المهرجانات المغربية قبلة سياحية عالمية

المهرجانات المغربية قبلة سياحية عالمية

04 فبراير 2015
فعاليات مهرجان "تاركالت" في مدينة "محاميد الغزلان" (العربي الجديد)
+ الخط -
أخرجت مجموعة من المهرجانات في المغرب مدنا صغيرة من الظل إلى الضوء. وجعلت منها منارة سياحية تستقطب سنوياً الآلاف من الزائرين الأجانب والمغاربة. واكبت "العربي الجديد" فعاليات مهرجان "تاركالت" في مدينة محاميد الغزلان، وهو محطة تجمع مختلف الجنسيات المنتمية إلى صحراء أفريقيا الكبرى. وقال مؤسس ومدير المهرجان عبد الحليم السباعي، إن "تاركالت" وطيلة ست سنوات من تنظيمه، ساهم بشكل كبير في ترويج الحركة السياحية، وتحقيق مداخيل مهمة لأصحاب الفنادق، وكذا تعزيز مداخيل مختلف الفاعلين السياحيين في المنطقة. "حيث حضر المهرجان منذ انطلاقه الآلاف من السياح الذين تعرفوا إلى مدينة محاميد الغزلان، مما ساهم في خلق رواج سياحي واقتصادي، يستفيد منه حتى الرحل الذين يعيشون طول العام في قلب الصحراء".

عائدات مالية ورواج سياحي 
وأكد صاحب فندق "حمادا الصحراء" حسن النعماني، في حديثه لـ "العربي الجديد" ما ذكره عبد الحليم السباعي، وكشف أن نسبة الإشغال في الفنادق تفوق 100% خلال فترة المهرجان، حيث يدفع عدد السياح الضخم إلى نصب الخيم لاستضافة الراغبين في الاستمتاع بالمهرجان، والمكوث بالقرب من مكان تنظيمه في قلب الصحراء.
وقالت مؤسسة دار "صوت أميركا"، هيذر ماكسويل، إن عائدات مثل هذه المهرجانات مهمة جداً اجتماعياً واقتصادياً. وشددت ماكسويل لـ "العربي الجديد" على أن كل سائح يصرف ما يقارب 100 دولار في اليوم على شراء الحاجيات والاستفادة من الخدمات السياحية. واعتبرت أن هذا الحد الأدنى من الإنفاق يوفر دخلاً مهماً للأسر المحلية. كما أن المهرجان السنوي يعرف كثيراً في المنطقة عبر تداول اسمه بقوة في الإعلام.
ويقام على هامش المهرجان، العديد من المعارض الخاصة بالمنتوجات التي أتقنتها يد المرأة المحلية، خاصة الزرابي التقليدية (سجادة) التي يتطلب حياكتها أكثر من ستة أشهر. وتعد فترة تنظيم مهرجان "تاراكلت" فرصة لبيعها بأثمنة توازي حجم الجهد بقيمة تفوق 209 دولارات.

المهرجانات تقوي البنية التحتية للمدن
وبعيداً بمئات الكيلومترات عن مدينة محاميد الغزلان، ينظم في كل سنة مهرجان كناوة، في عاصمة الضباب المغربية الصويرة والتي تعد قبلة عشاق موسيقى الـ "كناوة" من العالم أجمع.
وأظهرت نتائج دراسة أعدت من طرف مؤسسة "فاليانس"، التابعة للمكتب المغربي للدراسات والاستشارات أنجزت عام 2014، أن 89% من سكان مدينة "الصويرة" يعتبرون المهرجان "مهما، ومهما جدا لمدينتهم". وأكدت الدراسة أن المهرجان يعرف حضور 130 ألف شخص في اليوم، متفوقا بذلك على مهرجانات كبيرة من قبيل مهرجان "بيلباو" ومهرجان "مونتروه للجاز". وعن نفقات زوار المهرجان، تفيد نفس الدراسة أنها تصل إلى 115 مليون درهم (قرابة 14.159 مليون دولار). وارتفع عدد الأسرّة في الفنادق والليالي المحجوزة فيها كذلك خلال السنوات العشر الأخيرة بنسبة فاقت 100%. وأضافت الدراسة ذاتها أنه مقابل كل درهم استثمر في المهرجان، ربحت المدينة ما قيمته 17 درهماً، وأن الدخل الناتج خلال فترة تنظيمه حتى حدود الدورة الأخيرة يقارب 1.7 مليار درهم (حوالي 178.305 مليون دولار).
وقالت منتجة ومديرة مهرجان كناوة، نايلة التازي، في تصريح لـ "العربي الجديد" إن "المهرجان يحقق بالإضافة إلى الإشعاع الثقافي والفني للمدينة وللمغرب، عائدات مالية مهمة، بل وساهم في تطوير بنيتها التحتية وطاقاتها الاستيعابية داخل الفنادق ودور الضيافة". وذكرت أن تطوير الطريق السريع "شيشاوة/الصويرة"، والمطار الجديد في المدينة، بالإضافة إلى البدء في تشييد مشروع مركز ثقافي وفني ضخم، سيجعل من المدينة مستقبلاً أبرز مختبر لصناعة النخب الثقافية والموسيقية.

الاستثمار الذكي
بدوره ألح الناقد والإعلامي المغربي بلال مرميد، على ضرورة التمييز بين صنفين من المهرجانات التي تحقق عائدات مهمة مقارنة بحجم ما يصرف عليها. ووضع مرميد في حديثه مع "العربي الجديد" مهرجان الفيلم الدولي في مراكش على رأس الصنف الأول، أي المهرجانات التي تهتم بالمجال السنيمائي. واعتبر المتحدث ذاته، أن مهرجان مراكش ونظرا للأسماء والأفلام المرموقة التي يستضيفها سنوياً، يكسب المدينة إشعاعاً دولياً إضافياً، ويستقطب أعداداً كبيرة من السياح.
أما بالنسبة للصنف الثاني، والخاص بالمهرجانات الموسيقية، فأوضح مرميد أنها تتمتع بقاعدة جماهرية أوسع، ما يحول للمدن التي تستضيفها هامشاً واسعاً من العائدات المالية المهمة لمختلف مرافقها. ورأى مرميد أن مهرجان "موازين إيقاعات العالم" الذي تحتضنه العاصمة المغربية الرباط من بين أبرز المحطات السنوية، والسبب حسب وجهة نظره، وزن الأسماء الغنائية التي يأتي بها. وقال الناقد مرميد إن "مهرجان موازين له ميزة خاصة، وهي استقطاب أسماء غنائية عالمية، يصعب حضور حفل مباشر لها داخل مجموعة من البلدان الأجنبية، لذلك يغتنم العديد من السياح فرصة حضور العرض في المغرب، بالإضافة إلى فئة تتبع عروضها طيلة السنة، والأكيد أن هؤلاء يصرفون الشيء الكثير مقابل ذلك". ويضع بلال مهرجان "كناوة" في مدينة الصويرة في مصاف المحافل التي يربح منها المغرب أكثر مما يصرف عليها، وأبرز مرميد أن قوة المهرجان تكمن في دمجه بين ما هو تراثي وعصري.
وألح مرميد على ضرورة الاقتناع بأن ما يصرف على المهرجانات الفنية والثقافية ليس ترفاً، بل هو استثمار ذكي، يجب عدم تعامل معه بسطحية، وأعطى المثال عن تجربته طيلة سنوات داخل كبريات المهرجانات العالمية. ولفت إلى أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن مهرجان "كان" للسينما، يحقق الكثير من الفوائد للسكان. إذ إن عدد سكان "كان" يقدر بنحو 73 ألف نسمة، لكن خلال فترة انعقاد المهرجان يقفز الرقم إلى 200 ألف شخص ينفقون أموالاً ضخمة في فترة وجيزة.

دلالات