مركز سرطان الأطفال في لبنان مهدّد

07 فبراير 2020
لا بديل عن الأمل (حسين بيضون)
+ الخط -
يُعاني مركز سرطان الأطفال في لبنان التابع لمستشفى "سانت جود"، عجزاً قدره 2.5 مليون دولار أميركي في موازنته لعام 2019، ما دفعه إلى مناشدة المجتمع اللبناني وحثّه مجدّداً على دعم "صندوق إنقاذ" المركز الذي سبق وأطلقه خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي. ويهدف الصندوق، بحسب بيان المركز، إلى جمع عشرة ملايين دولار لتمكينه، خلال عام 2020، من الاستمرار في توفير العلاج من دون مقابل لنحو 300 طفل يشكلون 40 في المائة من مجمل حالات سرطان الأطفال في لبنان، علماً أن معدّل كلفة علاج كلّ طفل هي 55 ألف دولار أميركي سنوياً على مدى ثلاث سنوات، ومعدّل الكلفة الشهرية في المركز تبلغ 1.1 مليون دولار أميركي.

تقول مديرة قسم التبرعات في المركز نسرين طنوس لـ"العربي الجديد"، إنّ "الكارثة الكبرى تكمن في عجز المركز عن تحمّل ما كان يتحمّله سابقاً. لذلك، نطلق صرخة استغاثة لمركز دأب منذ افتتاحه عام 2002، على تأمين أفضل العلاجات لأكثر من 1740 طفلاً من دون أن يتكبّد ذووهم أيّة كلفة، كما قدّم نحو خمسة آلاف استشارة طبية، فكان أن بلغ معدّل نسبة نجاح العلاج 80 في المائة، ليحظى معها الأطفال بفرصة حياة جديدة".

وفي اليوم العالمي للسرطان الذي صودف يوم الثلاثاء الماضي، والذي أطلقه الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان، أصدر المركز بياناً كشف فيه أنّ "التوقعات تشير إلى صعوبات أكبر في المرحلة المقبلة، نظراً إلى الأوضاع الراهنة التي تعانيها البلاد، والتي ستؤثّر على عائدات البرامج والحملات التي يقيمها المركز عادةً لجمع ما قيمته 15 مليون دولار أميركي سنويّاً، كونه يعتمد كليّاً على التبرعات لتحقيق أهدافه".



في هذا السياق، تقول طنوس إنّ "الأزمة الحالية ترتّب أفقاً مظلماً ومجهولاً، فمهمّتنا في خطر، وهي تعتمد على دعم المجتمع في لبنان وفي دول الاغتراب بشكل أكبر". وتلفت إلى أنّه مع بداية الانتفاضة الشعبية في 17 أكتوبر/تشرين الأول عام 2019، "كان هاجسنا تسهيل وصول الأطفال إلى المركز لتلقي العلاج، في ظل إغلاق الطرقات والمسالك الحيوية، وتمّ ذلك بالتعاون مع الصليب الأحمر اللبناني، ومن خلال تأمين غرف في فنادق قريبة لبعض الحالات الدقيقة على نفقة المركز. أمّا اليوم، وفي ظل الأوضاع الصعبة ونظام التقنين الذي فرضته المصارف وأزمة العملة، فالتحدي يكمن في مدى قدرة المركز على تأمين التبرعات للاستمرار في استقبال حالات جديدة وتوفير العلاج المجاني للأطفال كافّة".

تضيف طنوس أنّ "الدولة اللبنانية، وعلى الرغم من إمكانياتها المحدودة، كانت تخصّص دعماً ثابتاً للمركز من خلال وزارتَي الصحة والشؤون الاجتماعية. لكن مع خفض الميزانيات المخصّصة للجمعيات والضوابط الجديدة، زاد العبء، في ظل الازدياد المستمر لعدد الأطفال المرضى، ويتمّ تشخيص ما بين 350 إلى 400 حالة إصابة جديدة بالسرطان سنوياً، بحسب الإحصائيات الحالية".

تابعوا دراستهم وتخرّجوا (حسين بيضون) 


ولا يخفي ذوو بعض الأطفال المرضى، خلال حديثهم لـ"العربي الجديد"، حرصهم الشديد على استمرار عمل المركز. وتُناشد جولي بونجي، والدة الفتى إيلي، الخيّرين على "تقديم الدعم للمركز الذي أصبح بيتنا الثاني. احتضننا وفتح أبوابه لأحلامنا وآمالنا، ووفّر لنا سقفاً آمناً وعلاجاً متقدّماً ودعماً نفسيّاً ومعنويّاً، وشهدت جدرانه على دموع الفرح والبكاء، ووقف إلى جانبنا في أحلك الظروف، واليوم جاء دورنا لنسانده ونقف بجانبه، فنحن عائلة لا تعرف التفرقة والتمييز".



وتقول: "بفضل المركز والداعمين، عاد ابني إلى الحياة، زهّر (أزهر) من جديد. كان يعشق لعبة كرة القدم والصيد قبل أن يُصاب عام 2017 بسرطان الدم (اللوكيميا)، وهو في أجمل مرحلة من حياته (مرحلة المراهقة)، وبعد سنة من عودتنا من فنزويلا إلى لبنان". تضيف: "إيلي تغيّر بعد المرض، نضج وكبر سريعاً وأصبح أكثر مسؤوليّة ووعياً لصحّته ونظامه الغذائي وعلاجه". وتكشف أنّ "أحلام ابن الخامسة عشرة تبدّلت أيضاً، فمَن كان يحلم بأن يصبح ضابطاً في الجيش للدفاع عن وطنه وشعبه، يريد اليوم أن يصبح طبيباً ينتصر على المرض ويُنقذ أرواح الأطفال".

من جهتها، تروي نوال البنّى، والدة الطفلة حنين، التي تعاني المرض نفسه، كيف تصارع ابنة السنوات الستّ منذ نحو سنة للبقاء على قيد الحياة. وتقول: "منذ صغرها، كانت حنين وما زالت ذات شخصيّة قوية. وبعد استئصال عينها اليُمنى بعد انتشار نوع خطير من الفطريات في جيوبها الأنفية، زادت إصراراً وتحدّياً". تضيف: "ما زال أمامنا نحو سنتين للانتهاء من العلاج. قدّم لنا المركز دعماً لا محدوداً، وهو يستحق منّا الكثير، فلو تبرّع الفرد بألف ليرة فقط (أقل من دولار أميركي)، سيساهم في إنقاذ حياة طفلٍ يكافح من أجل الحياة".