مكفوفو الصين يكافحون بأدوات ناقصة

مكفوفو الصين يكافحون بأدوات ناقصة

15 مارس 2023
في مدرسة للمكفوفين بووهان (Getty)
+ الخط -

يكافح المكفوفون في الصين من أجل الاعتراف بهم والنظر إلى معاناتهم في ظل الحواجز المادية، والتمييز في العمل، ونقص فرص التعليم، وتعتبر هذه الصراعات مألوفة لدى أفراد هذه الفئة من المجتمع، والذين يقدر عددهم بنحو 17 مليوناً. 
وتفصل المؤسسات التعليمية عادة الأطفال ذوي الإعاقة عن نظام التعليم المدرسي العادي كي تراعي احتياجاتهم الخاصة، ما يصّعب حصولهم على تعليم جامعي، وأيضاً دمجهم في المجتمع بعد التخرّج، علماً أن معظم المدارس العامة تعاني من نقص في توفير الاحتياجات المطلوبة للطلاب المعوقين بصرياً، مثل الكتب المدرسية بطريقة "برايل"، والأرصفة اللمسية في الحرم الجامعي، واللافتات العامة، والمعلمين الذين تلقوا تدريباً في مجال التعليم الخاص. 
وتفيد تقارير حكومية بأن 200 طالب فقط من المعوقين بصرياً في جميع أنحاء البلاد يجرى قبولهم في الجامعات الرئيسية كل عام. وترفض بعض المقاطعات السماح للطلاب المكفوفين بالخضوع لاختبارات قبول في الجامعات، كما تعارض العديد من المدارس تسجيل الطلاب الناجحين بحجة عدم وجود أوراق اختبار وكتب مدرسية إضافة إلى معلمين مؤهلين للتدريس بطريقة "برايل"، علماً أن الطلاب الذين يعانون من إعاقات بصرية لا يمكنهم الالتحاق إلا بأربع جامعات في الصين، واختيار ثلاثة تخصصات فقط هي: الوخز بالإبر، والتدليك، وعزف الموسيقى.
تقول سون يانغ، وهي أم لطفل فقد بصره في سن الثالثة بعدما خضع لعملية جراحية غير ناجحة في عينيه، لـ"العربي الجديد": "نقيم منذ 15 عاماً في بكين، واخترنا العاصمة لأنها أكثر تقدماً في تقديم الخدمات للمكفوفين مقارنة بباقي المدن الصينية، لكن حين بلغ ابني الرابعة عشرة، اكتشفنا أن هذه الخدمات لا تخضع لتحديث، ولا تغطي جميع المرافق في المدينة، ما يعني أنها لا تكفي لتلبية احتياجاتهم".
تضيف: "يستخدم ابني تطبيقات إلكترونية صوتية للتنقل بين منطقة وأخرى، لأن تقنية برايل لا تغطي جميع محطات الحافلات، كما أن الأرصفة غير مجهزة ولا تتضمن الإرشادات والتعليمات الأساسية، في حين تعتبر بعض اتجاهات لوحات اللمس خاطئة وغير دقيقة، ما يعرّض المكفوفين لمخاطر. وبين أهم المشاكل التي تواجه من يعانون من إعاقات بصرية، عدم وجود مدارس كافية لتعليم طريقة القراءة بتقنية برايل، والذي يقتصر على مدارس متخصصة في تقديم هذه المواد بالحد الأدنى، وبطرق بدائية غالباً لا تواكب تطور العصر والحداثة التكنولوجية".

الصورة
أحد عوائق الدمج في المدارس قص الكتب المنشورة بطريقة "برايل" (Getty)
نقص الكتب المنشورة بطريقة "برايل" (Getty)

ويعلّق جيانغ شو، العضو في الاتحاد العام للمكفوفين، بالقول لـ العربي الجديد": "عندما تتحدث عن تعليم المكفوفين، فهم أولاً وقبل كل شيء مواطنون يعيشون في نفس العالم مثل أي شخص آخر، ويحتاجون بالتالي إلى نفس مكتسبات المعرفة. كل ما في الأمر أنهم يحتاجون إلى بعض الأساليب الخاصة للتعويض عن قدرات يفتقرون إليها".
ويشير إلى أن "الأطفال ذوي الإعاقات البصرية يمكن أن يتعلموا طريقة برايل في مدارس متخصصة تديرها وزارة التعليم حتى تخرجهم من المدرسة الإعدادية، كما تتوفر دورات برايل مجانية للبالغين في مراكز متخصصة تموّلها الحكومة، لكن ذلك لا يكفي لضمان محو الأميّة الجماعية للمعوقين بصرياً". 
ويوضح أن "أقل من نسبة 10 في المائة من ضعفاء البصر في الصين يمكنهم القراءة بطريقة برايل، إذ لا توجد سوى 26 مدرسة تقدم هذه المواد، وغالباً يجرى تدريس اللغة على مستوى أساسي فقط".

ويلفت إلى أن "أحد عوائق الدمج في المدارس العامة هو نقص الكتب المنشورة بطريقة برايل. ومطبعة برايل الصينية ومقرها بكين هي المطبعة الوطنية الوحيدة غير الربحية التي تقدم كتب برايل وبعض المجلات ذات الحجم الكبير، لكن إنتاجها لا يتجاوز كتاب برايل واحد لكل 300 شخص معوق بصرياً، وجزء كبير من المطبوعات أكاديمي لا يلبي احتياجات الحياة اليومية والترفيهية للمكفوفين، وهذا العجز دفع الأشخاص المعوقين بصرياً الذين لا يعرفون طريقة برايل للجوء إلى الكتب الصوتية. وحالياً يستخدم حوالي 60 في المائة من القراء ذوي الإعاقة البصرية كتباً صوتية تفشل في تلبية كل احتياجات المكفوفين، بسبب نقص التمويل والموظفين والمحتوى الجيد".
وفي ظل التقصير الواضح في الخدمات الخاصة بالمكفوفين في الصين، تقدم منظمات غير حكومية خدمات مجتمعية لهم، من خلال تجنيد متطوعين لتسجيل كتب صوتية وأدلة نطق لغة الماندرين من أجل مساعدة من يعانون من إعاقات بصرية في تحسين قدرتهم التنافسية في سوق العمل. 
ويرى القائمون على هذه المؤسسات أن أهم جزء في التعليم هو إعادة ذوي الإعاقات البصرية إلى المجتمع، لإخبارهم أنه ليس عليهم فقط أن يصبحوا مدلكين وموسيقيين، ولكن يمكن أن يفعلوا أشياء أخرى مهمة ومفيدة للمجتمع، مثل أي فرد آخر.

المساهمون