لقاح كورونا خارج أولويات العراقيين

28 يوليو 2021
رواد الأسواق الشعبية بلا وقاية في العراق
+ الخط -

لم يتجاوز عدد متلقي لقاحات فيروس كورونا في العراق أكثر من 1.2 مليون شخص من أصل حوالى 30 مليوناً يتجاوزون سن الـ 18 جرت دعوتهم لتلقي التطعيم، وذلك رغم دعوات الحكومة والسلطات الصحية وتحذيراتها التي بلغت حد التلويح بتنفيذ إغلاق شامل في حال استمر "الإهمال الشعبي" في مواكبة الحملة. 
ويبدو جلياً أنّ شريحة كبيرة من العراقيين ما زالت ترفض التلقيح لأسباب عدة أهمها التشكيك الواسع في فعاليته، رغم الارتفاع الكبير في عدد الإصابات الذي أدخل البلاد في موجة ثالثة من تفشي الفيروس، والزيادة الواضحة في عدد الوفيات التي تعلنها بيانات وزارة الصحة، والتي تجاوزت الـ 70 يومياً في الفترة الأخيرة.

عدم اكتراث
تعزو وزارة الصحة ارتفاع عدد الإصابات إلى عدم اكتراث المواطنين بإجراءات الوقاية التي أصبح الالتزام بها شبه معدوم، خصوصاً الكمّامات والتباعد الاجتماعي، بينما تؤكد توافر كميات كبيرة من جرعات اللقاحات في المستشفيات ومراكز التطعيم التي لا تشهد إقبالاً "ما ينذر بكارثة قد تتسبب في انهيار القطاع الصحي" علماً أنّ البلاد أحصت 1.5 مليون إصابة حتى الآن، وأكثر من 18 ألف وفاة.

وتتعدد أسباب رفض العراقيين تلقي اللقاح أو تقليلهم من أهميته، إذ يتأثر البعض بدعوات دينية تربط تفشي الوباء وأهدافه بنظرية المؤامرة، في حين يشكك آخرون في فعاليته، ويتصرف بعضهم بقلة وعي لحجم الوباء، وعدم مبالاة بأخطاره.
واللافت أنّ أشخاصاً يتخوفون من التأثيرات الجانبية لتلقي اللقاح والأعراض التي تصاحبه، وبينها الشعور بالخمول وآلام في المفاصل. ولا يتردد البعض في التحدث عن انعدام فوائد اللقاح "لأنّه يقلل خطر الإصابة، ولا يمنعها بالكامل في المستقبل". وينتقد آخرون أيضاً "قلة مراكز التطعيم، التي تنتشر في المدن فقط ولا تصل إلى أطرافها والأرياف ومناطق بعيدة نسبياً، وكذلك الازدحام الكبير أمام هذه المراكز".

تهديد كورونا "ثانوي"
يقول الناشط البيئي محمد الطائي، الذي يشارك في حملة تهدف إلى توعية العراقيين في القرى والأرياف، حول ضرورة تلقي اللقاح سريعاً، لـ "العربي الجديد" إنّ "أشخاصاً كثراً لديهم مفاهيم خاطئة عن الوباء واللقاح في الوقت ذاته، إذ يعتبر بعضهم أنّ الوقاية تظل خياراً أفضل من أخذ لقاح يجعلهم تجارب مخبرية، في حين يضطر آخرون تحت ضغوط متطلبات العيش الصعبة والقهر الاقتصادي إلى التعامل مع تهديد كورونا باعتباره ثانوياً مقارنة بتهديد لقمة العيش". ويطالب الطائي الادعاء العام بـ"اعتقال رجال دين ومدونين يحرضون الناس على عدم تلقي اللقاح، ويعرّضون بالتالي حياة كُثر إلى خطر الموت".
وكانت منظمة الصحة العالمية أكدت، في بيان سابق خاطبت فيه العراقيين تحديداً، أنّ "لقاحات كورونا أداة أساسية في مكافحة الجائحة، وتتجاوز فوائدها أيّ آثار جانبية نادرة، لذا يجب الإسراع في التسجيل للحصول على التطعيم، إذ لا يمكن وقف الجائحة قبل أن يأخذ غالبية العراقيين الجرعات". ووصفت المنظمة الزيادة الأخيرة في إصابات كوفيد-19 في العراق بأنّها "مقلقة، لكنّ السيطرة على الوباء أمر ممكن عبر التطبيق الصارم للإجراءات الاحترازية".

اللقاحات متوافرة بكثرة والإقبال ضعيف (أحمد الرؤيبي/ فرانس برس)
اللقاحات متوافرة بكثرة والإقبال ضعيف (أحمد الرويبي/ فرانس برس)

موجة "أخطر"
تشدد عضوة الفريق الطبي الإعلامي في وزارة الصحة العراقية، ربى فلاح حسن، في حديثها لـ "العربي الجديد" على أنّ "الزيادة الكبيرة في عدد الإصابات مقلقة للغاية، خصوصاً بعد تسجيل أرقام قياسية لم يشهدها العراق حتى في بداية الجائحة، وهو ما تأثر بعدم التزام المواطنين بإجراءات الوقاية وتهاونهم في أخذ اللقاح". تضيف: "نواجه حالياً موجة تفشٍّ شديدة الخطر، وأسرع انتشاراً وتشمل إصاباتها كل الفئات العمرية بلا استثناء. لذا لا حلّ للأزمة إلّا بتلقي اللقاح المتوفر في كلّ المدن والمحافظات، علماً أنّ منظومتنا الصحية قادرة حتى الآن على استيعاب الإصابات الحرجة، لكنّ استمرار التهاون في تلقي اللقاح، سيجعلنا مهددين بمواجهة كارثة وبائية وصحية معاً".
ويؤكد المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء، حيدر مجيد، لـ "العربي الجديد" أنّ "البيانات الصادرة عن حال الوباء في البلاد تنذر بخطر كبير. ولا سبيل للنجاة من الوباء إلّا الالتزام بإجراءات الحماية وتلقي اللقاح الذي نجحت الحكومة في توفيره بكميات كبيرة". ويشدد مجيد على أنّ "الحكومة مستمرة في تقديم كلّ أنواع الدعم للكوادر الطبية والصحية من أجل مواجهة جائحة كورونا. وتدعو المواطنين إلى ضرورة تنفيذ توصياتها وتوجيهات الوقاية التي تتبناها، والتوجه إلى مراكز التطعيم للحفاظ على سلامة الجميع".

ويستخدم العراق ثلاثة أنواع من لقاحات كورونا، هي "فايزر/ بيونتيك" الأميركي/ الألماني، و"سينوفارم" الصيني، و"أسترازينيكا/ أوكسفورد" البريطاني/ السويدي المتوافر منذ مارس/ آذار الماضي. لكنّ البلاد تعاني من نقص كبير في التجهيزات الطبية لرعاية المصابين ومعالجتهم، ما يدفع مواطنين مصابين إلى أخذ أدوية وفيتامينات لمعالجة الفيروس في منازلهم، في حين اقتنى بعضهم في الفترة السابقة أسطوانات أوكسجين وضعوها في منازلهم لتفادي التوجه إلى مستشفيات متداعية القدرات والإمكانات.

المساهمون