هذا هو مؤتمر الأطراف بشأن تغيّر المناخ قبيل انعقاد "كوب 28"

هذا هو مؤتمر الأطراف بشأن تغيّر المناخ قبيل انعقاد "كوب 28"

27 نوفمبر 2023
ينطلق مؤتمر "كوب 28" في 30 نوفمبر الجاري ويستمر حتى 12 ديسمبر المقبل (ساشا شويرمان/ Getty)
+ الخط -

ثلاثة أيام فقط تفصل العالم عن مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، أو "كوب 28"، فهذا المؤتمر يُعقَد بنسخته الثامنة والعشرين ما بين 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري و12 ديسمبر/ كانون الأول المقبل في دبي بالإمارات العربية المتحدة. وقبيل انعقاده، تُطرَح أسئلة حول ماهية هذا المؤتمر، وانطلاقته، وآلية عمله، والتوقّعات منه.

ما معنى "كوب"؟

مصطلح "كوب" أي "COP" باللغة الإنكليزية اختصار بالأحرف الأولى لـ"Conference of the Parties" أي "مؤتمر الأطراف"، علماً أنّ ثمّة 198 طرفاً (197 دولة بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي) وقّعت على "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ" أو "UNFCCC". وهذه الاتفاقية هي واحدة من ثلاث اتفاقيات أُقرّت في خلال "قمّة الأرض" التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو في البرازيل في عام 1992.

ومنذ 1995، تُعقَد مؤتمرات "كوب"، في كلّ عام، بمدينة مختلفة حول العالم (باستثناء كوب 26 الذي أُرجئ للعام التالي بسبب جائحة كورونا). وتُرقَّم نسخ مؤتمر "كوب" بحسب الترتيب الزمني. ففي عام 2023 الجاري، يأتي "كوب 28" بعد مؤتمر "كوب 27" الذي عُقد في عام 2022 بشرم الشيخ في مصر.

إلى جانب مؤتمرات "كوب" حول المناخ، تُعقَد كذلك محادثات ما يسمّى بـ"مؤتمر الأطراف في بروتوكول كيوتو" أو "CMP" و"مؤتمر الأطراف (195 طرفاً) في اتفاقية باريس" المبرمة في عام 2015.

تجدر الإشارة إلى أنّ ثمّة اجتماعات أخرى تُطلَق عليها كذلك تسمية "كوب" أو مؤتمر الأطراف، وهي ترتبط باتفاقيات أو معاهدات أخرى للأمم المتحدة، وتُعنى بمسائل مختلفة من قبيل التصحّر أو حماية الأراضي الرطبة. وفي ما يخصّ مؤتمر "كوب" حول التنوّع الحيوي، فهو يُعقَد مرّة كلّ عامَين، وقد التأم في نسخته الأخيرة "كوب 15" في مدينة مونتريال في كندا، عام 2022 وتوصّل الأطراف فيه إلى اتفاق عالمي غير مسبوق (حماية الطبيعة والحفاظ عليها في ثلث كوكب الأرض بحلول عام 2030).

ما الغرض من مؤتمر المناخ؟

في مؤتمرات "كوب" حول المناخ، ينبغي أن تؤدّي المناقشات بين قادة العالم إلى بيان ختامي، يُقرّ بالتوافق وليس بالتصويت، ويراعي المصالح والمواقف المختلفة، وهو يهدف في أفضل الأحوال إلى إحراز تقدّم في مكافحة أزمة المناخ. وعلى هامش هذه المفاوضات، التي تستمرّ عموماً لمدّة أطول من الجدول الزمني المحدّد لها، تلتقي مجموعات الضغط المختلفة وممثلو المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية.

في سياق متصل، وصفت الناشطة البيئية السويدية الشابة غريتا تونبرغ، البالغة من العمر عشرين عاماً، مؤتمرات "كوب" حول المناخ بأنّها آليات لـ"الغسل الأخضر"، أي إنّها تقدّم ادّعاءات مخادعة بشأن الممارسات البيئية الجيّدة. وقد لخّصت تونبرغ نتيجة نسخة سابقة من هذا المؤتمر بأنّها "مجرّد كلام".

وفي بعض نسخ مؤتمر "كوب" حول المناخ، لا تفضي النقاشات بين القادة إلى أيّ نتيجة ملموسة، فيما يتواصل الاحترار الأرضي والكوارث التي يتسبّب بها. ففي عام 2009، فشل مؤتمر "كوب 15" حول المناخ في كوبنهاغن (الدنمارك) في التوصل إلى اتفاق دولي، على الرغم من أنّه أقرّ في اللحظة الأخيرة نصاً سياسياً، وافقت عليه الصين والولايات المتحدة الأميركية.

في المقابل، طبعت نسخ أخرى من المؤتمر السنوي التاريخَ بطريقة أكثر إيجابيةً، بدءاً بـ"كوب21" في عام 2015. ففي خلال هذا المؤتمر، أُبرمت "اتفاقية باريس" التي كانت الأولى التي تضمّ مجمل الأسرة الدولية وتنصّ على حصر الاحترار العالمي بـ"أقلّ من درجتَين مئويّتَين" مقارنة بالحرارة التي كانت مسجّلة في العالم في الفترة التي سبقت الثورة الصناعية، وإذا أمكن بحدود 1.5 درجة مئوية.

أمّا في مؤتمر "كوب 26" في غلاسكو (اسكتلندا) الذي عُقد في عام 2021، فقد أُشير للمرّة الأولى إلى "الوقود الأحفوري" و"الفحم" بصفتهما سبباً رئيسياً للاحترار المناخي. لكن تحت ضغوط مارستها الهند والصين، دعا بيانه الختامي إلى "تخفيض" استخدام الفحم بدلاً من "التخلّي" عنه.

ما المتوقّع من "كوب 28"؟

من المقرّر أن يجمع مؤتمر "كوب 28" في دبي عدداً قياسياً من الشخصيات، نحو 80 ألفاً أو أكثر، بحسب الرئاسة الإماراتية للمؤتمر. وقد انتقد ناشطون مدافعون عن البيئة تعيين رئيس شركة "أدنوك" النفطية العملاقة المملوكة للحكومة الإماراتية، سلطان الجابر، رئيساً لمؤتمر المناخ، فيما دافع آخرون عن ذلك، وقد رأوا في الأمر فرصة لتناول موضوع التحوّل إلى الطاقة النظيفة، بطريقة ملموسة. في كلّ الأحوال، سوف يمثّل مستقبل الوقود الأحفوري مرّة جديدة جوهر النقاشات.

وتطرح الرئاسة الإماراتية للمؤتمر كذلك عدداً من الأهداف الملموسة لتحقيقها بحلول عام 2030، من بينها زيادة قدرة الطاقات المتجدّدة في العالم ثلاثة أضعاف، ومضاعفة تحسين كفاءة استخدام الطاقة، ومضاعفة إنتاج الهيدروجين.

وسوف يمثّل "كوب 28" كذلك فرصة لإجراء أوّل "تقييم عالمي" لـ"اتفاقية باريس". وفي هذا الإطار، خلص تقرير فنّي نشرته الأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول الماضي، بصورة غير مفاجئة، إلى أنّه يتوجّب على دول العالم بأسره "بذل مزيد من الجهود فوراً وعلى كلّ الجبهات" لمواجهة الأزمة المناخية.

وسوف يمثّل التمويل، كما العادة، محور نقاشات حادة، سواءً في ما يخصّ التمويل الذي وعدت به الدول الغنية للمساعدة في عملية التكيّف مع تغيّر المناخ، أو حول ترتيبات إنشاء صندوق لتمويل "الخسائر والأضرار" التي لحقت بالبلدان الأشدّ فقراً من جرّاء تغيّر المناخ.

ما أبرز مؤتمرات الأمم المتحدة للمناخ؟

يُقدَّم مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (كوب 28) الذي يُعقَد بعد أيام قليلة على أنّه الأكبر من نوعه على الإطلاق، علماً أنّ مؤتمرات المناخ التي كانت مميّزة بالفعل قليلة.

في عام 1990، نشر خبراء المناخ في الأمم المتحدة، في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ، تقريرهم الأوّل. وبعد عامَين، توصّلت "قمّة الأرض" التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، بحضور 150 رئيس دولة وحكومة، إلى إقرار الاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ. أمّا الهدف من هذه الاتفاقية فهو الحدّ من انبعاثات الغازات المسؤولة عن "مفعول الدفيئة" التي تؤدّي إلى الاحترار المناخي. وعُقد أوّل مؤتمر للأطراف "كوب 1" في برلين بألمانيا في عام 1995.

وفي عام 1997، عُقد مؤتمر الأطراف الثالث "كوب 3" في كيوتو باليابان، وسمح بإطلاق برتوكول يحمل اسم هذه المدينة. وكان ذلك أوّل اتفاق دولي بشأن المناخ يتضمّن أهدافاً ملزِمة لتخفيض انبعاث غازات الدفيئة بنسبة خمسة في المائة للدول الصناعية (باستثناء الولايات المتحدة الأميركية التي لم تصادق عليه). لكنّ "بروتوكول كيوتو" لم يسمح باحتواء زيادة الانبعاثات.

وفي ديسمبر/ كانون الأول من عام 2009، انتهى مؤتمر "كوب 15" في كوبنهاغن بنزاع حاد ما بين دول الشمال ودول الجنوب، إذ رفضت الولايات المتحدة الأميركية، بدعم من دول أخرى، أن تكون الاتفاقية الصادرة عنه ملزمةً. واختُتم المؤتمر من دون الميثاق الدولي المأمول. وحدّد النصّ هدف حصر الاحترار المناخي بدرجتَين مئويّتَين مقارنة بحرارة الأرض قبل الثورة الصناعية، لكنّه كان مبهماً فيما يتعلّق بوسائل تحقيق ذلك.

وفي عام 2015، تعهّدت الدول بحصر الاحترار المناخي بأقلّ من درجتَين مئويتَين مقارنة بمستويات الحرارة في فترة ما قبل الثورة الصناعية ومواصلة الجهود لحصره فقط بـ1.5 درجة مئوية. لكنّ التقييم الأوّل لتنفيذ "اتفاقية باريس"، التي نُشرت في ذلك العام، يُظهر أنّ الجهود المبذولة غير كافية، وقد دعت الأمم المتحدة دول العالم بأسره إلى "بذل مزيد من الجهود وفوراً على كلّ الجبهات".

وفي ختام "كوب 26" في غلاسكو، قدّم رئيس المؤتمر البريطاني ألوك شارما اعتذاره للعالم بتأثّر شديد، بعدما فشل في تضمين البيان الختامي هدف التخلّص من الفحم والنفط، إذ إنّ الهند والصين تمكّنتا من إدخال تعديلات عليه في اللحظة الأخيرة. وقبل الضرب بالمطرقة للمصادقة على النصّ، قال شارما بصوت غلب عليه التأثّر، فيما أغرورقت عيناه بالدموع: "أنا آسف بشدّة" لهذه النتيجة.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون