات وقرصنة المعلومات.
وفي السنوات الأخيرة، تسجل وجود تجربة رائدة في تكنولوجيا مكافحة الفساد أقرتها اليابان عبر مشروعين متكاملين وهما: استراتيجية البيانات الحكومية المفتوحة والحوكمة الإلكترونية. وبناءً على ذلك، أقدمت الحكومة اليابانية على إقامة مدونات رسمية للتفاعل مع الجمهور، منصات رقمية للإبلاغ عن عمليات الفساد الإداري والمالي، وكذلك تشجيع استخدام البيانات المفتوحة بهدف تسهيل التحليلات المستقلة في سبيل تعزيز الشفافية وبناء الثقة لدى الجمهور، ما حسّن من ترتيب اليابان في سلّم الدول المحاربة للفساد التابع لمنظمة الشفافية الدولية، وتحتل بذلك المرتبة الخامسة عشر من بين مئة وخمس وسبعين دولة.
وإجمالاً، فإن تكنولوجيا المعلومات تقوي سبل مواجهة الفساد بتكسير حواجز الاحتكار والتحفظ وبناء قواعد المساءلة والشفافية. فاليوم يمكن اعتبار الناشطين في مجال البيانات من مبرمجي التطبيقات الذكية بمثابة وكلاء للإصلاح والتغيير. وبالموازاة مع ذلك، تحتاج الحكومات إلى إعداد بيئة مناسبة لإطلاق قدرات التكنولوجيا وتسخيرها لتعزيز الثقة. ويتضمن ذلك دعم التقنيات على غرار الإنترنت فائق السرعة والاتصال اللاسلكي وإطار العمل الملائم لمعالجة مسائل الأمن والخصوصية والقدرة على الاتصال. كما يستلزم على القيادات الحكومية أن تعمل على تصميم نظام يسخّر التكنولوجيا لإعادة بناء الثقة. ففي ضوء طبيعة التكنولوجيا سريعة التغيُّر، ينبغي أن تتمتع البرامج والقوانين بالقدرة على التكيّف والاستجابة للمخاوف والإمكانات الجديدة، مع العمل على شراكات مؤسساتية قويمة لمكافحة الفساد.
(باحث و أكاديمي مغربي)