مصر: أهالي سيناء يشربون مياهاً ملوثة

مصر: أهالي سيناء يشربون مياهاً ملوثة

19 مايو 2023
يطالب أهالي سيناء بمياه شرب نظيفة (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

كثيراً ما أعلنت الدولة المصرية عن مشاريع تنموية في سيناء وتحسين البنى التحتية فيها، وخصوصاً بعد القضاء على الإرهاب. ويتصدر تلك المشاريع قطاعا الكهرباء والمياه، إلا أن العمل في القطاع الأخير كان سريعاً من خلال نقل مياه النيل إلى سيناء، وذلك لاستصلاح أراضي الجيش التي بدأ في زراعتها أخيراً، في حين ترك سكان سيناء للشرب من مياه البحر.
ويشكو مواطنون في سيناء من أن المياه التي تصل إلى منازلهم ذات لون ورائحة كريهة ولا يمكن شربها، ويمكن الاستفادة منها في الأعمال المنزلية فقط، ما يضطرهم إلى شراء مياه للشرب، وبالتالي دفع مبالغ مالية إضافية في ظل الغلاء وعدم توفر فرص عمل في محافظة شمال سيناء. 
ويقول الناشط السيناوي هشام الشعراوي على صفحته على موقع "فيسبوك": "المياه التي توصل (تصل) إلى بيوتنا مش مضبوطة (ليست جيدة) وربنا يستر علينا وعلى أولادنا من الأمراض، وعايز (أريد) حد (شخص) من شركة المياه يكذبني (أن يقول إن ما أدعيه غير صحيح)، والله لو ما رجعت مياه النيل لينا (إلينا) ثاني (مجدداً) غير نشوف (سنرى) أمراض وبلاوي (مصائب) لا طاقة لنا بها، يا ناس على قد ما تقدروا (بقدر ما تستطيعون) اشربوا مياه معدنية أو هاتوا جراكن مياه نيلي من الإسماعيلية للشرب زي ما كنا بنعمل كده (كما كنا نفعل) في الثمانينات، طالبوا بأقل حقوقكم في توصيل مياه النيل للعريش من ثاني (مجدداً) وإلا فقد أعذر من أنذر، الكلام ده مش للتخويف، الكلام ده عشان نصحى ونفوق (حتى نستيقظ) ونطالب بحقوقنا الضائعة".
من جهته، يقول أحد سكان حي الفواخرية في مدينة العريش لـ"العربي الجديد": "بتنا نعرف أمراض الحصى والكلى نتيجة المياه الملوثة التي تصل إلى البيوت ونشرب منها نحن وأطفالنا ومرضانا. رفعنا عشرات الشكاوى المثبتة بالفيديوهات والصور لتلوث المياه التي تنزل من صنابير المياه في المنازل، إلا أن أحداً لم يحرّك ساكناً لتحسين وضع المياه، علماً أن المسؤولين الحكوميين تحدثوا عن تحسن ظروف البنى التحتية في سيناء وافتتاح محطات ومشاريع تحلية مياه، بالإضافة إلى مشاريع استراتيجية لإيصال مياه نهر النيل إلى شمال سيناء، إلا أن المواطن لا يزال يعاني الأمرين للحصول على مياه للشرب".
ولطالما سجلت سيناء انقطاعاً للمياه لأيام طويلة، أو ضرر يصيب خطوط المياه من دون أن تستجيب الشركة القابضة للمياه لمناشدات المواطنين وطلباتهم بضرورة إصلاح الأعطال وصيانة الخطوط بشكل دوري، الأمر الذي يزيد من معاناتهم في القطاعات الحيوية، كالمياه والكهرباء والاتصالات، على الرغم من الحديث الدائم عن تطوير وتحسين الوضع المعيشي في سيناء، بعدما عاشت سنوات من الحرب على الإرهاب، تضمنت معاناة وخسائر في أرواح وأعمار المواطنين في سيناء.
وتقول الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف في شمال وجنوب سيناء على موقعها الإلكتروني إنها تعمل جاهدة على توفير مياه الشرب النقية لشمال وجنوب سيناء، وتتنوع مصادر المياه المستخدمة في ذلك ما بين مياه نهر النيل ومياه الآبار وتحلية مياه البحر. وأطلقت الشركة مشاريع عدة لزيادة نصيب سكان سيناء من مياه النيل وزيادة طاقة محطات ترشيح المياه، حيث تقوم الشركة بمعالجة مياه الصرف الصحي وتنفق لإنشاء بنية أساسية لشبه جزيرة سيناء تغطي ثلث مساحة جمهورية مصر العربية، وهي مساحة شبه جزيرة سيناء، ما يعني أننا بصدد مد خطوط مياه لمسافات كبيرة.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وتعقيباً على ما سبق، يقول مصدر محلي في مدينة العريش لـ"العربي الجديد"، إن مياه النيل التي تصل إلى سيناء من خلال ترعة السلام والمشاريع الأخرى التي جرى إنشاؤها خلال السنوات الأخيرة، ليست مخصصة لاستخدام المواطنين، وإنما جاءت لري المشاريع الزراعية في الأراضي التي جرى استصلاحها بمعرفة الهيئات الاقتصادية الحكومية التابعة لوزارة الدفاع على مساحات واسعة من سيناء، وخصوصاً المناطق الممتدة من قناة السويس وحتى بئر العبد. يضيف أن "مصادر توريد المياه إلى المواطنين في سيناء تتلخص في محطات تحلية مياه البحر، والآبار الجوفية، إلا أن المواطنين يضطرون إلى البحث عن بدائل أخرى بشراء المياه المحلاة، في ظل عدم رضاهم عن نوعية المياه الواردة إلى المنازل".

يشرب أهالي سيناء من مياه البحر (خالد دسوقي/ فرانس برس)
يشرب أهالي سيناء من مياه البحر (خالد دسوقي/ فرانس برس)

ويوضح أن "مشكلة المياه تعد من أهم القضايا الموجودة على سلم الأولويات في التنمية الشاملة التي تطمح إليها الدولة المصرية في سيناء في قطاعات البنى التحتية وتحسين الخدمات المقدمة للجمهور، وخصوصاً في ظل زوال العائق الأمني الذي كان حائلاً دون تنفيذ المشاريع أو إتمامها بالشكل المطلوب"، مشيراً إلى أن "جزءاً من المشكلة التي يطرحها المواطنون حقيقي، ويتمثل في جداول وصول المياه للمنازل، وكفاءة المياه كونها لا تتساوى مع مياه النيل التي كانت تورد من القنطرة إلى مدن شمال سيناء، ولا مع المياه المشتراة من المحال التجارية، وقد يصعب الوصول إلى النسبة المطلوبة من نظافة المياه، إلا أنها في الوقت نفسه صحية وغير مؤذية في حال استخدامها الآدمي".
ووفقاً للبيانات الحكومية المصرية المنشورة، يبلغ إجمالي الأراضي المترتب ريها على ترعة الشيخ جابر الصباح من خلف سحارة السلام من مياه النيل داخل شمال سيناء حتى وادي العريش 400 ألف فدان شرق قناة السويس، موزعة علي النحو التالي: منطقة سهل الطينة 50 ألف فدان، ومنطقة جنوب القنطرة شرق 75 ألف فدان، ومنطقة رابعة زمام 70 ألف فدان، ومنطقة بئر العبد 86.500 فدان، ومنطقة السر والقوارير 85 ألف فدان، ومنطقة المزار والميدان 33.500 فدان. ويعتمد المزارعون المصريون في سيناء على المياه الجوفية ومياه السيول والأمطار في ري أشجارهم طوال العام.

أما المواطنون فيشربون هم وأشجارهم من خلال محطات تحلية مياه البحر، وهي محطة تحلية مدينة سلام مصر بطاقة إنتاجية إجمالية 250 ألف متر3/يوم تقوم بتغذية مدينة سلام مصر والهيئة الاقتصادية لقناة السويس، ومحطة تحلية الكيلو 17 غرب العريش على 3 مراحل بطاقة إنتاجية إجمالية 300 ألف متر3/يوم، تقوم بتغذية مراكز العريش وبئر العبد والشيخ زويد ورفح والحسنة ونخل، ومحطة تحلية العريش بطاقة إنتاجية 10 آلاف متر3/يوم، ومحطة تحلية الريسة، شرق مدينة العريش، بطاقة إنتاجية 5 آلاف متر3/يوم، ومحطتا تحلية في المساعيد بالعريش بطاقة إنتاجية إجمالية 10 آلاف متر3/يوم، ومحطتا تحلية بالشيخ زويد، وهما السكادرة 1 و2 بطاقة إنتاجية إجمالية 15 ألف متر3/يوم لتغذية جميع مناطق مدينة الشيخ زويد، ومحطتا تحلية برفح بطاقة إنتاجية إجمالية 11 ألفاً و200 متر3/يوم: إحداهما بطاقة إنتاجية 5 آلاف متر3/يوم، والثانية بطاقة إنتاجية 6200 متر3/يوم، ومحطة تحلية بو الجلود بطاقة إنتاجية 250 متر3/يوم، ومحطة تحلية بحيرة البردويل بمرسى إغزيوان بطاقة إنتاجية 600 متر3/يوم. 

المساهمون