يقود تروي ديني السيارة حول تشيلمسلي وود، المنطقة السكنية المترامية الأطراف في الضواحي الشرقية من برمنغهام حيث نشأ. بين الحين والآخر، يكتشف شخصًا يعرفه يسير في الشارع وفي بعض الأوقات لا.
والدته إيما جالسة على مقعد الراكب إلى جانبه، مشيرة إلى بعض معالم طفولة ابنها. لكن جولة المشاهدة لمعالم المدينة ذات اختلافات عن بقية الجولات التي قد يقوم بها أي شخص لاسترجاع ذكريات الطفولة.
على طريق آربور، في منطقة هادئة، يوقف ديني سيارته ببطء خارج مبنى سكني منخفض، وينظر من النافذة إلى الطابق الأرضي لتعود به الذكريات إلى الوراء، يتذكر والدته يوم فتحت الباب ذات مرة منذ أكثر من 20 عاماً، ونظرة الرعب على وجهها عندما رأت والده يقف هناك، بحسب مقال خاص بصحيفة "ديلي ميل".
كان بول أنتوني بيرك (يفضل لاعب نادي برمنغهام الحالي ذكر اسمه كاملاً علامة على الاحترام) مجرماً يحب ترهيب الناس جسدياً ونفسياً، وكان غائباً عن طفولة ابنه الذي كان يقضي الكثير من أوقات الحزن لفراقه.
كان ديني (33 عاماً) يظنّ في البداية أن والده في رحلة عمل، لكن الحقيقة أنه كان منغمساً في الأذى الجسدي والشجار وأي شيء آخر يصادفه في طريقه، يغيب لمدة 6 أو 8 أسابيع ثم يظهر مجدداً في المنزل. يقول ديني للصحيفة: "كسب بعض أصدقائه الملايين من الجريمة، لكنه لم يكن يريد المال أبدًا، لم يكن لديه أي مال. فقط رؤية دموع الناس، كان يحب الذهاب إلى الحانة والناس حينها يتهافتون لشراء مشروب له. أرهب الناس، كان يستمتع بخلق الخوف".
ويتابع المهاجم الإنكليزي الذي قضى فترة طويلة من مسيرته في نادي واتفورد بين 2010 و2021 وسجل خلالها 131 هدفاً في 389 مباراة بالدوري الإنكليزي الممتاز ودوري البطولة الإنكليزية: "في إحدى المناسبات تحديداً عندما بدأت اللعب مع نادي والسال وجاء لاصطحابي من مباراة في نورثهامبتون. وصل بسيارة مرسيدس زرقاء وعرفت أنه لم يكن يمتلك سيارة مثلها من قبل. لم يكن قد اجتاز حتى اختبار القيادة. في أي حال، ركبت السيارة وكنّا نسير عائدين، كان صوت الموسيقى مرتفعًا للغاية، توقفنا عند محطة بنزين وعندما أطفأ المحرك وانقطعت الموسيقى، سمعت الأصوات تأتي من صندوق السيارة". يضيف ديني: "سألت أبي ما الذي يحدث بالضبط، فقال إنّ لديه فتىً محبوساً هناك.
كان الفتى تاجر مخدرات في منطقتنا يدين بأموال لأحد أصدقاء والدي. شعرت بالرعب. كنت قد بدأت للتو مسيرتي الكروية، ثم أضاف قائلاً لي: لا بأس، لقد أطعمته وكل شيء... وقال إنه سوف يكون على ما يرام. وأنّه يضمن عندما نعود، سيدفع المال".
بمرور الوقت، طرق بول أنتوني بورك باب والدته، لكن إيما كانت قد تركته وعملت السلطات على إيجاد مكانٍ جديد لها، ولأولادها ديني وإليس وساشا.
لم يتعامل بول أنتوني بيرك مع الأمر بشكل جيد، رغم أن إيما احتفظت بمكان منزل العائلة الجديد سراً، في أحد الأيام، وجد الأب كلّاً من ديني وإيليس وساشا يلعبون في منزل أحد الأصدقاء، وأجبرهم على الكشف عن مكان إقامتهم.
يذكر ديني في سيرته الذاتية "Redemption"، التي تم إصدارها الأسبوع الماضي وساعده فيها أوليفر هولت كاتب "ديلي ميل": "فتحت أمي الباب، ثم رأيت تعبير وجهها يتحول إلى خوف فقط، لن أنسى أبدًا تلك النظرة على وجه أمي. بدأ ينادي أمي بكل الألقاب، كنت أبكي في تلك اللحظة، وكذلك كان إليس وساشا. أخبرته أن يهدأ لكنه خرج عن السيطرة، قال لي: سأقتل والدتك، وبدأ يشير إلى كلّ واحد منا نحن الأطفال بدورنا، ثم سأقتلك وسأقتلك وسأقتلك".
ويتابع ديني رواية قصة معاناته في الطفولة قبل أن يصبح لاعب كرة قدم محترفاً: "لقد بدأ في توجيه اللكمات لأمي. قفزت وحاولت الوقوف بينهما فلكمني وضرب أمي مرة أخرى. قال لأمي إن عليها إعادته للمنزل. في كلّ مرة كانت تقول لا، كان يضربها. كنت أقفز وأقول لا تضرب أمي ثم كان يضربني مجدداً. أقع ثم أعود للأمام وبعدها للخلف، ثم أكرر الأمر ذاته".
ويردف ديني: "كانت أمي تحاول أن تطمئننا بأنها بخير. كان كلّ شيء يشير إلى الفوضى". بعدها طرق صديق لديني الباب ليسأل عما إذا كان سيخرج للعب. صرخ والده: "لا لن يفعل ذلك" أُطلق الإنذار حينها، تم استدعاء الشرطة. حطموا الباب الأمامي وأخذوا بول أنتوني بيرك بعيدًا.
يدير ديني السيارة ويقود لمسافة أميال قليلة إلى طريق ليتيلتون في ستيتشفورد. اعتاد أجداده العيش هناك، واعتبره ذات مرة ملاذًا آمناً. كانت لديهم بركة صغيرة فيها سمكة ذهبية، ومرمى لكرة القدم في الحديقة الخلفية. يشير ديني إلى قطعة صغيرة من العشب في فناء الكنيسة، يقول مبتسماً: "اعتدنا اللعب هناك وكنّا نسميه ويمبلي". يحدق في الشارع وتهاجمه ذكرى أخرى. يتحقق مع والدته التي يعتبرها برأيه "أقوى شخص أعرفه" للتأكد من أن لديه التفاصيل الصحيحة. أومأت برأسها عندما قال إنه ذات يوم طاردهم والده من المدرسة إلى هذا المنزل في شاحنته، وكان خلفهم طوال الطريق.
كان هذا الجزء الأول من قصة معاناة ديني في طفولته، التي تحولت بعدها لحكاية من المفترض أن تلهم جميع الشباب في العالم لعدم الاستسلام، فوسط الخوف والذعر والجريمة وغياب حنان الأب وأمانه، قاتل ديني وكسب احترام الجميع بعدما ساهم في وصول فريقه مرتين لنهائي كأس الرابطة الإنكليزية وكذلك احتلّ المركز الثاني في مسابقة كأس الاتحاد الإنكليزي بموسم 2018-2019 لكنه خسر ضد مانشستر سيتي بسداسية نظيفة في اللقاء الختامي، مع العلم أنه اختير في موسم 2014-2015 أفضل لاعبٍ في التشامبيونشيب أي دوري الدرجة الأولى الإنكليزية الذي يأتي تصنيفه بعد البريميرليغ مباشرة.