الجزائر ومزدوجو الجنسية..اعتماد بعد سنوات من القطيعة

الجزائر ومزدوجو الجنسية..اعتماد بعد سنوات من القطيعة

07 ابريل 2020
منتخب الجزائر ضم العديد من النجوم (Getty/العربي الجديد)
+ الخط -
عايش المنتخب الجزائري مراحل متباينة عبر تاريخه، تمحورت بين فشل ذريع لسنوات ونجاح باهر في أخرى، بداية من منتخب جبهة التحرير الوطني مروراً بمنتخب الثمانينيات ثم مطلع الألفية الثانية، ووصولاً إلى المنتخب الذي تمكن من الفوز بلقب أمم أفريقيا لكرة القدم في مصر العام الماضي، بعد غياب دام 30 سنة كاملة.

وعرفت هذه الفترات سياسة متباينة من طرف الاتحاد الجزائري حول التركيبة المشكلة لمنتخب "محاربي الصحراء"، بين الاعتماد تارة على اللاعبين المحليين والمكونين في الدوري المحلي، وتارة أخرى بالاعتماد على مزدوجي الجنسية الذين ترعرعوا في مدارس التكوين الأوروبية، وخاصة الفرنسية.

وكانت الجزائر أكثر البلدان اعتماداً على لاعبين مزدوجي الجنسية، خاصة في عهد الرئيس السابق للاتحاد الجزائري لكرة القدم محمد روراوة، الذي كان وراء سن قانون "الباهامس" لدى الاتحاد الدولي للعبة عام (2009)، إذ بعد التصويت لصالح هذا القانون، سمح للجزائر بالاستفادة من اللاعبين الذين مثلوا منتخب فرنسا في الفئات العمرية، على غرار حسان يبدة ومراد مغني، وهم من ساهموا بعد ذلك في قيادة المنتخب للعودة إلى المشاركة في بطولة كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا، بعد فشل استمر 24 سنة.

وتعرضت سياسة الاعتماد على "المنتوج الأوروبي" لانتقادات من طرف بعض الجهات، خاصة من اللاعبين القدامى وجيل الثمانينيات نظراً لأنها برأيهم أدت إلى تهميش اللاعب المحلي، إلا أن تبرير هذه السياسة من طرف الداعمين لها كان يتركز على أسباب تتمحور على ضعف وغياب مراكز التكوين في الجزائر، وهو ما انعكس بالسلب على نتائج الأندية الجزائرية في المسابقات القارية والإقليمية، وفشلها كذلك في تصدير لاعبين نحو الخارج، إلا بعض الأسماء التي تعد على أصابع اليد الواحدة، على غرار إسلام سليماني وهلال العربي سوداني.

وبعد مونديال البرازيل وفي خضم الاعتماد على مزدوجي الجنسية، دخل منتخب الجزائر في العديد من الأزمات والنتائج المخيبة التي عصفت بمحمد روراوة من على رأس هيئة "الفاف"، وتم انتخاب الرئيس الحالي خير الدين زطشي عام 2017، الذي وضع لنفسه أولوية تطبيق سياسة جديدة للكرة الجزائرية، تختلف بشكل كبير عن تلك التي كان يعتمدها سلفه.

وقدم زطشي لـ"فاف" متسلّحاً بتجربته مع نادي بارداو المحلي، الذي كان وراء تأسيسه ثم إنشاء أكاديميته الخاصة بتكوين اللاعبين، والتي منها تخرج العديد من النجوم الحاليين، على غرار ثنائي نيس الفرنسي، يوسف عطال وهشام بوداوي، إضافة إلى الظهير الأيسر لنادي بوروسيا مونشغلادباخ الألماني، رامي بن سبعيني، وهذا الثلاثي كان مساهماً في التتويج القاري الأخير، إضافة إلى أسماء أخرى احترفت لكن دون نيل فرصتها الكاملة مع "المحاربين"، على غرار فريد الملالي لاعب أنجيه الفرنسي وزكريا نعيجي مهاجم جيل فيسنتي البرتغالي.

بدوره تعرض خير الدين زطشي للعديد من الانتقادات في بداية مهمته على رأس اتحاد الكرة، خاصة من طرف الجماهير الجزائرية، بعد قراره بالتوجه إلى فكرة الاستغناء عن ضم لاعبين مزدوجي الجنسية والاعتماد فقط على بعض الأسماء المعروفة، مثل رياض محرز وياسين براهيمي، إلا أن القطرة التي أفاضت الكأس هو ذلك البيان الذي أصدره (زطشي) بوضعه شرطين أساسيين أمام أي "مغترب" يريد الالتحاق بمنتخب "الخضر"، أولاً إثبات ولائه للجزائر من دون شروط، وثانياً تفوقه من حيث المستوى الفني على اللاعبين الذين يلعبون في الدوري المحلي.


ورغم قرار زطشي بالاعتماد على لاعبي الدوري المحلي، وخاصة المتخرجين من أكاديميته بارادو، إلا أن نتائج منتخب الجزائر لم تزدد إلا سوءاً، خاصة مع مدربين أثار تعيينهما جدلاً كبيراً، بداية بالإسباني لوكاس ألكاراز ثم خليفته رابح ماجر الذي كان غائباً عن ميدان التدريب لـ15 سنة قبل تعيينه.

ومع تزايد الانتقادات الموجهة لخير الدين زطشي وتردّي وضع المنتخب الجزائري، لجأ المسؤول الأول عن الكرة في الجزائر إلى ورقة المدير الفني الحالي جمال بلماضي، الذي قلب سياسية "الفاف" رأساً على عقب، وهذا بفضل توجهه لإعطاء الفرصة للأحسن والقادر على تقديم الإضافة للمنتخب، بغض النظر عن النادي الذي ينشط فيه، والدليل تصريحه الشهير في أول مؤتمر له بعد تعيينه مدرباً جديداً، عندما قال: "سأستدعي أي لاعب يملك شهادة ميلاد جزائرية، شرط أن يكون لديه فقط مستوى اللعب للمنتخب".

عودة المنتخب الجزائري لإعطاء الفرصة للاعبين "المغتربين" لم تتوقف عند المنتخب الأول، بل وصل مداها إلى الفئات العمرية، إذ عكس ما كان الحال في السابق بتشكيل منتخبات قوامها لاعبو أكاديمية نادي بارادو، بدأت تتجلّى هذه التغيرات منذ تعيين بلماضي في منصب المدير العام خلفاً لحكيم مدان، وهذا بعد حصول المدرب السابق لنادي الدحيل القطري على الموافقة من طرف زطشي لاتخاذ القرارات المناسبة حول هوية الأسماء التي يراها قادرة على تقديم الإضافة للفئات العمرية.

وكخطوة جديدة تؤكد التغيير الحاصل في سياسة "الفاف"، قامت هذه الهيئة، وبالاتفاق مع المدير الفني جمال بلماضي، بالتعاقد مع كشافين في فرنسا سيعملون على إقناع المواهب الموجودة هناك باللعب لمنتخب الجزائر، وهو ما كان بضم 9 لاعبين لمنتخب أقل من 16 سنة.

ويبقى المؤكد أن الاتحاد الجزائري وبلماضي قد قررا القيام بدعم المنتخبات العمرية بأصحاب الجنسية المزدوجة لسببين: الأول من أجل رفع مستوى تلك المنتخبات التي تعيش الكثير من الخيبات منذ سنوات عدة، أما الثاني فهو لمحاولة تجنب الدخول في صراع مع الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، بضم هؤلاء اللاعبين عند بزوغ نجوميتهم، على غرار ما يحدث حالياً مع ثلاثي نادي ليون حسام عوار وريان شرقي وأمين غويري.

دلالات

المساهمون