الكنيسة ترفض تقييد حرية الأئمة

01 ابريل 2016
الأساقفة يخشون على الحريات الدينية للمسلمين (العربي الجديد)
+ الخط -
تتجه الدنمارك إلى تشديد قوانينها على المسلمين. هو ما ترفضه الجمعيات الإسلامية، ويرفضه معها رجال الدين المسيحيون

انتهت إجازة الفصح في الدنمارك وبدأت حكومة يمين الوسط، بزعامة لارس لوكا راسموسن، اجتماعات خاصة للتشديد على المسلمين، خصوصاً أئمة المساجد والدعاة. فقد انطلقت مفاوضات بين راسموسن ووزير الثقافة والكنائس بيرتل هاردر وقادة الأحزاب البرلمانية، الهدف منها طرح ثلاثة بنود متشددة يجري التركيز فيها على ما تطلق عليه الحكومة عبارة "الاستغناء عن القوى التي تعارض القيم الدنماركية".

يقول راسموسن إنّ من المفترض البدء بـ"منع دخول الدعاة الإسلاميين الذين يبثون الكراهية إلى البلاد"، استناداً إلى "التجربة البريطانية" في هذا الخصوص. يضيف: "نود أن نستوحي من بريطانيا آلية فعالة تمنع دخول أي واعظ أو داعية يحمل رسائل الكراهية إلى بلادنا". وفي نقطة ثانية يعتبر راسموسن أنّ "من الضروري مراجعة المادة 67 من الدستور الدنماركي التي تحفظ الحريات الدينية، ليتسنى تجريم حرية التعبير إذا ما كانت تقوّض تشريعات المجتمع الدنماركي". والخطوة العملية التي تقترحها حكومة يمين الوسط، مدعومة من أحزاب يمينية متشددة، تتمثل في "تقييد حرية حركة الأئمة والدعاة، وتحديد أماكنهم، لمنعهم من التوجه إلى المساجد في حال انتهاكهم القواعد".

يلجأ راسموسن إلى تبرير ذلك بالقول إنّه "يوقف ظهورنا كحمقى وبأموالنا". وبكلمات أخرى: "يجب إعادة النظر في الطريقة التي يجري فيها تقديم الدعم المالي إلى الأقليات الدينية في الدنمارك".

وعادة ما تتلقى التجمعات الدينية دعماً لنشاطاتها الاجتماعية من البلديات، وهو ما تريد الدنمارك مراجعته. لكن يبدو الأمر، وفقاً لمؤسسات وجمعيات عربية ومسلمة "استهدافاً واضحاً للجالية المسلمة تحديداً، واستغلالاً لتفجيرات العاصمة البلجيكية بروكسل في شهر مارس/ آذار الماضي. وهو ما توعّد به اليمين قبل إجازة عيد الفصح الأخيرة".

من بين المقترحات التي قدمت في اجتماع راسموسن مع هاردر والقادة البرلمانيين "سحب إمكانية أن يعقد الأئمة قران الأزواج في حال عملهم بما يتعارض مع القيم الدنماركية". وعلى الرغم من تأكيد راسموسن أنّ "الأمور ستجري وفق النصوص الدستورية واحترامها"، إلاّ أنه يذهب في اتجاه "اقتراح تشريعات برلمانية في هذا الخصوص قبل الإجازة الصيفية للبرلمان".

يجد المسلمون أنّ طريقة التعاطي معهم مثيرة للريبة. يقول عضو مجلس إدارة "مركز الإمام مالك" أنور التويني: "هذا أمر مأسوي لنا كمسلمين في الدنمارك، وخصوصاً مع عدم دعوة أيّ شخص أو جهة مسلمَين إلى تلك المفاوضات التشريعية التي تركز علينا نحن بالذات".

لكنّ المسلمين يجدون نصيراً لهم من خلال الكنيسة بالذات. فمن ناحيتهم، يعارض العديد من الأساقفة الدنماركيون توجهات الحكومة في تشديد القوانين. يعتبر بعضهم أنّ الأمر "يحمل انتهاكاً للحريات الدستورية بحجة محاربة بيئة التشدد". ينتقد الأسقف بيتر فيشر موللر من أبرشية روسكيدا تلك الخطوات بالقول: "بطبيعة الحال يمكن مراجعة التشريعات. لكنني أعتقد أنّ ما يعبر عنه السياسيون في هذه الظروف حول حرية الدين والتعبير هي ردود أفعال مبالغ فيها".

وفقاً لما تشير إليه صحيفة "بيرلينغسكا" فإنّ الأساقفة "يخشون على الحريات الدينية للمسلمين". يعبّر أسقف مدينة فيبورغ هينريك ستوبيكيير، حيث تقع إحدى أقدم الأبرشيات في البلاد، وصاحبة الدور التاريخي في الإصلاح الديني منذ قرون، عن أسفه تجاه الخطوات الحكومية.

يقول ستوبيكيير: "هذا تحوّل مؤسف للغاية. أعتقد أنّ علينا الحفاظ على الحرية الدينية وحرية التعبير. ويجب أن نكون حذرين في مكافحتنا التطرف وألّا نقدم خدمة للتطرف بالذات من خلال التضييق على الحقوق الأساسية. أخشى أنّ السياسيين يقترفون خطأ كبيراً في هذا الإطار". كما يشدد فيشر ميللر على "وجوب حماية حرية التعبير والأديان في الدنمارك".
من الواضح أنّ النقاش الحالي يزعج "المجلس الإسلامي المشترك" في الدنمارك، خصوصاً أنّ وزير الثقافة والكنائس بيرتل هاردر كان قد بشّر بـ"تشديدات" أخرى. فمن ناحيته، يسعى حزب الشعب، اليميني المتشدد، إلى تقديم مقترح بمنع إعطاء الجنسية الدنماركية إلى أئمة، أو سحب الجنسية ممن يمتلكونها. وقد بدأت هذه الدعوة تجد صداها من خلال تأييد عدة أحزاب لها.
يعتبر التويني أنّه "من الضروري وجود تعاون بين المجلس الإسلامي المشترك والحكومة، كي يتمكن المجلس من التدخل في وجه الأئمة الذين ينشرون خطاب كراهية. وبعد ذلك يمكن الحديث عن عقوبات كالتي تقترحها الحكومة".

المساهمون