ترحيب أمني وقانوني بسحب الجنسية السودانية من آلاف الأجانب

03 مارس 2020
منح نظام البشير آلاف الأجانب الجنسية السودانية (فرانس برس)
+ الخط -
قوبل قرار رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بسحب الجنسية من أكثر من 13 ألف أجنبي، بأصداء واسعة على المستوى السياسي والقانوني والأمني.
وخلال سنوات حكمه الثلاثين، منح نظام الرئيس المعزول عمر البشير جنسيات وجوازات سفر سودانية لآلاف الأجانب. وفي سنوات حكمه الأولى، استضاف منظمات سياسية وأحزاباً عربية معارضة بعد أن أسس "المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي" في فترة التسعينات، وشكلت تلك الاستضافة اعتراضات من دول عربية ومن الولايات المتحدة، إلى أن تم تصنيف السودان كبلد راع للإرهاب.
وفي السنوات الأخيرة، لجأ مواطنون من سورية وليبيا والعراق واليمن وجنوب السودان وغيرها إلى السودان، ووجد بعضهم طرقاً عديدة، قانونية وغير قانونية، للحصول على الجنسية السودانية بعد أن حرمتهم دولهم من جوازات السفر؛ بسبب مواقفهم السياسية، كما حصل مواطنون من جنسيات أفريقية، وخصوصاً من إريتريا وإثيوبيا على وثائق هوية سودانية بذات الطريقة.
بعد سقوط نظام البشير، في إبريل/نيسان الماضي، أصدر مدير عام قوات الشرطة السودانية قراراً بتشكيل لجنة فنية من الخبراء والفنيين لمراجعة كل إجراءات منح الجنسية ووثائق الهوية للأجانب.
وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإنّ اللجنة عكفت على مراجعة كل الإجراءات لأشهر، وتوصلت إلى توصيات رفعتها إلى مجلس السيادة الذي صادق عليها، وشملت سحب الجنسية من 13300 أجنبي.
وقال الناطق باسم مجلس السيادة محمد الفكي سليمان، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ "قرارالمجلس بسحب الجنسيات عن الأجانب، استند في حيثياته إلى نص قانون الجوازات والهجرة والتجنيس، لأنّ كل الذين قرر المجلس سحب جنسياتهم حصلوا عليها من دون أن تنطبق عليهم الشروط التي يحددها القانون، كما حصلوا عليها من دون فحص أمني دقيق".
وأضاف سليمان أنّ "السلطات رصدت تصاعد عملية حصول الأجانب على الجنسية السودانية بصورة مفرطة في الفترة من 2014 إلى 2018، ما يثير الشك حول عمليات بيع جواز السفر السوداني، وتحقيقات واسعة ستجرى في هذا الموضوع لتقديم كل المتورطين للمحاكمة، واستكمال إجراءات سحب الجنسيات الممنوحة منذ 1989، في ظل مراعاة ما يمكن أن يترتب عليه ذلك من مسؤوليات سياسية واجتماعية، خاصة أنّ الدولة لم تكن تضمن التصرفات الأمنية للحاصلين على الجنسية".
ورداً على سؤال حول إصدار القرار استجابة لضغوط دولية، أو لشطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب منذ عام 1993، أكد سليمان أنّ "القرار داخلي، وفرضه الحرص على سيادة الدولة، وحماية أمنها القومي. من دون شك ستكون له انعسكات إيجابية على السودان، بما يعزز صورته أمام الأسرة الدولية، ويبين مدى التزامه بالمعايير الدولية".
وقال مصدر أمني سوداني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "وزارة الداخلية لم تتسلّم بعد القرار من مجلس السيادة الإنتقالي، لكنها جاهزة لتنفيذه حسب الإجراءات القانونية والإدارية"، مشيراً إلى أنّ "القرار خرج من توصية لجنة شكلتها الشرطة، وقد لا تكون هناك صعوبة في تنفيذه باعتبار أن الشرطة تمتلك كل المعلومات".
وأوضح اللواء المتقاعد أمين مجذوب، لـ"العربي الجديد"، أنّ "القرار جاء في الوقت المناسب، وهو قرار شجاع يعالج أخطاء النظام السابق الذي منح الجنسيات لناشطين سياسيين ومعارضين من بلدان عربية وإسلامية، فاستخدموا جواز السفر في تحركاتهم، وأفرز ذلك جرائم بينها تهريب المخدرات والسلاح، والاتجار بالبشر، وشبكات دعارة، وجرائم عابرة للحدود، ووصل الأمر إلى حد تنفيذ بعضهم هجمات إرهابية في دول أخرى".
وأضاف الخبير الأمني أنّ "الأعداد التي منحت الهوية السودانية أكبر من رقم 13 ألف الذي أعلن عنه، وينبغي أن تضمن الوثيقة الدستورية الحالية، والدستور المنتظر، شروطا صعبة لمنح الجنسية. عدد من النافذين في النظام السابق حصلوا على مبالغ ضخمة نظير بيع الجنسية السودانية، ولجنة التحقيق تجمع معلومات عنهم تمهيداً لمحاكمتهم".
وفي مقابل بروز أصوات انتقدت القرار، مؤكدة أن مجلس السيادة ليس من اختصاصه سحب الجنسية، وأنها سلطة القضاء، قال الخبير القانوني المعز حضرة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجهة السيادية التي منحت الجنسيات هى رئاسة الجمهورية في عهد المخلوع عمر البشير، وتحولت صلاحياتها إلى مجلس السيادة، فبات الجهة التي تملك حق السحب تلقائياً".
وأوضح أنّ "القرار يصحح أخطاء أوقعت البلاد في مطبات عديدة، وصلت إلى حد تحميلها مسؤولية عمليات إرهابية نفذت خارج السودان، وسيساعد في رفع اسم البلاد من قائمة الدول الراعية للإرهاب".
دلالات