هيئات حقوقية تصعّد ضد رفض منح تأشيرات "شنغن" للمغاربة

هيئات حقوقية تصعّد ضد رفض منح تأشيرات "شنغن" للمغاربة

20 أكتوبر 2022
تقليص منح التأشيرات يعد انتهاكاً صارخاً للحق في التنقل (فاضل سينا/فرانس برس)
+ الخط -

تدخل المعركة التي تقودها جمعيات حقوقية مغربية في مواجهة تشدد وتقليص دول الاتحاد الأوروبي عدد تأشيرات الدخول الممنوحة للمواطنين المغاربة منعطفاً جديداً، بعد أن تقرر الانتقال إلى صيغ أخرى للتحرك من أبرزها اللجوء للقضاء والأمم المتحدة.

وأعلن "الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان"، مكون من 21 هيئة مدنية وحقوقية مستقلة، عن تحرك عملي لمواجهة ما أسماه بـ"الإجراءات التعسفية"، التي تقدم عليها سفارات دول الاتحاد الأوروبي بخصوص رفض منح تأشيرات دخول التراب الأوروبي لفئات عريضة من المغاربة.

وقال الائتلاف المغربي، في بيان له، إنه سيشرع في بلورة صيغ للتحرك والترافع من أجل ضمان احترام حق التنقل من طرف سفارات الدول المعنية، احتراما منها للقانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي يضمن الحق في التنقل من دون قيود أو حصار.

وفي السياق، طالب الائتلاف الحقوقي كل المتضررين والمتضررات، الذين يعانون من تعسفات مصالح سفارات دول الاتحاد الأوروبي بالمغرب، مدّ الائتلاف بحالاتهم مرفقة بالبيانات اللازمة على البريد الإلكتروني للائتلاف.

وبحسب منسق "الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان" عبد الإله بن عبد السلام، فإن صيغ التحرك والترافع ضد سلوكات سفارات دول الاتحاد الأوروبي في تعاطيها مع طلبات التأشيرة مفتوحة على جميع المسارات، بما فيها المسار القضائي ومسار اللجوء إلى المقررين الأمميين من أجل" إلزام تلك الدول باحترام المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وإيقاف التعسفات التي تمارسها، في وقت تدعي فيه تلك الدول أنها تحمي حقوق الإنسان وتطالب دولا أخرى بالالتزام بها".

وأوضح بن عبد السلام، في حديث لـ"العربي الجديد " اليوم الخميس، أن رفض منح التأشيرات يعد" انتهاكاً صارخاً للحق في التنقل ومصادرة له وتعسفا، لا سيما في ظل تسجيل رفض منح التأشيرة لعدد من المواطنين كانوا بصدد السفر للعلاج أوالدراسة"، لافتاً إلى أن الائتلاف شرع في تلقي أولى الحالات المتضررة من الرفض الأوروبي لمنح التأشيرات مرفقة بالبيانات اللازمة.

ويأتي ذلك، في وقت قررت فيه المحكمة الإدارية في مدينة نانت الفرنسية، الخميس الماضي، إلغاء 23 قراراً تنص على رفض تأشيرات عمل لمغاربة راغبين في العمل في فرنسا، مع إصدار أمر قضائي إلى وزارة الداخلية الفرنسية بإصدار التأشيرات.

وأثار قرار الدول الأوروبية تقليص التأشيرات الممنوحة للمغاربة غضبا، كان من أبرز صوره تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي بالرباط، بداية الشهر الجاري، للتنديد بحرمان السفارة الفرنسية، على وجه الخصوص، عشرات الآلاف من المغارب التأشيرة من دون مبرر قانوني، وبخلفية سياسية تمييزية، وذلك تحت شعار: "حقوق الإنسان لا تقبل المساومة يا ماكرون".

وانتقل الغضب الشعبي في المغرب، الذي تقوده منظمات حقوقية، مع استمرار رفض السلطات الأوروبية، وخصوصاً الفرنسية، منح عدد من المغاربة تأشيرات دخول إلى أراضيها، إلى مرحلة جديدة، بعد أن تقدمت بشكوى أمام اللجنة الأممية المعنية بالحقوق المدنية والسياسية.

وفي الأسابيع الماضية، بدا لافتاً اتّساع دائرة رفض منح تأشيرات لفئات، لتشمل وزراء ومسؤولين سابقين وأطباء ومهندسين كانوا ينوون المشاركة في لقاءات علمية تحتضنها فرنسا، إلى جانب فنانين ورجال أعمال وطلاب ومواطنين اعتادوا زيارة فرنسا منذ سنوات طويلة والحصول على تأشيرات طويلة الأمد.

وكانت الحكومة الفرنسية قد قررت، في سبتمبر/أيلول من عام 2021، "تشديد شروط منح تأشيرة الدخول" للمتقدّمين من دول المغرب العربي الثلاث؛ تونس والجزائر والمغرب. وخفّضت العدد السنوي المسموح به بنسبة 30% للتونسيين و50% للجزائريين والمغاربة. لكن بعد مرور نحو عام على تلك الإجراءات، خُفّفت القيود المفروضة عن التونسيين والجزائريين، فيما ازدادت حدّة بالنسبة إلى المغاربة، الأمر الذي أثار غضباً متصاعداً في البلاد، وصل إلى حدّ المطالبة بمقاطعة المنتجات الفرنسية ومعاقبة باريس. وقد بدا ذلك واضحاً من خلال مطالب برلمانية لوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بـ"إعادة النظر في المقاربة الرسمية المعتمدة من قبل المغرب، وخصوصاً بالنسبة إلى الدول التي تفرض التأشيرة على المغاربة في إطار المعاملة بالمثل"، إلى جانب "فرض استخلاص الرسوم في المطارات" على الدول التي تشترط على المغاربة الحصول على تأشيرة مسبقة للدخول.

تجدر الإشارة إلى أنّ إجمالي عدد المغاربة الذين تقدّموا بطلب الحصول على تأشيرة الاتحاد الأوروبي "شنغن" بلغ في العام الماضي 157 ألفاً و100 شخص، فيما جرى رفض 39 ألفاً و520 طلباً، وهو ما يمثّل إجمالي 27.6%، الأمر الذي يعني أنّ معدّل الرفض أعلى بكثير مقارنة بمتوسط معدّل الرفض العالمي لطلبات تأشيرة "شنغن".

وقد كشف تقرير صادر عن الهيئة العامة للأجانب في فرنسا أنّ القنصليات الفرنسية في المغرب أصدرت 69,408 تأشيرات فقط في عام 2021 مقارنة بـ342,262 تأشيرة في عام 2019، و98 ألف تأشيرة في عام 2020، على الرغم من تقييد السفر الدولي على خلفية أزمة كورونا الوبائية.

المساهمون