"كورنيش إدلب".. متنفس الأهالي الهاربين من حر الصيف

17 يوليو 2023
أطراف المدن متنزه السوريين منذ سنوات (العربي الجديد)
+ الخط -

تعتبر أطراف المدن من الأماكن التي اعتاد السوريون الخروج إليها للتنزه والاصطياف بعيداً عن ضجة المدينة وحر فصل الصيف منذ سنوات طويلة، إلا أن فترة الحرب التي عاشتها إدلب، شمال غربي سورية، أبعدت الأهالي عن هذه الأجواء فترة من الزمن لتعود للانتشار بكثافة بعد الاستقرار النسبي الذي تعرفه المدينة.

على الطرف الغربي لمدينة إدلب، يفرش عبادة الأحمد بعض البسط القديمة على أحد الأرصفة بالمنطقة التي تعرف بـ"كورنيش إدلب"، ويرتب بعض الأدوات المنزلية قربه ويبدأ مراسم نشاطه المعتاد مع عائلته. يقول الأحمد لـ"العربي الجديد"، إنه يأتي يومياً مع عائلته إلى هذا المكان عصر كل يوم للهرب من حرارة الكتل الإسمنتية، ويعود في العاشرة ليلاً إلى المنزل بعد أن يكون قد أمضى كل هذا الوقت هنا.

مع بداية فصل الصيف يتحول المكان لمتنزه حقيقي وتشعر بأن أهالي المدينة خرجوا بالكامل إلى الأطراف والبراري هرباً من الحر. وبحسب الأحمد، يستحيل أن تجد مقعداً فارغاً، وهو ما دفعه لاصطحاب مفروشاته معه ليضعها بالمكان الذي يريد.

يحيط "كورنيش إدلب" بمعظم أنحاء المدينة تقريباً لكن الجزءين الغربي والجنوبي يضمان المناطق المأهولة والمستثمرة بسبب قربها من السكن، على امتداد أكثر من 3 كيلومترات من دوار المطلق باتجاه دوار الفلاحين، حيث يمكنك مشاهدة الأهالي يفترشون طرفي الطريق، بينما يستغل آخرون قربهم من حقول الزيتون ويفترشون الأرض تحت إحدى الأشجار للاستمتاع بظلها وإفساح المجال لأطفالهم للعب.

أما زياد فاضل، وهو مهجر من ريف دمشق، فيعتبر "مشوار الكورنيش" فسحة يومية تخفف عنه متاعب اليوم، وعن ذلك يقول لـ"العربي الجديد": "أقضي كل يوم نحو نصف ساعة مع عائلتي في هذا المكان، لا أغادر سيارتي، بسبب ضيق الوقت أكتفي بالتجول من أول الكورنيش لآخره دون أن أجلس في مكان محدد، فبمجرد رؤيتك للناس والمكان الذي يضج بالحركة تنتعش بك مشاعر الحياة من جديد، تشعر بأن الحياة مستمرة رغم كل الظروف القاسية التي يعيشها الناس في إدلب".

يتابع فاضل: "أحيانا تسرقني الذاكرة وأعود لأيام طريق المطار قرب دمشق، يذكرني توافد الناس لهذا المكان بتلك الأيام لا سيما بعد انتشار مكنات القهوة وعربات الباعة الجوالين على أطراف الطريق، قد تكون زيارتي لهذا المكان لاستنهاض ذاكرة قديمة أكثر منها للبحث عن متنفس للعائلة".

وشجع اكتظاظ المكان بالأهالي كثيرين على الاستثمار في تقديم الخدمات، عبر إنشاء مقاه على جانبي الطريق أو تقديم خبز التنور والفطائر أو الذرة وبيعها للأهالي.

يقول مصطفى السيد خالد، وهو صاحب عربة بيع ذرة، إنه يبحث عن الأماكن المزدحمة بالناس ليبيع ما يجهزه كل يوم من عرانيس الذرة وقد اعتاد على ارتياد الحدائق العامة خلال فصل الشتاء بينما يرتاد الكورنيش في فصل الصيف.

يشتري مصطفى البضاعة التي يحتاجها مع ساعات النهار الأولى لتكون جاهزة في الساعة السادسة وينتظر قدوم زبائنه، ويقول إن هذا العمل رغم متاعبه إلا أنه يؤمن لأطفاله قوت يومهم، وقد شجعه توافد الإدلبيين بكثرة إلى المكان على بيع أشياء إضافية مع الذرة.

أما نعسان اليوسف فقد جهز منذ فصل الربيع جلسة خاصة على أحد الأرصفة زودها بمقاعد وطاولات وبدأ باستقبال زبائنه، يقدم فيها المشروبات الباردة والساخنة، وقد وجد أن حركة الزبائن في مكانه الجديد أفضل من داخل المدينة نتيجة توافد الأهالي الخارجين أساسا للتنزه.

المساهمون