إيطاليا الجديدة مع مانشيني: الهجوم أفضل وسيلة للدفاع

إيطاليا الجديدة مع مانشيني: الهجوم وسيلة للدفاع
17 أكتوبر 2020
+ الخط -

بعد نكسة الخروج من الدور الأول في بطولة كأس العالم 2014 والفشل في التأهل إلى بطولة كأس العالم 2018، يبدو أن المنتخب الإيطالي يسير في الطريق الصحيح لاستعادة الهيبة التي فقدها في السنوات الأخيرة بسبب التخبط الفني والإداري، وذلك بعد أن غير المدرب روبيرتو مانشيني شكل المنتخب تماماً وحوله إلى منتخب هجومي.

ولم يخسر منتخب إيطاليا في أكثر 16 مباراة مع المدرب روبيرتو مانشيني في جميع المباريات الدولية الودية والمباريات الرسمية الخاصة ببطولة دوري الأمم الأوروبية في نسخة العام الماضي والنسخة الحالية، وهو ما يؤكد أن مانشيني يقود "الأزوري" نحو استعادة الأمجاد التي فقدها بسبب خيبات الأمل التي تعرض لها في السنوات الماضية.

الهجوم أفضل وسيلة للدفاع

حول مانشيني منتخب إيطاليا من الدفاع إلى الإمتاع حرفياً، فلم تعد إيطاليا ملكة الدفاع فقط كما اشتهرت لسنوات طويلة، بل أمست واحدة من المنتخبات الكروية المُمتعة والتي تُهاجم بطريقة ذكية وجميلة. وبعد أن كانت طريقة الدفاع الأسلوب الوحيد لإيطاليا للفوز بالمباريات والوصول إلى منصات التتويج في البطولات الدولية، أصبح شعار منتخب إيطاليا الحالي هو "الهجوم أفضل وسيلة للدفاع".

ونجح المدرب روبيرتو مانشيني في تغيير عقلية اللاعبين الإيطاليين وإقناعهم بأن الهجوم هو الوسيلة الوحيدة لحماية المرمى من تلقي الأهداف، وهو الأسلوب الذي نجح "الأزوري" في تطبيقه بالمباريات الأخيرة وأصبح أسلوب اللعب الجديد لإيطاليا في العصر الحديث.

ولم يولِ مانشيني أهمية كبيرة للدفاع فقط بل كان للهجوم دور كبير في طريقة لعب إيطاليا، فالمنتخب لا يتكتل في الخلف بتسعة لاعبين مثل السابق وينتظر تحولا سريعا أو مرتدة لصناعة الفارق هجومياً، بل اليوم يلعب على طريقة المنتخبات الهجومية عبر تثبيت 3 مدافعين في الخلف وأمامهم لاعب خط وسط بواجبات دفاعية لنقل الهجمة من الثلث الأول إلى الثلث الأخير، بالإضافة لتوسيع الملعب من الأجنحة والأطراف ومع خلق كثافة عددية في الهجوم وهو ما يُساهم في خلق الخطورة على مرمى أي منافس.

ضغط عالٍ وتمركز مثالي

من تابع مباريات منتخب إيطاليا في الفترة الأخيرة سيُلاحظ أن المنتخب بقيادة مانشيني بدأ ينتهج أسلوب الضغط العالي بغية حرمان المنافس من بناء الهجمة من الخلف، وبالتالي يحرم أي منتخب من الخروج بالكرة بسهولة ويُحجم قوته عبر الضغط على مفاتيح لعبه وهو ما حصل أمام هولندا تماماً، عندما ضغطت إيطاليا وأغلقت كل الطرق أمام ثنائي خط الوسط دي يونغ وفينالدوم وحرمتهما في أكثر من مرة من البناء السهل من الخلف.

ميزة الضغط العالي والتي عادةً ما تنتهجها الأندية الهجومية مثل برشلونة الإسباني وليفربول ومانشستر سيتي الإنكليزيين أمست واحدة من أبرز صفات منتخب إيطاليا اليوم، رغم أن هذا المنتخب هو نفسه الذي كان يعتمد طريقة التكتل الدفاعي وحرمان المنافس من صناعة الخطورة ثم خطف هدف الفوز والحفاظ عليه طوال 90 دقيقة.

في المقابل تبرز ميزة التمركز المثالي لكل اللاعبين، ففي الحالة الهجومية يصعد المنتخب بأكمله للهجوم مع بقاء 3 لاعبين في الخلف للتغطية الدفاعية، ورغم أن هذا الأمر قد يُعرض إيطاليا لتحولات ومرتدات قاتلة، إلا أن مانشيني يعرف هذا جيداً، وعليه يطلب من لاعبين التغطية السريعة للمساحة بمجرد فقدان الكرة وهو ما يُصغر المساحات ويؤخر صعود المنتخب المنافس بالكرة.

السرعة والثنائيات والمثلثات

عانت إيطاليا في السنوات الأخيرة من البطء في بناء الهجمة والفشل في خلق خيارات للتمرير العرضي والطولي وهو ما كان يُعيق بناء الهجمات الإيطالية ولا يُثمر عن خطورة كبيرة على المرمى، باستثناء ربما ما حصل مع كونتي في يورو 2016، عندما أبهر الجميع بطريقة لعبه الرائعة من خلال التمركز في الخلف والتحولات السريعة التي دائماً ما كانت تصنع الفارق هجومياً، ونتج منها وصول المنتخب بأسماء عادية إلى الدور ربع النهائي من البطولة الأوروبية آنذاك.

اليوم منتخب إيطاليا مع مانشيني أسرع وأكثر حركية خصوصاً في عملية البناء وخط وسطه أكثر حيوية ويخلق دائماً خيارات للتمرير في كل مساحات الملعب. مثلاً إيطاليا اليوم عندما تُهاجم عبر الأطراف هناك دائماً لاعب على الكرة وزميل له مُساند يتمركز على مسافة قريبة منه، وهو ما يخلق ثنائية على الطرف تصنع تفوقا عدديا على أجنحة الفريق المنافس.

كما وبرز خلق إيطاليا للمثلثات في خط الوسط وعلى الأطراف وفي العمق الهجومي، لأن تواجد ثلاثة لاعبين قريبين من بعض يمنح إيطاليا كثافة عددية في الهجوم، وبالتالي قدرة أكبر على تحريك دفاع المنافس والتفوق عليه من خلال التحرك بين الخطوط أو خلف ظهر الدفاع لضربه بتمريرات سريعة ذكية.

بعيدا عن الملاعب
التحديثات الحية

هذه الثنائيات والمثلثات بين اللاعبين في كل أرجاء الملعب في الحالتين الدفاعية والهجومية سمحت لإيطاليا باستحواذ أكبر على الكرة لم يكن موجودا في شخصية "الأزوري" أقله في السنوات الأخيرة، كما وسمحت بخروج إيطاليا من عباءة الدفاع فقط، بل تحررت من القيود التاريخية وهي اليوم تُهاجم بدون خوف وتفتح ملعبها بدون أي تردد وتُهاجم وتُهدد أي منتخب على مدار 90 دقيقة كاملة.

المساهمون