كورونا: ماذا عن المعلمين؟

كورونا: ماذا عن المعلمين؟

03 فبراير 2021
التدريس ليس بسهل في زمن كورونا (بن هاستي/ Getty)
+ الخط -

 

توقعت دراسة للأمم المتحدة استندت إلى دراسات لمنظمة يونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة) أن فقدان ما معدله ثلاثة أشهر في العام الدراسي من شأنه أن يقود إلى تخلف 72 في المائة من الطلاب، إلى حدّ أنهم سيكونون لدى بلوغهم الصف العاشر إمّا قد تسربوا من المدارس، وإمّا فقدوا القدرة على تعلّم أي شيء في المدرسة. وقد تصل الخسائر الفردية مادياً إلى حوالي 16 ألف دولار من الإيرادات المفقودة، وهو ما سيعادل مع مرور الوقت ما مجموعه 10 تريليونات دولار من خسارة الإيرادات على مستوى العالم.

وتشير تقديرات اليونسكو إلى أن الأثر الاقتصادي لجائحة كورونا وحده قد يؤدي إلى تسرب عشرات الملايين ابتداءً من مرحلة ما قبل التعليم الابتدائي وحتى مرحلة التعليم العالي. أما بشأن التعليم عن بُعد فالدراسة نفسها تظهر التفاوت الحاد في الإفادة من هذه التقنية، تبعاً للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فقد ثبت أن التعلم عن بُعد يغطي في البلدان المرتفعة الدخل ما بين 80 إلى 85 في المائة من الحاجات الدراسية، في حين تنخفض هذه النسبة في البلدان المنخفضة الدخل إلى أقل من 50 في المائة. وتعزو الدراسة مثل هذا القصور بشكل كبير إلى الفجوة الرقمية، حيث يكون حصول المحرومين على الخدمات المنزلية الأساسية، مثل الكهرباء وخطوط الهاتف، محدوداً؛ كما يعانون من نقص في البنية التحتية التكنولوجية؛ وانخفاض مستوى الإلمام بالتكنولوجيا الرقمية بين الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين.

ولم يقتصر المردود السلبي على التلامذة والطلاب ولا سيما الأكثر هشاشة في أوضاع ذويهم الاقتصادية والمعيشية والتكنولوجية، إذ طاول المعلمين والعاملين في القطاع التربوي والتعليمي بما فيه التعليم العالي. فقد كشفت دراسة أجرتها راوبط للمعلمين في 93 بلداً، أن ما يقارب من الثلثين من العاملين في مجال التعليم في المؤسسات الخاصة قد تأثروا بشكل كبير. 

وتضرر المعلمون أصحاب العقود المؤقتة والمدربون والذين يعملون بالتعاقد أو بالساعة، وكذلك موظفو الدعم المدرسي أكثر من غيرهم. ووصل الأمر بالجامعات إلى الاستغناء عن قسم من أساتذتها هي الأخرى. كما أن المعلمين الذين يتولون تعليم أبناء اللاجئين مثلاً لا يجري الاعتراف بهم ضمن نظام التعليم الوطني، وهم في الغالب يتقاضون أجوراً مؤقتة ولا يحصلون على ضمانات. 

ومع تراجع قدرة الدول المانحة على تمويل المنظمات الدولية التي تهتم باللاجئين وتعليمهم، تعرض كثير من المعلمين لوقف المرتبات التي يحصلون عليها، وفقد قسم منهم وظائفهم وأجورهم المؤقتة أثناء إقفال المدارس. ونتيجة تراجع قدرات الأهل الاقتصادية والمادية عجز كثيرون منهم عن استمرار تسجيل أبنائهم في مدارس وجامعات القطاع الخاص، ما أدى إلى تناقص أعداد تلامذتها وطلابها، فعمدت إلى صرف معلمين وأساتذة، أو قامت بدفع نصف أو ربع الراتب الذي كانوا يتقاضونه. 

موقف
التحديثات الحية

ولعل انهيار المدارس الخاصة وتراجع الجامعات غير الحكومية، سواء منه في الحاضر أو في المستقبل، من شأنه أن يؤدي إلى اضطرار نُظُم التعليم العام لاستيعاب أعداد كبيرة من الطلاب الإضافيين، ما يتطلب زيادة أساتذة هم على الأغلب لا يحملون اختصاصاً في العلوم التربوية وطرائق التدريس للمواد وشهادات أكاديمية عالية. وعدم دفع مرتبات المعلمين والأساتذة مسألة لا تعيق توفير التعليم الجيد فقط على المدى القصير، بل إنها على المدى المتوسط والطويل تدفع المعلمين والأساتذة إلى ترك قطاع التعليم، واللجوء للبحث عن مصادر بديلة للدخل، ومع هذا النزف ستعاني المدارس والجامعات نقصاً في عدد ذوي  الخبرة المجربين، نتيجة ثبوت أن مهنة التعليم لا تحقق الاستقرار الاجتماعي والمعيشي لأصحابها، ما يدفع للإحجام عن ارتياد الجامعات، ولاسيما كليات التربية ودور المعلمين للطلاب والأساتذة الأكثر قدرة على التطور ومجاراة تقدم وتوسع العلوم والتكنولوجيا وغيرها كأدوات للتدريس الفعّال. 

*باحث وأكاديمي

المساهمون