البزنس والسلطة في مصر: زواج كاثوليكي أقوى من الثورة

البزنس والسلطة في مصر: زواج كاثوليكي أقوى من الثورة

20 أكتوبر 2014
الثورة لم تهدم بنية النظام (كوني تاكاهاشي/GETTY)
+ الخط -
زواج السلطة برأس المال في مصر" كاثوليكي". وفي الوقت الذي ‏توقع البعض أن تقضي ثورة 25 يناير ‏على أسس هذا الزواج، ‏يتبين اليوم أن الدعائم الاقتصادية للنظام لا تزال على حالها.‏ فقد كشفت تقارير ‏مؤشر الفساد العام الماضي، عن وجود 70 ألف ‏قضية فساد في مصر سنوياً. وتغص ‏المحاكم بقضايا ‏تورط عدد من المسؤولين‎ ‎في ‏الدولة بعمليات فساد كبيرة، وذلك لأسباب عديدة كان أبرزها في ‏مرحلة ‏حسني مبارك، سيطرة دولة رجال الأعمال على الحكم ‏سياسياً واقتصادياً، من خلال لجنة السياسات في ‏الحزب الوطني ‏التي أصبحت المتحكمة في كل قرارات الدولة.‏ 
وانطلاقاً من لجنة السياسات يمكن رصد ‏مدى استمرار المنافع ‏المتبادلة بين السلطة ورأس المال في مصر، من خلال العديد من ‏المؤشرات التي كان ‏أبرزها أول لقاء يجمع بين المشير عبد الفتاح ‏السيسي ورجال الأعمال في شهر رمضان المنصرم ، والذي ‏كانت ‏الغالبية العظمى من حضوره رجال أعمال مبارك، بل وأعضاء في ‏لجنة سياسات الحزب الوطني ‏المنحل.‏ كان من أبرز رجال الأعمال الذين حضروا لقاء المشير السيسي ‏مع رجال الأعمال ، المهندس ‏محمد فريد خميس، عضو لجنة ‏سياسات الحزب الوطني، والذي تبرع لصندوق "تحيا مصر" وساهم ‏في ‏إدارته مع آخرين بمبلغ 30 مليون جنيه، وهو ذاته الذي ‏حصل على آلاف الأمتار من أراضي الدولة بسعر ‏المتر 50 ‏قرشاً في عهد مبارك، وكان الرجل أيضاً ‏من أهم ممولي الرئيس المخلوع، حيث قام فى 2005 ‏بدفع خمسة ‏ملايين جنيه لحملة "نعم لمبارك".‏
بدوره، احتل رجل الأعمال ناصف ساويرس، أكبر أفراد ‏العائلة، ‏طبقًا لمجلة فوربس الأميركية، المركز 182 في قائمة أغنى ‏الأغنياء في‎ ‎العالم، تلاه شقيقه نجيب ‏الذي حضر كذلك في اجتماع ‏السيسي. وعائلة ‏ساويرس تواجه العديد من قضايا التهرب الضريبي، بما ‏يقرب من ‏‏سبعة مليارات و200 مليون جنيه. وقد تبرع ناصف ونجيب مؤخرا ‏لصندوق تحيا مصر بثلاثة مليارات ‏جنيه مصري.‏ أكد الخبير الاقتصادي، إلهامي الميرغني في حديث مع "العربي ‏الجديد"، أن ما بعد 30 ‏يونيو تشهد مصر عودة واضحة وقوية ‏لظاهرة التزاوج بين رأس المال والسلطة، مدللاً على ذلك ‏بالعديد ‏من النقاط، من بينها أن السيسي وضع سقفا لرجال الأعمال، لا ‏يمكنهم النزول عنه في التبرعات ‏لصندوق "تحيا مصر"، ما يؤكد رغبة هؤلاء في دفع مقدم ‏تصالح مع نظام السيسي.
وزاد التقارب بين ‏السلطة ورجال الأعمال في الفترة الراهنة، خاصة ‏مع اقتراب الانتخابات البرلمانية التي يراها الميرغني ‏بمثابة البوابة ‏التي يمكن لها أن تعيد دولة مبارك بلا مواربة، حيث المال ‏السياسي والاستيلاء على ‏البرلمان والسيطرة على التشريعات، ‏إضافة إلى توجه الحكومة لتحويل المشروعات العامة ‏إلى ‏مشروعات خاصة. ولفت الميرغني إلى فتح المجال أمام القطاع ‏الخاص لتوسيع استثماراته من دون ‏وضع معايير وضوابط لهذا ‏التوسع، ما يؤكد نية الدولة في الاستمرار بسياسات الحزب ‏الوطني بكل ‏ما بها من فساد.‏
بينما قال أستاذ الاقتصاد السياسي رائد سلامة لـ "العربي الجديد"، ‏إنه‎ ‎حتى الآن لم تتضح ‏نوعية العلاقة بين رجال الأعمال والسلطة ‏في مصر بعد 30 يونيو، خاصة في ما يتعلق بتكرار ‏نموذج ‏الانصهار بين السلطة والمال، كما كان يحدث في عهد مبارك، ‏لكن انحيازات مؤسسات النظام من ‏خلال القرارات والقوانين التي ‏صدرت تشير إلى أنه هناك نوع من التناغم.‏ وما صدر حتى الآن من ‏قرارات رفع دعم المواد البترولية ‏والكهرباء، وفق سلامة، لا يصب في صالح بسطاء مصر ولكن ‏في ‏صالح رجال الأعمال، إذ لم يتم رفع الدعم مثلاً عن بعض ‏المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة التي تبيع ‏منتجاتها بالأسعار ‏العالمية. ‎بالإضافة إلى أنه لم تطبق ضرائب تصاعدية جادة على ‏الأفراد. كما أن دعم ‏المصدرين ظل كما هو، بينما انخفض دعم ‏إسكان محدودي الدخل‎.‎

المساهمون