الشهيد المقدسي إبراهيم مطر.. وداع في حضرة القدس

الشهيد المقدسي إبراهيم مطر.. وداع في حضرة القدس

04 مايو 2017
أصيب بخمس رصاصات (فيسبوك)
+ الخط -
في ليلة من ليالي القدس، سار موكب صغير بالشهيد إبراهيم مطر، من جبل المكبر جنوب القدس حيث يسكن، إلى داخل مقبرة المجاهدين في شارع صلاح الدين، عابراً أحد أشهر شوارع مدينة القدس المتصل أيضا بشارع السلطان سليمان، والمفضيين في أكثر من اتجاه إلى بوابة دمشق أو "باب العامود" ، ثم باب الساهرة إلى قلب حارات القدس العتيقة في "السعدية" و"باب حطة".

كان إبراهيم هذه المرة وحيدا من دون أهله وعشيرته، ولم يحظ بوداعه من الأقربين من عائلته سوى والده الذي وسّد نجله في أطهر ثرى من بقاع القدس. لحظة من الوداع الأخيرة لم تحظ بها والدته التي فارقها في الثالث عشر من مارس/آذار المنصرم على مدخل باب الأسباط، أحد بوابات القدس القديمة.

في فجر ذلك اليوم، كما قال والده لـ"العربي الجديد"، كان الشهيد في طقوسه اليومية المعتادة من جبل المكبر إلى الأقصى يؤدي في مسجده القبلي وفي ساحاته صلاة الفجر، وقبيل أن تطأ قدماه أرض المسجد كان جمعٌ من جنود الاحتلال استوقفوه ودققوا في بطاقته الشخصية قبل أن يقتادوه إلى مركز لهم عند مدخل باب الأسباط، داخل المركز لا يدري أحد حقيقة ما جرى، لكن إبراهيم ارتقى شهيدا هناك على بوابة المركز بينما كان يغادره، ويروى أنه أصيب بخمس رصاصات كانت كافية لأن تقتله في المكان.




الاحتلال، وفي روايته المعهودة والجاهزة، ادعى أن الشهيد هاجم جنوده من حرس الحدود، مدعيا إصابة اثنين منهم. وليؤكد مزاعمه، كان مشهد السكين إلى جوار جسد الشهيد جاهزا لتكتمل الرواية، التي كذبتها قبل أيام صورة السكين الصغير التي ألقيت بالقرب من جسد مستوطن إسرائيلي على حاجز حزما العسكري شمال القدس. اشتبه الجنود بأنه فلسطيني فأمطروه برصاصهم، ليكتشفوا تحت وقع صدمتهم أن قتيلهم هذه المرة هو مستوطن وليس فلسطينيا كما يشتهون، لتتبدل روايتهم في الحال، فيبررون القتل العمد بأنه انتحار.


كان إبراهيم في لحظة وداعه الأخيرة، قبل أن يوارى جسده الثرى، قمرا يعاند قمر السماء ويعانق من ارتقوا قبله فتحولوا إلى مصابيح في سماء القدس يضيئون ليلها الثقيل بالاحتلال.

هل كان غريبا أن يغلق الاحتلال منطقة واسعة جدا حول البلدة القديمة وفي محيط مقبرة المجاهدين في شارع صلاح الدين، ليمنع أحباب إبراهيم من المشاركة في وداعه؟ لقد كان الطريق مفتوحا فقط أمام غرباء من دولة الاحتلال ومن دول من الخارج احتفلوا في مغارة "الكتان" أو "القطن" والمعروفة بـ"مغارة سليمان".


 أحاطت بالمحتفلين قوات خاصة مدربة، وقيل إن احتفالا ماسونيا جرى داخل المغارة الضخمة التي تمتد إلى مساحات واسعة في القدس العتيقة. ولتأمين المحتفلين سدّت الطرق جميعا حول المكان، وتعذّر وصول كثيرين إلى شارع صلاح الدين، حتى المشيعين من عائلة الشهيد الذين لم يتجاوز عددهم عشرين فردا حشروا على رصيف عند مدخل باب الساهرة، قبل أن يسيروا بمرافقة قوات الاحتلال إلى داخل المقبرة، حيث كان جثمان الشهيد وصل لتوه، وظل الجنود وقوفا هناك فوق رأس المشيعين يراقبون مراسم الدفن.