الكاميرات لا تمنع الجرائم في العراق

الكاميرات لا تمنع الجرائم في العراق

07 نوفمبر 2015
يؤكد مسؤولون على ضرورة نصب كاميرات في المحال(فرانس برس)
+ الخط -
نصبت كاميرات مراقبة سرية وأخرى ظاهرة في دوائر حكومية وشوارع وأسواق حيوية في بغداد، بالإضافة إلى بعض منازل العائلات الميسورة، إلا أنها لم تمنع وقوع جرائم أو تؤدي إلى محاسبة الجناة، علماً بأن الجرائم ازدادت في ظل انهيار الوضع الأمني بعد الاحتلال الأميركي للبلاد، وسيطرة المليشيات على بعض المدن، لا سيما العاصمة بغداد بعد عام 2006.

أبو سلام، وهو أحد تجار المواد الغذائية في بغداد، لم يضع كاميرات في محله أو منزله. يقول لـ "العربي الجديد" إنه "بعدما خُطف جاري من أمام منزله، وكشفت كاميرات المراقبة عن وجوه الجناة والسيارات التي كانوا يستقلونها، عمدت أسرته إلى التقدم ببلاغ إلى الشرطة. لكن بعد أسبوع، عثر عليه مقتولاً، وهددت عائلته بمصير مشابه في حال لم يسحب البلاغ". يضيف: "حينها، أدركت أن هذه الكاميرات التي فرضتها علينا الأجهزة الأمنية كانت مجرد إجراء روتيني، أو صفقة بين عدد من التجار والأجهزة الأمنية، لأننا في بلد لا يوجد فيه قانون أو قضاء ينصفنا أو يعيد إلينا حقوقنا".

تجدر الإشارة إلى أن غالبية المسؤولين يؤكدون على ضرورة نصب كاميرات مراقبة حفاظاً على الأمن. إلا أن الخبير في تفكيك المتفجرات، عصام العزاوي، يقول إن "هذه الكاميرات تهدف إلى خدمة المسؤول الحكومي في الدائرة أو المنطقة التي يعمل فيها، ومراقبة أمنه وحمايته بدليل أن المواطن هو من يقتل يومياً، سواء في الأسواق الشعبية أو الشوارع العامة المزودة بالكاميرات. وعلى الرغم من ذلك، لم يحاسب المجرمون إلا في حالات نادرة".

ويؤكد أنه يمكن الاستفادة من الكاميرات في حال أخذت التسجيلات بجدية، بعيداً عن المحسوبيات. ومع الوقت، يتوقع انتشار كاميرات المراقبة على نطاق أوسع، كونها توفر الحماية للجهات الحكومية. وتنوي بعض العائلات تقديم شكاوى حين يستتب الأمن، وتكون هناك محاكم فعلية.

بدوره، يقول أبو مصطفى، وهو موظف حكومي في "مستشفى المقدادية العام" في بلدة المقدادية في محافظة ديالى شمال شرق بغداد، إنه رأى عناصر مليشيوية على علاقة بجهات حكومية، تعمد إلى تكسير كاميرات المراقبة أثناء اقتحام المستشفى. يضيف لـ "العربي الجديد": "كثيراً ما يصل إلى المستشفى جرحى في حالة خطرة. في إحدى المرات، اقتحمت المليشيات المستشفى وكسرت كاميرات المراقبة لأخذ جريح تابع لها أصيب في مواجهات. وعلى الرغم من وجود الكاميرات، لم يحقق في الحادث". ويلفت إلى أن الهدف من وضعها أيضاً منع الموظفين من ابتزاز المرضى، وأخذ رشى، ومراقبة عمل الطاقم الطبي. إلا أن هذه الحوادث ما زالت مستمرة.

بدوره، يقول أحمد الويسي، الذي يملك محلاً لبيع الأجهزة الإلكترونية، لـ "العربي الجديد"، إن البلاد لم تكن تشهد سوقاً رائجاً لكاميرات المراقبة قبل عام 2003 وحتى بعدها، وقد بدأ الإقبال عليها بعد عام 2006 من قبل الدوائر الحكومية، ضمن خطتها لمكافحة الفساد.

وفرضت السلطات الأمنية على الأسواق والمحال التجارية والشوارع الحيوية نصب كاميرات مراقبة، مما زاد من انتشارها، قبل أن تلجأ إليها محال الصرافة بعد انتشار ظاهرة السطو المسلح. في المقابل، يوضح أن سوق الكاميرات شهد تراجعاً في الآونة الأخيرة، بعدما انحسر بيعها بأشخاص معينين، وخصوصاً الأطباء والتجار والموظفين الحكوميين، لأنهم أكثر عرضة للاستهداف.

ويؤكد الويسي أن كاميرات المراقبة السرية مهمة جداً، وقد ساهمت في كشف العديد من الجرائم قبل وقوعها، بالإضافة إلى جعل العائلات والتجار أكثر حذراً. يضيف أن عدم التعامل بجدية من قبل الأجهزة الأمنية مع البلاغات والفيديوهات المسجلة، تدفع المواطنين إلى التخلي عن هذه التقنية.

البيع إلى تراجع
يقول أحمد الويسي، الذي يملك محلاً لبيع الأجهزة الإلكترونية، إن بيع الكاميرات خف أخيراً، بعدما كان يبيع ما لا يقل عن عشر منظومات كاميرات شهرياً، علماً بأن سعر الواحدة لا يقل عن نحو 800 دولار، فيما قد تصل أسعار أخرى إلى أكثر من عشرة آلاف دولار. وتختلف الأسعار بحسب نوع وحجم وجودة الكاميرات.

إقرأ أيضاً: كاميرات المراقبة.. لا غنى عنها في العراق