هلال جرادات.. فلسطيني سجنه الاحتلال فتعلم 16 لغة

هلال جرادات.. فلسطيني سجنه الاحتلال فتعلم 16 لغة

25 نوفمبر 2015
أحبّ جرادات القراءة حتى قبل اعتقاله (عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -

لم يرهن الأسير الفلسطيني المحرر، هلال جرادات، حياته للسجّان الإسرائيلي، بعد أنّ حكم عليه الاحتلال بالسجن 99 عاماً، لقيامه بعملية مقاومة أدت إلى مقتل ثلاثة مستوطنين إسرائيليين عام 1987، وذلك انتقاماً لشقيقه الذي استشهد على يد المستوطنين في مدينة جنين، شمال الضفة الغربية المحتلة، حيث تسكن العائلة.

واطّلعَ جرادات على مدار 27 عاماً قضاها خلف القضبان، قبل أن يفرج عنه في صفقة "وفاء الأحرار" التي جرت بين حركة "حماس" والاحتلال الإسرائيلي لإطلاق سراج الجندي جلعاد شاليط، في 11 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2011، على مئات الكتب والدراسات، الأمر الذي أهّله لتعلّم 16 لغة أجنبية طوال فترة مكوثه في الأسر.

ترعرع المحرر هلال (49 عاماً)، منذ طفولته على حب العلم ومطالعة الكتب، فكان يلزم نفسه بشراء قرابة عشرة كتب شهريا في مجالات عدة ولكتّاب مختلفين، ونتيجة لذلك، أصبح لدى جرادات قبل اعتقاله، وهو في مطلع العقد الثالث من العمر، نحو ثلاثة آلاف كتاب.

ويقول جرادات لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأسير الفلسطيني يدخل منذ اليوم الأول لاعتقاله في معركة شرسة مع الاحتلال، الذي يسعى إلى تجهيل الأسرى وسلب إرادتهم، لذلك ينظّم الأسرى حياتهم وفق خطة مدروسة تُفشِل أهداف السجان وتجعل من السجن منحة لهم".

وبدأ جرادات رحلة تعلّم اللغات منذ الأسابيع الأولى لاعتقاله، بإتقان اللغة العبرية في شهرين، مستفيدا منها في التحدث مع إدارة السجن وجنود الاحتلال من دون معيقات، فضلاً عن متابعة الأخبار الميدانية والتقارير من خلال بعض الصحف الإسرائيلية التي يسمح للأسرى بإدخالها إلى غرفهم.

وبعدما أتقن جرادات العبرية، شرع في تعلّم لغات جديدة، كالإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية، والألمانية، والروسية، وكذلك تعلم الإيطالية، والتركية، واللاتينية، والفارسية، والإثيوبية، بالإضافة إلى كسب بعض المعلومات عن اللغة اليونانية القديمة، والرومانية، والبربرية، والسريانية، والآرامية.

وبيّن أنه واجه صعوبات في توفير الكتب التعليمية الخاصة باللغات من المكتبات الفلسطينية، الأمر الذي اضطره إلى طلبها من بعض الدول العربية والأجنبية، كالعراق وسورية ومصر وإيطاليا وروسيا، لافتا إلى أن اللغة الآرامية كانت من أصعب اللغات التي تعلمها، أما أغربها فكانت اللغة الأمازيغية.


وكان جرادات يقضي قرابة ثماني ساعات يوميا في قراءة الكتب، وتحديدا الكتب التاريخية والمهتمة بالشؤون السياسية والعلاقات الدولية، بجانب الاطلاع على الإصدارات الخاصة بعلم النفس والإعلام والاقتصاد والطب والفلسفة.

وذكر أنّ إدخال الكتب للأسرى مكلف مادياً سواء للعائلات التي تتولى مهمة توفيرها من الخارج أو على الأسير ذاته إن أراد شراء بعضها على نفقته الشخصية، مشيراً إلى أنّ توفير مستلزمات الدراسة تأتي نتيجة إضراب الأسرى عن الطعام، ومعارك قاسية مع الاحتلال، وليس كرما منه.

وعن المعيقات التي واجهها المحرر الفلسطيني أثناء مسيرته التعليمية في المعتقلات الإسرائيلية، قال: "يعاني الأسير من تحديد نوعية وكمية الكتب التي يجب أن يمتلكها وارتفاع أسعارها، فضلاً عن تلف الكتب ومصادرتها أثناء عمليات قمع الأسرى وتفتيش غرفهم في جنح الظلام، بجانب الضغط النفسي الذي يعيشه الفلسطيني طوال مكوثه في الأسر".

ونبّه جرادات إلى أنّ قرار إدخال مستلزمات الدراسة يتحكّم به السجان الإسرائيلي، الأمر الذي يجبر الأسرى على الانتظار عدة أسابيع أو أشهر إلى أن تسمح إدارة السجن بإدخالها، مبيّناً أنه علّم مئات الأسرى اللغتين العبرية والإنجليزية طوال فترة مكوثه في السجن.

وبعد عشر سنوات من الأسر، سمح الاحتلال لهلال بإكمال تعليمه، ليتمكن خلال فترة أسره من نيل درجة البكالوريوس من الجامعة العبرية تخصص تاريخ وعلوم سياسية بمعدل جيد جداً، وبعد التحرر وإبعاده قسراً إلى قطاع غزة، حصل على شهادة بكالوريوس ثانية، بينما بدأ حديثاً دراسة الماجستير.

وبسبب قدراته في لغات عدة، تولّى هلال مهمة التحدث مع وسائل الإعلام، بهدف نقل رسالة الأسرى بكل وضوح بعيداً عن التحريف الذي قد يحدث في الترجمة، ومقابل ذلك، كان جنود الاحتلال يتجنبون الحديث في الأمور الحساسة في حضور هلال خشية من كشف أسرارهم.

وينتقد جرادات عدم اهتمام الجهات المحلية الفلسطينية بقرابة 150 محرراً فلسطينياً يجيدون اللغة العبرية، رغم أهمية اللغة في متابعة الاحتلال وجمهوره عن كثب، متمنياً أن يتمكن من إنشاء محطة تلفزيونية باللغتين العبرية والروسية تهتم بنصرة القضية الفلسطينية والتصدي للدعاية الإسرائيلية.


اقرأ أيضا:الاحتلال يواصل اعتقال 54 أسيرًا من محرري "وفاء الأحرار"‏

المساهمون