على مفترق طرق

19 فبراير 2017
المظاهرات لمواجهة سياسات الإقصاء (أحمد غرابلي/فرانس برس)
+ الخط -
يعيش الفلسطينيون في داخل الأراضي المحتلة عام 1948، هذه الأيام، أكثر الفترات حرجاً منذ هبة القدس والأقصى في عام 2000 التي سقط فيها 13 شهيداً برصاص الشرطة الإسرائيلية عند قمعها لمظاهرات التضامن والتأييد التي اندلعت في الداخل مع الشعب الفلسطيني، وعلى أثر اقتحام أرييل شارون للمسجد الأقصى المبارك.

وإذا كان الفلسطينيون في الداخل، تمكنوا في السنوات الأولى التي أعقبت انتفاضة القدس والأقصى، من لملمة جراحهم والانطلاق في بناء جمعيات مجتمع مدني وتحصين صفوفهم بقوة أعطتهم ثقة كبيرة بالنفس، فإن المشهد الحالي للداخل الفلسطيني يعكس أحد أسوأ الأوضاع التي عايشوها منذ النكبة، بالرغم من توحيد الأحزاب والحركات الفاعلة في الكنيست من خلال قائمة انتخابية مشتركة، وانتخاب قيادة جديدة للجنة المتابعة العليا، إلا أن ذلك لم ينعكس بالضرورة بشكل إيجابي على أوضاعهم أو حتى مكانتهم المدنية، حتى بعد أن أصبحت القائمة المشتركة القوة الثالثة في الكنيست. وظلت القائمة مهمشة بل وعنواناً للتحريض، أولاً بفعل البنية العنصرية للكنيست واللعبة السياسية البرلمانية وثانياً، بعد أن وقعت في فخ لقاء الهيئة المسماة "برئاسة القائمة المشتركة" مع نتنياهو دون أن يعتذر الأخير عن تحريضه على العرب يوم الانتخابات، في 15 مارس/آذار 2015 بجملته المشهورة أن العرب يتدفقون على صناديق الاقتراع، وأن حكم اليمين في خطر.

لم يفض اللقاء الذي جاء بعد أسابيع من لقاء أول عقده رئيس القائمة المشتركة أيمن عودة مع نتنياهو، إلى أي تغيير بل زاد من غي حكومة نتنياهو في تطرفها وصولاً إلى استهداف الحركة الإسلامية الشمالية وإخراجها عن القانون نهائياً في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، وتصعيد التحريض على ممثلي التيار القومي (التجمع الوطني الديمقراطي)، والتلويح بهدم عشرات آلاف البيوت "غير المرخصة" في الداخل، وتطبيق القانون في المجتمع الفلسطيني بعد ادعاء نتنياهو العام الماضي على أثر عملية تل أبيب أن الفلسطينيين في الداخل يقيمون دولة داخل دولة.

يقف فلسطينيو الداخل اليوم أمام مفترق طريق مصيري، إذ يواجهون، سياسات الإقصاء السياسي، والإفقار الاقتصادي، وتفتيت المجتمع من خلال تجاهل العنف والجريمة وأخيراً الحرب الجديدة على المسكن وهدم البيوت دون أن يبدو أنهم يملكون استراتيجية واضحة ومحددة. لكن هذه المواجهة تظل اليوم، في غياب وحدة حقيقية فاعلة وفي غياب استراتيجية متفق عليها، إن لم نقل في ظل خلاف عميق حول سقف النضال والمواجهة وأدواتها، محصورة في ردود فعل متوقعة ومنضبطة كالمظاهرات الاحتجاجية، لا تكسر قواعد اللعبة، بل يبدو أن هناك حرصاً شديداً على عدم كسرها، رغم التوجه لسفراء الاتحاد الأوروبي وعرض أوضاع الداخل الفلسطيني عليهم.

المساهمون