والطاولة المستديرة تحت عنوان "أزمة الأدوية: الأسباب والحلول" في العاصمة تونس، أتت بعد تواصل نقص الأدوية في تونس واستياء المرضى، في ظلّ غياب الحلول الجذرية للحدّ من النقص الحاصل الذي أثّر سلباً على المنظومة الصحية ككلّ.
يقول عضو مجلس نواب الشعب ووزير الصحة السابق، عبد اللطيف المكي، لـ"العربي الجديد" إنّ "أزمة الأدوية في تونس تمرّ بمراحل مختلفة، فتشهد بعض الحدّة أحياناً بسبب النقص المسجّل، لتنخفض وتيرتها في حالات أخرى. لكن في الحقيقة، ثمّة عوامل عدّة تؤدّي إلى النقص، منها التهريب وانزلاق الدينار التونسي، خصوصاً في ما يتعلق بالأدوية المستوردة". يضيف أنّ "المجتمعين من مختلف الهياكل أرادوا اليوم من خلال النقاشات النظر في مختلف الأسباب والتوصّل الى مقترحات يمكن العمل عليها مستقبلًا للخروج من الأزمة أو الحدّ منها".
ويشدّد المكي على "وجوب الاستفادة من الأزمة الحاصلة وتصنيع الأدوية التي تستورد، خصوصاً مع الخبرات المتوفّرة، وقطع الطريق أمام الفساد، والحدّ من الاستخدام المفرط للأدوية". ويتابع أنّه "لا بدّ من فتح الباب أمام التصدير بعد التصنيع، للضغط على المحتكرين وعلى لوبيات الترويج التي تدفع نحو الاستهلاك أكثر من اللازم أحياناً. وسوف نوجّه مذكّرة بالمقترحات لوزارة الصحة بهدف الاستفادة منها لمعالجة الملف".
ويكمل المكي أنّ "الأزمة متواصلة لأنّ ثمّة عناصر قارة في الأزمة تؤثّر سلباً في سوق الأدوية، من ذلك عدم رفع نسبة تصنيع الأدوية المستهلكة"، شارحاً أنّ "25 في المائة من الأدوية المستهلكة محلياً هي مستوردة، في حين يمكن لتونس أن تصنّعها وتصدّرها، الأمر الذي من شأنه تقليص الأزمة والنفقات".
من جهتها، تقول نائبة رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك، ثريا التباسي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المنظمة أعدّت استبياناً حول الأدوية والنقص الحاصل في تونس، وكنت آمل أن يتمّ التطرّق إلى مشكلات التونسيين والصعوبات التي يواجهها من يعاني أمراضاً مزمنة وثقيلة. فتوفير الأدوية لهؤلاء مسألة حياة أو موت"، مشيرة إلى أنّ "المشكلات الحاصلة في المستشفيات العمومية تعود بمعظمها إلى نقص الأدوية".
وتتابع التباسي أنّه "يجب النظر في المشكلات الأساسية التي تتعلق بالفساد الحاصل في قطاع الصحة والأدوية تحديداً، والدفع نحو الحوكمة الرشيدة. ولا بدّ من اتخاذ قرارات ضدّ اللوبيات الفاعلة في القطاع ووضع حدّ للمهربين الذين يستغلون الدواء التونسي لتهريبه إلى بلدان الجوار. ولا بدّ من تضافر جهود الجميع، مجتمع مدني ومصنّعي أدوية، للنهوض بقطاع الصحة عموماً".
أمّا رئيسة المرصد الدولي لحقوق الإنسان، ريم حمدي، فتقول لـ"العربي الجديد" إنّ "المرصد ينظر في مكافحة الفساد، والمشكلة الأساسية في أزمة الأدوية بتونس يعود إلى الفساد المستشري من القمّة إلى الأسفل"، مضيفة أنّ "الرقابة منقوصة على الأعوان وعلى المتدخّلين في القطاع". وتتابع حمدي أنّ "ثمّة أطرافاً تتحكّم في المنظومة وفي الموارد وهي وراء التهريب والمشكلات الحاصلة في إطار أزمة الدواء"، مشيرة إلى أنّ "بعض الأطراف الفاعلة والمستفيدة من القطاع قادرة على افتعال مشكلات سياسية للدفع نحو عدم معالجة المشكلة الأساسية ونحو مزيد من تأزّم القطاع".
في السياق، شدّد رئيس جمعية دراسات وأفكار، عبد العزيز النفزي، لـ"العربي الجديد"، على "وجوب إصلاح الخلل عبر إصلاح الصناديق الاجتماعية وتشجيع الصناعة المحلية للأدوية بهدف تغطية السوق والتوجّه نحو التصدير والاقتداء بتجربة الأردن في هذا المجال". يضيف أنّ "تونس لم تتبنّ سياسة التصنيع وهذا الأمر رهن الإرادة السياسية التي يتوجّب عليها فتح المجال ومنح حوافز للمصنعين وأخرى في مجال التصدير"، متابعاً أنّه "لا بدّ من تحسين الأدوية من خلال العمل على جودة المنتجات لتكون قادرة على المنافسة".