جرحى التظاهرات إلى كردستان للعلاج

11 أكتوبر 2019
من تظاهرات العراق (مرتضى سوداني/ الأناضول)
+ الخط -
حال جرحى التظاهرات في العراق ليس مطمئناً، بعدما اضطر البعض إلى مغادرة المستشفيات الحكومية بسبب الملاحقات الأمنية، والانتقال إلى إقليم كردستان لمتابعة العلاج 

خلّفت التظاهرات العراقية التي انطلقت في الأول من الشهر الجاري أكثر من 6 آلاف جريح بحسب الإحصائيات الرسمية التي أشارت أيضاً إلى مقتل أكثر من 120 متظاهرا، من جراء استخدام القوات العراقية القوة المفرطة ضد المحتجين. ولم يسلم جرحى التظاهرات من حملات الملاحقة الأمنية التي دفعت ببعضهم إلى مغادرة المستشفيات الحكومية، والبحث عن سبل أخرى للعلاج، منها السفر إلى إقليم كردستان.

وعلى الرغم من إصدار الحكومة والبرلمان مجموعة من القرارات الإصلاحية، التي هدفت إلى تهدئة المتظاهرين، إلا أن هذه الاصلاحات خلت من أي قرار لعلاج الجرحى، أو التكفّل بإرسال أولئك الذين يعانون من إصابات خطيرة للعلاج في الخارج. وتقول مصادر محلية في العاصمة العراقية بغداد إن عدداً كبيراً من الجرحى لم يذهبوا إلى المستشفيات بعد إصابتهم خلال التظاهرات. كما أن آخرين غادروا هذه المستشفيات في وقت مبكر خشية تعرّضهم للاعتقال من قبل القوات العراقية والمليشيات المسلحة التي تلاحق المحتجين، مؤكدة لـ "العربي الجديد" أن شهود عيان أشاروا إلى أشخاص يرتدون الزي الأسود ويستقلون سيارات مظللة سبقوأن اعتقلوا عدداً من المتظاهرين المصابين أثناء وجودهم في مستشفيات اليرموك والكندي والشيخ زايد ومدينة الطب في بغداد، واقتادوهم إلى مكان مجهول.

وبحسب طبيب في مستشفى مدينة الطب، فإنّ ما لا يقل عن 200 جريح نقلوا من قبل ذويهم إلى مستشفيات في أربيل والسليمانية، في وقت نقل آخرون إلى أماكن أخرى من دون الإعلان عنها. يضيف: "هناك عمليات اعتقال واستجواب. كما أن مستشفيات الإقليم أفضل من ناحية العلاج".

هذه المعلومات يؤكدها أكثر من مصدر محلي في بغداد لـ"العربي الجديد"، بينهم عضو في مجلس محافظة بغداد يوضح أن "ما يحدث هو دليل على أن البلاد دخلت مرحلة الدولة البوليسية القمعية ولا صحة لأي تجربة ديمقراطية". يضيف أن "المليشيات تعتقل والاستخبارات تعتقل. لكن أن يصل الأمر حد اقتحام مستشفى وجر جريح على وجهه واعتقاله أو حتى استجوابه وإهانته وهو على سرير المستشفى، فهذا ما لا يمكن استيعابه أو القبول به". يتابع: "الجميع يخشى الحديث. حتى أعضاء البرلمان والناشطون صار لهم سقف محدد للكلام. وإذا تجاوزه أحدهم، فسيكون عليه أن يعتذر كثيراً لحماية نفسه".



ويؤكّد أحد المتظاهرين ويدعى ع . ح. ويسكن في مدينة الصدر شرقي بغداد، أن شقيقه أصيب بطلق ناري في ساقه خلال وجوده في ساحة الطيران وسط بغداد، موضحاً لـ "العربي الجديد" أن والده قرر عدم نقله إلى المستشفى خشية تعرضه لعملية اغتيال كما سبق وحدث لناشطين في بغداد والبصرة. ويشير إلى أنه "يتلقى العلاج حالياً على يد ممرّض يعالج المتظاهرين في منزله". ويوضح أن بعض الأطباء في مستشفيات بغداد يتعاطفون بشكل كبير مع جرحى الاحتجاجات ويحاولون تسجيل إصاباتهم على أنها ناتجة عن حوادث سير، أو سقوط من مكان مرتفع أو ما شابه. يضيف أنّ عشرات الجرحى توجهوا إلى مستشفيات إقليم كردستان لسببين؛ الأول هو البحث عن الأمان، والثاني يتعلق بقلة المستلزمات الطبية وضعف العناية بالمصابين في بغداد، لا سيما أولئك الذين تعرضوا لإصابات خطيرة.

وكانت مصادر طبية قد أكدت في وقت سابق خلو مستشفيات بغداد من أكياس الدم وأسطوانات الأوكسجين وبعض الأدوية في ظل وجود أعداد كبيرة من جرحى التظاهرات، ما أدى إلى بقاء عدد من المصابين خلال الحركة الاحتجاجية في الشارع.

من جهته، يقول أوس عادل، وهو طبيب يعمل في أحد مستشفيات بغداد، إن المستشفيات استقبلت خلال الأسبوع الماضي مئات الجرحى، ما يفوق القدرة الاستيعابية لهذه المستشفيات. ويؤكد لـ "العربي الجديد" أن ما حدث يتطلب خطة طوارئ وتنسيقا لنقل الجرحى إلى إقليم كردستان ودول الجوار. وهذا الأمر هو خارج سلطة المستشفيات، بحسب قوله.



أما الناشط المدني علي السعدي، فينتقد الحكومة والبرلمان بسبب الموقف المخجل من جرحى التظاهرات، مؤكداً لـ "العربي الجديد" أن بعضهم يواجه خطر الموت أو الإصابة المزمنة. ويشير إلى وجود اهتمام من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية بالخطابات والتصريحات والوعود، لكنهما تتجاهلان مصير أكثر من 6 آلاف شخص يعاني بعضهم الخوف من الاعتقال، في وقت يتنقل آخرون بين مستشفيات المدن المختلفة، أو تلك الموجودة في إقليم كردستان بحثاً عن العلاج.

وينتقد تجمع "القوى المدنية الوطنية" في العراق الأسلوب القمعي الذي تعاملت به السلطات العراقية مع التظاهرات العفوية، مؤكداً في بيان أنه يشبه الأسلوب القمعي الذي اعتمده النظام السابق (نظام صدام حسين) ضد انتفاضة عام 1991. ويشير إلى أنه بدلاً من أن تستمع الحكومة لمطالب المواطنين المشروعة خلال التظاهرات، مارست القمع والقتل ضد التظاهرات مستخدمة الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي، متهمة جهات مجهولة مندسة بقتل وإصابة المتظاهرين.

دلالات