الكرة السودانية بعد عامٍ من الحرب.. معاناة ونزوح خارج البلاد

الكرة السودانية بعد عامٍ من الحرب.. معاناة ونزوح خارج البلاد

18 ابريل 2024
الهلال يلعب من أجل مشجعيه في ظل الحرب الدائرة في البلاد (إبراهيم حميد/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الكرة السودانية تعاني من أزمة غير مسبوقة بسبب الحرب منذ 15 إبريل 2023، مما أوقف الدوري المحلي وأثر على الأندية واللاعبين، خاصة الهلال والمريخ اللذين يسعيان للمشاركة في دوريات خارجية للحفاظ على نشاطهما.
- الهلال يخطط للمشاركة في الدوري التنزاني رغم التحديات المالية والإدارية، في حين يبحث المريخ عن فرص في دوريات أفريقية أخرى، مع تركيز كلا الناديين على الحفاظ على معنويات الجماهير.
- الأندية الأخرى في السودان تواجه تحديات أكبر، مع توقف العديد منها عن النشاط، واللاعبون يبحثون عن فرص في الخارج، مثل الدوري الليبي الذي استقبل لاعبين سودانيين، مما يعكس الأثر العميق للحرب على الرياضة في السودان.

تعيش الكرة السودانية أصعب أيامها مع مرور عام على الحرب التي اندلعت يوم 15 إبريل/نيسان 2023، والتي أخفق فيها الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في تحقيق نصر نهائي وحاسم، بعدما تقاسم الطرفان مناطق السيطرة في البلاد.

وكحال القطاع الاقتصادي والعديد من الجوانب الحياتية الأخرى الصعبة، التي يعاني منها الشعب السوداني، تبقى الرياضة وكرة القدم في البلاد من القطاعات التي تعرّضت لضربات عنيفة أوقفت نشاط الدوري المحلي وقضت على أحلام العديد من اللاعبين الشباب وتسببت في تبخّر بعض الأندية من الخريطة، في وقت كان الهلال والمريخ نظراً لقيمتهما وتاريخهما قادرين على رفع شعلة الكرة السودانية، ومتابعة رحلة المنافسات بما توفّر من إمكانات ولاعبين، بهدف تمثيل بلديهما رغم ويلات الحرب، حيث يبقى التعويل حالياً على تسوية تعيد طرفي النزاع والحرب إلى طاولة المفاوضات، ومعها قد تضجُّ الحياة مجدداً في البلاد والشوارع والمدرجات كما كان الحال في السابق.

الهلال يلعب من أجل مشجعيه

رغم إيقاف نشاط الدوري السوداني، استطاع الهلال المنافسة في مسابقة دوري أبطال أفريقيا لكرة القدم، وحاول بقدرٍ ما الذهاب بعيداً، لكن صعوبة المنافسة حرمته من ذلك، إلا أنّه لم يستسلم البتة، إذ من المتوقع أن يواصل المنافسة في القريب العاجل، من خلال خوض غمار بطولة الدوري التنزاني في درجته الأولى، بداية من شهر أغسطس/آب المقبل، وهو ما قد يفعله أيضاً نادي المريخ.

وفي تصريحات سابقة، قال الأمين العام لنادي الهلال السوداني، حسن علي، لشبكة "بي بي سي" أفريقيا: "نحن نلعب خلال هذه اللحظات الحزينة للغاية لإلهاء شعبنا عن الحرب. أغلبية مشجعي كرة القدم في السودان في بعض الأحيان لا يملكون أي شيء حتى في الأوقات العادية، ما لديهم هو انتصارات الهلال التي تجعلهم سعداء مع عائلاتهم، وهذا الأمر يفرض مسؤولية أخلاقية، ليس اللعب من أجل الفوز بالكؤوس، نحن نلعب من أجل جماهيرنا للحفاظ على معنوياتهم عالية".

وكان نادي الهلال السوداني قد تقدّم بأكثر من طلب لدول في أفريقيا للمنافسة في دوريها المحلي، من دون احتساب نتائجه، وتلقى ردوداً إيجابية من ليبيا وأوغندا، لكن الفريق في نهاية الأمر اختار تنزانيا، وذلك بسبب قوة الدوري وتنافسيته هناك، مما سيساعد الفريق على الاستعداد بشكل جيد للاستحقاقات الأفريقية المقبلة، بعد الخروج من دور المجموعات خلال النسخة الأخيرة. من جانبه، ستكون هذه الخطوة جيدة للدوري التنزاني، فهي ستساهم في احتكاك اللاعبين هناك بفريق يمتلك خبرة على الصعيد الأفريقي، كما أن الدوري المحلي سيشهد متابعة من الخارج، مما سيزيد شعبيته وقد يؤدي إلى ارتفاع نسبة دخل الأندية، بينما الهلال لا يريد فقدان لاعبيه الحاليين، ولا سيما أنه يضم عشرة لاعبين أجانب في قائمته.

وكان الأمين العام لنادي الهلال قد أبرز في مقابلته الأخيرة مع "بي بي سي" أفريقيا، الصعوبات التي يواجهها الهلال، إن كان على مستوى تركيز بعض اللاعبين في ظل ابتعادهم عن منازلهم وعائلاتهم أو حتى على الصعيد الإداري، إذ يتعذر على جميع الأعضاء الاجتماع بشكل شخصي، نظراً لانتشارهم في أنحاءٍ مختلفة من العالم، وهو الذي اعترف بأن الهلال فقد الكثير من موارده المالية، لكنه شدد في الوقت عينه "نحن مصممون على الاستمرار رغم الحرب، ونأمل أن نعود يوماً إلى ملعبنا وجماهيرنا"، وكان ملعب الجوهرة الزرقاء في أم درمان قد تعرّض للتخريب والنهب والضرب، مما يعني أنه سيحتاج إلى إعادة تأهيل بعد انتهاء الحرب، وهو الذي جرى تجديده عام 2018، وسيكلف خزينة النادي حوالي أربعة ملايين دولار، إذ أشار حسن علي إلى أن أضواء الإنارة الحديثة التي جرى استيرادها من إسبانيا سُرقت، فيما يحتاج العشب إلى عمل كبير حتى يعود إلى حالته الطبيعية.

المريخ وتوقف نشاط بقية الأندية 

يحاول نادي المريخ السير هو الآخر على خطى الهلال السوداني، من خلال إيجاد مسابقة بديلة عن الدوري المحلي، ليستطيع الفريق من خلالها البقاء على قيد الحياة، وسيكون الخيار بين تنزانيا وليبيا وأوغندا وكينيا وغانا، لكن اللعب من دون شك في نفس المسابقة التي سيختارها الهلال ستجعل الأنظار تتوجه إلى هذه القمة الكبيرة، لما تملكه من تاريخ عريق ومتابعة عربية وأفريقية.

على عكس الهلال والمريخ، تبدو حال الأندية الأخرى في البلاد صعبة، بعضها اختفى عن الساحة الكروية، وتوقف نشاط فرق عديدة بسبب عدم قدرتها على تلبية حاجات اللعبة في ظلّ الحرب الدائرة هناك، والتي بدّلت أولويات المسؤولين عنها وفقاً لحالة كلّ شخص، لكن ذلك أدّى إلى انعدام حال العديد من اللاعبين السودانيين، والذين كان بعضهم يعتمد على الراتب الذي يتقاضاه كي يكمل حياته اليومية، لذا بدأ البحث عن فرص في أماكن أخرى.

اتجه بعضهم إلى الخارج لمتابعة رحلة كرة القدم، وكان الدوري الليبي خير ملاذ، بعدما أقدم الاتحاد الليبي للعبة على خطوة مميزة تجاه اللاعبين السودانيين والفلسطينيين، بسبب معاناة الطرف الأول من الحرب، والثاني من الاحتلال الإسرائيلي، وحرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة، حيث أقرّ قانوناً استثنائياً يسمح لهم بمواصلة مشوارهم الكروي في أنديته، من خلال تسجيل لاعبين اثنين من الجنسيتين الفلسطينية والسودانية خلال هذه الفترة. واشترط اتحاد الكرة أن يكون التعامل بين الأندية واللاعبين الفلسطينيين والسودانيين تماماً مثل التعامل مع اللاعب الليبي، من ناحية التسجيل والمشاركة في المباريات.

المساهمون